الحقوق والعلاقة في بيئة العمل

كشفت إحدى إحصائيات منظمة العمل الدولية أن الشركات التي تفرض سياسات ولوائح عمل واضحة ترتفع فيها نسب الإنتاجية بما يصل إلى 30% مقارنة بالشركات الأخرى التي لا تهتم بجانب تنظيم علاقات العمل بينها وبين العاملين.

أما عن السؤال؛ لماذا تزدهر وتستقر بيئات العمل التي يشيع فيها الوعي القانوني بداية من اهتمام المنشأة نفسها بتعريف العامل على حقوقه، وإيضاح التزاماته، فإن دواعي هذا الوقت الذي تزداد فيه التحديات العالمية وتشتد المنافسة بين بيئات العمل لاستقطاب الكفاءات والاحتفاظ بموظفيها من أثر التسرب الوظيفي، يتحتم معها تهيئة بيئة عمل تسعى خلف مواكبة تطلعات المشرع وتحفظ حقوق عامليها لتحقق مفهوم الأمان الوظيفي.

تتعدد السبل للوصول للتطبيق الأمثل لقانون العمل، فمن ناحية؛ تبدأ بإدراك كل من صاحب العمل والعاملين لأهمية الأسس القانونية التي تحكم العلاقات المهنية، من خلال الحرص على أن يكون العامل على دراية تامة بتفاصيل بنود العقد، مثل المدة والأجر وشروط الإنهاء، ومن ثم حرص المنشأة المستمر على نشر الوعي القانوني داخليا بتعريف العاملين بالسياسات العامة للمنشأة ولوائحها الداخلية وحقوق الموظف المرتبطة بأنظمة العمل.

كما ينبغي على المنشآت تطوير استراتيجيات فعالة للتوعية القانونية، ومن ذلك: عقد ورش عمل دورية لموظفيها الجدد، دمج الثقافة القانونية العمالية ضمن برامج التطوير المهني المستمر للمنشأة، توفير مصادر تعليمية يمكن رجوع العامل لها عند الحاجة.

إن حرص المنشأة على تعريف العاملين بحقوقهم -وعلى غير الشائع-لا يعد خطرا على استقرارها، بل أثبتت المنشآت التي تسير في هذا النهج قدرتها على تجنب النزاعات والمخاطر القانونية، كما عززت الثقة والاحترام المتبادلين بينها وبين عامليها داخل بيئتها، فيؤثر الوعي القانوني وشيوع الثقافة التنظيمية على بيئة العمل، ويشجع على التعاملات العادلة وخلق جو عام يتسم بالشفافية والمساءلة.

رغم التكاليف المالية والصعوبات المرتبطة بالثقافة السائدة تجاه التنظيمات القانونية، فإننا ندعو في هذا السياق كل صاحب عمل للاستثمار في مستقبل منشأته وتجنيبها كثرة الخلافات العمالية بالتعاون مع المتخصصين من محامين ومستشارين قانونيين لبناء أسس قانونية متينة تزدهر على صلابتها المنشأة وتتطاول محققة بيئة عمل مثالية تحقق العدالة لجميع أطرافها.


t_alqahtani9@