واقع مرير يحاصر السوريين في لبنان

لاجئون يعيشون بين حلم ضائع وترحيل قد ينتهي بالإعدام
لاجئون يعيشون بين حلم ضائع وترحيل قد ينتهي بالإعدام

الأربعاء - 10 يوليو 2024

Wed - 10 Jul 2024




اثنان من اللاجئين السوريين ينظران في ترقب                                           (مكة)
اثنان من اللاجئين السوريين ينظران في ترقب (مكة)

فيما تتزايد الأزمة في أوروبا حول المهاجرين، يواجه السوريون في لبنان واقعا مريرا وعداء متزايدا من السكان والحكومة، بعدما أصبحوا مطالبين بالعودة إلى وطنهم أو العيش محاصرين، وفق تحليل لمجلة فورين بوليسي الأمريكية.

عد التحليل أن السوريين الذين فروا من بلادهم منذ بداية الحرب الأهلية 2011، ووصل عددهم حاليا إلى ما بين 1.5 مليون لاجئ على الأراضي اللبنانية، أصبحوا كبش فداء لمشكلات لبنان الداخلية.

وأوضحت المجلة أن هناك نحو 800 ألف شخص منهم تم تسجيلهم بشكل رسمي لدى الوكالات الأممية الخاصة باللاجئين.

ورغم أن بعضهم يعمل في قطاعي الزراعة والبناء، فإن 9 من بين كل 10 أشخاص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

كبش فداء
ذكرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أنه مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في لبنان على مدار السنوات الـ5 الأخيرة، أصبح اللاجئون كبش فداء سهلا لمشكلات البلاد.
وخلال الأشهر الأخيرة واجهوا العنف والكراهية من بعض المواطنين اللبنانيين، فضلا عن الاعتقالات والترحيل والتعذيب على يد الحكومة.
وأشار التحليل إلى أنه نتيجة هذه الظروف يشعر اللاجئون السوريون بأنهم في حصار بين الحلم البعيد المتمثل في الاستقرار في أوروبا، وبين المناخ العدائي في لبنان، والخوف من الترحيل إلى وطنهم، إذ يمكن أن يواجهوا أحكاما بالإعدام.
ويسعى لبنان منذ 2022 إلى تنفيذ عودة طوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم، بدعوى أن مناطق كثيرة في سوريا باتت آمنة في الوقت الحالي.

ضغط أوروبي
وفق المجلة الأمريكية، فقد أرجعت السلطات اللبنانية ذلك أيضا إلى أن هناك أزمة اقتصادية حادة في البلاد، ناجمة عن استيعاب هذا العدد الكبير من اللاجئين، وأشارت إلى أن أحد أسباب المساعي اللبنانية أيضا، جاء بعدما عادت سوريا إلى جامعة الدول العربية، مما عزز جهود إعادة اللاجئين.
وبالتواكب تضغط دول أوروبية مثل قبرص والدنمارك على الاتحاد الأوروبي لاعتبار مناطق معينة في سوريا آمنة، لكن منظمات حقوقية دولية مثل «العفو الدولية» تعد أن مثل هذه الخطوة ستمثل انتهاكا لمبدأ عدم العودة القسرية للاجئين، الذي يحظر إعادة اللاجئين إلى دول يمكن أن يواجهوا فيها التعذيب أو الاضطهاد.
وحينما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في مطلع مايو الماضي، عن مساعدات للدولة اللبنانية بقيمة مليار يورو (1.07 مليار دولار)، كان الهدف الأساس منها هو الحد من الهجرة غير الشرعية للاجئين السوريين إلى قبرص.

