الجوع يدمر أدمغة أطفال غزة
أمهات يلجأن إلى علف الحيوانات لإطعام أطفالهن بعد اختفاء الحليب نهائيا
أمهات يلجأن إلى علف الحيوانات لإطعام أطفالهن بعد اختفاء الحليب نهائيا
السبت - 18 مايو 2024
Sat - 18 May 2024
فيما أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه لم يبق شيء تقريبا لتوزيعه في قطاع غزة، كشف تقرير حديث أن الجوع ونقص الغذاء يلاحقان أطفال غزة، نتيجة القصف الإسرائيلي الغاشم، وانتشار الأوبئة وخروج أغلب المؤسسات الصحية عن العمل.
وكشفت منظمة الصحة العالية أن 25 طفلا على الأقل توفوا بسبب مضاعفات مرتبطة بسوء التغذية، وقال التقرير الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أنه مع استمرار الحصار الإسرائيلي الذي تم تشديده منذ ستة أشهر، يواجه مئات الآلاف من الأشخاص في غزة خطر المجاعة، خاصة مع المعيقات لدخول المساعدات، واستهداف العاملين في المنظمات الإنسانية.
صدمات نفسية
ويقول أطباء وخبراء تغذية «إن الأطفال الذين ينجون من نقص التغذية والقصف المستمر والأمراض المعدية والصدمات النفسية، محكوم عليهم بمواجهة مشاكل صحية مدى الحياة».
وأكدوا أن سوء التغذية «سيحرم الأطفال من تطوير أدمغتهم وأجسادهم بشكل كامل، ونتيجة لذلك سيكون العديد منهم أقصر وأضعف جسديا».
ويعيش في غزة زهاء 2.3 مليون فلسطيني مما يجعلها واحدة من أعلى مناطق الكثافة السكانية في العالم. وحوالي 1.7 مليون من هذا العدد لاجئون أو أحفاد لاجئين طردوا أو فروا من منازلهم خلال حرب عام 1948.
ووفقا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» كان حوالي 81.5 بالمئة من السكان يعيشون في فقر حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة.
توقف الأدمغة
وخلال الفترة المقبلة سيكون هناك كميات أقل من الغذاء المتاح لأطفال غزة، خاصة بعد استهداف عمال إغاثة بغارة قتلت 7 منهم، مع دفع منظمات إنسانية لإعلان أنها ستعلق عملياتها بسبب استهدافهم في المعارك.
ويحذر رئيس قسم صحة الطفل في مستشفى الأطفال في تورونتو، الطبيب، ذو الفقار بوتا، من تلف أدمغة الأطفال، ويقول «ببساطة، إذا كنت تعاني من ضعف التغذية، فإن دماغك يتوقف عن النمو».
وعرضت الصحيفة حالة الرضيع، عاصم النجار، الذي ولد في أواخر ديسمبر الماضي، وكان وزنه يزيد عن 3.6 كلغم، وهو أعلى من المتوسط بالنسبة لطفل حديث الولادة، ولكن بعد أكثر من ثلاثة أشهر، بسبب حرمانه من الحليب والمواد التي يحتاجها للغذاء انخفض وزنه لأقل من 2.6 كلغم.
علف الحيوانات
وتقول هالة، والدة الطفل «إنها لم تعد قادرة على إرضاعه بسبب عدم توفر الغذاء لها أيضا»، وقال محمد والد الطفل «إنهم يعيشون على علف الحيوانات، ولم يتمكنوا حتى الآن من العثور على ما يكفي من حليب الأطفال».
ويزداد عدد الوفيات في أوساط الأطفال الحديثي الولادة في قطاع غزة إذ يولد الرضع بأوزان أقل من الحد الطبيعي، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وقالت الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، في إيجاز صحفي في جنيف، إنه «يتم الإبلاغ من مختلف الأطباء، تحديدا في مستشفيات الولادة، عن ازدياد كبير في عدد الأطفال الذين يولدون بوزن منخفض، ولا يعيشون في فترة ما بعد الولادة نظرا إلى أنهم ولدوا صغارا جدا».
