بوادر بعث لحلف وارسو.. طموح خجول مدفوع بقوة بريكس
الأربعاء - 26 يونيو 2024
Wed - 26 Jun 2024
في أعقاب الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي، شهد العالم تحولا جذريا في موازين القوة السياسية والاقتصادية، ولكن في السنوات القليلة الماضية بدأت تظهر بوادر لبعث جديد للمعسكر الشرقي، متمثلة في صعود قوة اقتصادية جديدة: دول مجموعة بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا).
بالإضافة إلى ذلك، تعززت العلاقات الثنائية بين روسيا وكل من الصين، الهند، وكوريا الشمالية، مما يشير إلى تشكل محور جديد يمكنه تحدي الهيمنة الغربية.
تأسست مجموعة بريكس كمنتدى للحوار والتعاون بين الاقتصادات الناشئة الأكثر تأثيرا في العالم. تهدف المجموعة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين أعضائها وتقوية دورها في النظام العالمي.
منذ إنشائها، حققت بريكس تقدما ملموسا في مجالات التجارة، الاستثمار، والتنمية.
تأسست مجموعة بريكس في عام 2006 كمنتدى اقتصادي وسياسي يضم البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا.
تهدف المجموعة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين أعضائها، وتقليل الاعتماد على المؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
تضم دول بريكس بعضا من أسرع الاقتصادات نموا في العالم.
الصين، على سبيل المثال، أصبحت ثاني أكبر اقتصاد عالمي، في حين أن الهند تواصل تحقيق معدلات نمو مرتفعة.
روسيا، رغم التحديات الاقتصادية، تظل قوة عالمية بفضل مواردها الطبيعية الهائلة وقدراتها العسكرية.
البرازيل وجنوب أفريقيا، رغم التحديات الداخلية، تظلان لاعبين رئيسيين في اقتصادات أمريكا الجنوبية وأفريقيا على التوالي.
العلاقات بين روسيا والصين شهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة. التعاون بين البلدين يمتد ليشمل مجالات متعددة مثل الطاقة، التكنولوجيا، والدفاع.
الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في مجالات النفط والغاز تعزز من مكانة روسيا كمورد رئيس للطاقة إلى الصين، في حين تستفيد روسيا من التكنولوجيا والاستثمارات الصينية.
الصين أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم بفضل سياساتها الاقتصادية الطموحة والإصلاحات الهيكلية. الاستثمار في البنية التحتية، التكنولوجيا، والتعليم، أسهم في تحويل الصين إلى مركز صناعي وتكنولوجي عالمي.
بالإضافة إلى ذلك، مبادرة «الحزام والطريق» تهدف إلى تعزيز التجارة والبنية التحتية العالمية، مما يزيد من نفوذ الصين الاقتصادي والسياسي.
تمتد العلاقات بين روسيا والهند لعقود، ولكنها شهدت زخما جديدا في السنوات الأخيرة.
التعاون في مجال الدفاع يعد من أبرز محاور هذه العلاقة، حيث تعتبر روسيا المورد الرئيس للأسلحة إلى الهند.
بالإضافة إلى ذلك، التعاون في مجالات الطاقة النووية والفضاء يعكس عمق الروابط الثنائية بين البلدين.
الهند، بدورها، شهدت نموا اقتصاديا قويا بفضل قطاع تكنولوجيا المعلومات والخدمات، بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية التي جذبت استثمارات أجنبية.
قوة عاملة شابة وتعليمية تسهم في تعزيز مكانة الهند كأحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم.
التعاون مع روسيا والصين يعزز من قدراتها الاقتصادية ويفتح أمامها أسواقا جديدة.
أما العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية فتظل معقدة، ولكنها شهدت تحسنا واضحا مؤخرا.
التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين يعكس رغبة روسيا في تعزيز نفوذها في شبه الجزيرة الكورية ومواجهة النفوذ الأمريكي هناك.
على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها كوريا الشمالية، فإن علاقاتها القوية مع الصين وروسيا توفر لها الدعم اللازم للبقاء والمناورة على الساحة الدولية.
التعاون مع هذه الدول يعزز من موقف كوريا الشمالية ويمكنها من مقاومة الضغوط الغربية.
العديد من الدول الغربية أصبحت غارقة رغما عنها في هذا المعسكر الشرقي الجديد وتعتمد بشكل متزايد على سلاسل التوريد القادمة من الصين والهند. من الالكترونيات إلى المنتجات الاستهلاكية، حيث تستفيد من الإنتاج الشرقي منخفض التكلفة.
هذا الاعتماد يجعلها عرضة للتقلبات الاقتصادية والسياسية في تلك الدول.
تزايد النفوذ الشرقي يشكل تحديا جيوسياسيا للدول الغربية. التوترات التجارية والسياسية، مثل تلك بين الولايات المتحدة والصين، تعكس الصراع على السيطرة والنفوذ.
العقوبات الاقتصادية والنزاعات التجارية يمكن أن تؤدي إلى عدم استقرار اقتصادي عالمي.
أحد أبرز مظاهر الاعتماد الغربي على دول المعسكر الشرقي هو الدور الحاسم الذي تلعبه هذه الدول في سلاسل التوريد العالمية.
الصين، على سبيل المثال، تعد المصنع العالمي بفضل تكاليف الإنتاج المنخفضة والبنية التحتية المتطورة.
العديد من المنتجات التي يستهلكها الغرب تصنع في الصين، مما يجعل الاقتصاديات الغربية عرضة لأي اضطرابات في هذه السلاسل.
ومن جهة روسيا فهي تعد موردا رئيسيا للطاقة إلى أوروبا.
الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي يعكس مدى تأثير روسيا في السياسة الاقتصادية الأوروبية.
أي توترات سياسية بين روسيا والغرب يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في إمدادات الطاقة، مما يؤثر على الاقتصادات الأوروبية بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك يمكننا أن نرى بوضوح الاستثمارات الغربية في الصين والهند، حيث تعكس تكامل الاقتصاد العالمي.
الشركات متعددة الجنسيات تجد في هذه الأسواق فرصا هائلة للنمو والتوسع. هذا الاعتماد المتبادل يعزز من الترابط الاقتصادي ولكنه يجلب معه تحديات جديدة.
التوترات الجيوسياسية بين المعسكر الشرقي الجديد والغرب تشكل تحديا كبيرا.
العقوبات الاقتصادية، السياسات الحمائية، والنزاعات الإقليمية يمكن أن تعرقل التعاون الاقتصادي وتؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي.
في السنوات الأخيرة، عملت روسيا على تعزيز علاقاتها العسكرية بشكل علني مع الصين والهند وكوريا الشمالية من خلال مجموعة من الاتفاقيات الثنائية في مجالات التجارة، الطاقة، والدفاع، في تحدي صارخ للولايات المتحدة والناتو.
هذه الاتفاقيات تعكس رغبة روسيا في اعادة بعث حلف وارسو وأمجاد الاتحاد السوفييتي التي لطالما كان بوتين يتغنى بها، حيث يعمل بجد إلى توسيع نفوذ بلاده وتعزيز موقعها كقوة عالمية.
تعاون روسيا مع كل من الصين والهند في المجال العسكري وتغلغلهما في القارة السمراء يعكس رغبة هذه الدول في تعزيز قدراتها الدفاعية وتقليل اعتمادها على التكنولوجيا العسكرية الغربية.
التدريبات العسكرية المشتركة وصفقات الأسلحة الكبرى بين هذه الدول تعزز من قدراتها الدفاعية وتسهم في تأمين مصالحها الاستراتيجية.
MBNwaiser@