تصعيد لبناني
شهد ملف اللاجئين السوريين في لبنان تصعيدا غير مسبوق في الفترة الأخيرة من الحكومة اللبنانية، التي تسعى إلى ترحيلهم بكل الوسائل الممكنة، رغم تحذيرات المنظمات الحقوقية من مخاطر الإعادة القسرية إلى سوريا، التي تعد بلدا غير آمن حتى الآن.
وخلال الفترة الممتدة بين 25 أبريل و6 يونيو 2024، وصل إلى مرصد السكن موجة من بلاغات الإخلاء والتهديد بالإخلاء التي استهدفت السكان السوريين فقط، إذ بلغ عدد البلاغات 48 بلاغا. ومرصد السكن «منصة الكترونية تهدف إلى جمع البحوث وبناء المناصرة وطرح البدائل، لتعزيز الحق في السكن في لبنان»، وفق التعريف على الموقع الالكتروني الرسمي.
وعد المرصد هذه البلاغات نتيجة سلسلة من التعاميم التمييزية التي أصدرتها السلطات المحلية في لبنان ضد اللاجئين السوريين، مما أثر على 2500
شخص على الأقل.

أرقام حول السوريين في لبنان
  • 5.9 ملايين عدد سكان لبنان
  • 1.5 مليون عدد السوريين في لبنان
  • 1 سوري لكل 4 لبنانيين
  • 2 مليار دولار تسلمها لبنان لوقف ترحيلهم

ثقب أسود
في مارس الماضي أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بمقتل شابين اثنين تحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي في سجن صيدنايا، وبذلك يرتفع عدد الذين وثق المرصد مقتلهم تحت وطأة التعذيب داخل المعتقلات الأمنية التابعة للنظام السوري منذ مطلع 2024، إلى 14، بينهم ناشط سياسي وطالب جامعي وكاتب ومهندس. ولم يعد سجن صيدنايا العسكري في سوريا ثقبا أسود كما كان لسنوات طويلة منذ تأسيسه في ثمانينات القرن الماضي، إذ كشف تحقيق مطول بالتفاصيل الدقيقة ما يجري خارج أسواره وداخلها، وهيكليته وعلاقاته التنظيمية مع بقية المؤسسات الأمنية التابعة للنظام السوري.

مكان سري
التحقيق الذي عملت عليه «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا» لعام كامل، ونشرته في أكتوبر 2022، خطوة هي الأولى من نوعها بشأن هذا المعسكر الأمني الذي أطلقت عليه منظمة العفو الدولية قبل سنوات وصف «المسلخ البشري»، والسجن الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء. ويعد صيدنايا واحدا من أكثر الأماكن سرية في العالم، ولطالما بث اسمه الرعب في قلوب السوريين، وهؤلاء ارتبط ذكر هذا المكان عندهم بفقدان الأحبة وغيابهم، بينما حفر في ذاكرة المجتمع كثيرا من الأسى، وفق الرابطة الحقوقية.
وتسببت الزيادة الكبيرة في أعداد السوريين الذين وصلوا إلى قبرص من لبنان على متن قوارب الهجرة، في تعليق نيقوسيا وعدد من الدول الأوروبية معالجة جميع طلبات اللجوء المقدمة من السوريين موقتا في منتصف أبريل.

مسلخ بشري
أشار مرصد السكن إلى أن هذه العائلات تعيش في لبنان منذ سنوات، إذ استقر 35% منها في المنزل نفسه لأكثر من 5 سنوات، وتدفع جميعها قيمة إيجار مساكنها. وتتكلف النسبة الأكبر منها، حوالي 60%، بين 100 إلى 200 دولار شهريا، رغم أن ظروف السكن غالبا ما تكون غير صالحة. من جانبها أشارت فورين بوليسي إلى أن رأفت فالح (33 عاما)، وهو أحد المنشقين عن الجيش السوري الذي لجأ إلى لبنان 2022، اعتقلته السلطات اللبنانية في يناير، ثم اختفى بعد ذلك، وتواصلت المجلة مع أسرته في سوريا هاتفيا، وقالوا إنهم اكتشفوا أنه معتقل في سجن صيدنايا العسكري قرب دمشق، وهو سيئ السمعة، معروف بأنه مسلخ بشري.

الأكثر قراءة