آثار الجوع
وأضافت «إنه في مجمع كمال عدوان الطبي، مستشفى الأطفال الوحيد في شمال غزة، «يدخل المنشأة يوميا 15 طفلا على الأقل يعانون سوء التغذية، وتزداد الاحتياجات بشكل حاد أكثر من أي وقت مضى».
ويشرح تقرير واشنطن أن «آثار الجوع على جسم الإنسان تكون واضحة على كبار وصغار السن، ولكن كلما كان الشخص أصغر سنا، كان التأثير أكبر»، إذ يحصل الإنسان على الطاقة عن طريق تحويل الكربوهيدرات إلى غلوكوز، والذي تتم معالجته في الكبد وتوزيعه في الجسم، خاصة الدماغ.
وبعد استنفاد مخزون الغلوكوز يبدأ الجسم في الحصول على الطاقة من الدهون، وإذا لم يحصل على الغذاء الكافي يبدأ في حرق البروتين من العضلات للحصول على الطاقة، ويصبح بالنهاية غير قادرا على توصيل العناصر الغذائية إلى الأعضاء والأنسجة.
ضحايا غزة حتى أمس:
- 35,386 شهيدا
- 11,230 مفقودا
- 79,366 مصابا
- 225 يوما من القصف
- 83 شهيدا
- آخر 24 ساعة
- 105 مصابين آخر 24 ساعة
تقلص المعدة
وبالنسبة للأطفال، يحدث هذا الأمر بسرعة أكبر لأن مخزون البروتين في الجسم لديهم أقل، ويحتاجون للمزيد من الطاقة للنمو، ونتيجة لذلك تبدأ العضلات في الانكماش وتتوقف الأعضاء عن العمل بشكل صحيح، ولا يتمكن الجسم من تنظيم درجة الحرارة، ويصبح الجلد شاحبا، وتبدأ اللثة في النزيف، ويفقد الجهاز المناعي قدرته على إصلاح الجروح ومكافحة العدوى خاصة تلك التي تسبب الإسهال، ما يجعل الجسم في حلقة مفرغة تزيد حرمانه من العناصر الغذائية.
وعادة ما يتوقف الجهاز الهضمي أولا عن العمل، ما يؤدي إلى انخفاض إنتاج أحماض المعدة، ويسبب التهابات مزمنة، وتقلص المعدة، وفقدان الشهية، وبعد ذلك حتى إذا وجد الطعام سيحتاج الشخص إلى رعاية طبية في المستشفى، وبعدها ينكمش القلب ويقل تدفع الدم ويبطئ معدل ضربات القلب، ويخفض ضغط الدم، ويمكن أن يفشل القلب في النهاية، وحتى إذا بقي القلب يعمل، يتباطأ التنفس وتتضاءل قدرة الرئة، وقد يفشل الجهاز التنفسي بالكامل.
قدوم المجاعة
وتوقع التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو أداة لمراقبة الجوع في العالم، في 18 مارس أن المجاعة وشيكة ومن المرجح أن تحدث بحلول مايو في شمال غزة، ويمكن أن تتفشى في القطاع بحلول يوليو.
وأضاف التصنيف أن 70 في المئة من السكان في أجزاء من شمال غزة يعانون من أشد مستويات نقص الغذاء، أي ما يفوق بكثير النسبة المرتبطة بتعريف المجاعة وهي 20 في المئة، وإجمالا، يعاني 1.1 مليون من سكان غزة، أي نحو نصف السكان، من نقص «كارثي» في الغذاء.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود، «إن إسرائيل تدمر بشكل منهجي نظام الرعاية الصحية في غزة، وذلك في معرض وصفها مجازر لا يمكن لأي مستشفى في العالم التعامل معها».