أهالي غزة صائمون بلا إفطار أو سحور

حساء الصبار إفطار حسناء وأسرتها.. وتدمير 1000 مسجد لم يمنع الناس من الصلاة في الشوارع
حساء الصبار إفطار حسناء وأسرتها.. وتدمير 1000 مسجد لم يمنع الناس من الصلاة في الشوارع

الاثنين - 01 أبريل 2024

Mon - 01 Apr 2024


تضطر الفلسطينية حسناء جبريل إلى غلي الماء غير النظيف لصنع حساء من الصبار والأعشاب، لا تجد طعاما تقدمه لزوجها وأبنائها عندما يؤذن المغرب ويأتي وقت الإفطار طوال رمضان المبارك.

الكثيرون من أهل غزة يواصلون صيامهم بلا إفطار أو سحور، في ظروف إنسانية صعبة، بعد تدمير منازلهم وهدم المساجد التي يصلون بها، وحصارهم بالموت والتجويع عبر قصف يومي لا يتوقف من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.

غابت مظاهر رمضان في غزة، واختفت المواد الغذائية التي اعتادوا عليها خلال الشهر الكريم، وارتفع سعر المتوفر منها، وغابت مظاهر التصدق التي كانت تكثر خلال رمضان.

رصد تقرير لصحيفة «وول ستريت» الأمريكية الأجواء الرمضانية الصعبة والاستثنائية التي تشهدها غزة للمرة الأولى في تاريخها خلال العام الحالي.

حساء الصبار
تقول حسناء جبريل البالغة (58 عاما)، وهي تحتمي في خيمة مع زوجها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بين أكثر من مليون فلسطيني نازح آخر «نحن نستخدم أي شيء يمكننا العثور عليه».
تؤكد السيدة التي تغلي الماء غير النظيف لصنع حساء من الصبار والأعشاب لأطفالها أن صيام رمضان لم يغير مقدار ما تأكله، حيث إن علب الحمص والتمر القليلة التي تلقتها كمساعدات في الأسابيع الأخيرة لم تكن كافية لأكثر من وجبة واحدة في اليوم، وقالت «يبدو أننا كنا صائمين عن الطعام والماء منذ أشهر».
والآن زوجها لا يتناول وجبات رمضان، ليس لأنه ليس جائعا، وقالت «يعتقد أنه يدخر لي المزيد من الطعام، بينما يخفي إرهاقه ودموعه على حالنا».

ماء وتمر
تعيش سارة الغلاييني في منزل شقيقتها في مدينة غزة المدمرة التي أصبحت خالية من عدد من سكانها ومليئة بالمنازل المدمرة، بما في ذلك منزلها، تشير الفتاة البالغة من العمر (24 عاما) إلى أن عددا من أحبائها فروا إلى الجنوب سعيا لتجنب القصف العنيف في الشمال.
وقالت الغلاييني عبر الهاتف بينما سمع دوي الانفجارات «نحن محاصرون، القصف لا يتوقف لذا لا نغادر المنزل، نحن خائفون من أن نقتل في أي لحظة».
أكدت أنها تفتقد قضاء وقت ممتع في رمضان في التجمعات العائلية المفعمة بالحيوية، والإفطار معا على طعام طازج وساخن، لقد أفطرت صيامها الأول هذا العام على الخبز والتمر والماء، وقالت «ليس لدينا ما يجعلنا نشعر بأننا في رمضان».

المجاعة تضرب
يؤكد التقرير أن رمضان يحل هذا العام على الفلسطينيين بقطاع غزة في ظل واقع جديد قاتم، فقد دمرت الغارات الجوية غالبية المساجد، وهناك آلاف الأيتام يتجولون في الشوارع، ويتجنب الناس التجمعات الكبيرة خشية أن تجذب انتباه الجيش الإسرائيلي.
ويكشف تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة أن سكان غزة يعانون من جوع «كارثي»، وتوقع أن تضرب المجاعة شمال القطاع في أي وقت في الفترة الممتدة حتى مايو، في غياب أي تدخل عاجل للحؤول دون ذلك.
ووفق تقرير «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي» يقدر عدد الذين يواجهون ظروفا قاسية بنحو 1.1 مليون فلسطيني، أي نصف السكان، ويعد الوضع الإنساني سيئا بشكل خاص في شمال غزة، الذي انقطع إلى حد كبير عن وصول المساعدات والسلع التجارية منذ بدء الحرب.

أطباق مستحيلة
قبل الحرب كانت جبريل تطبخ للأمهات العاملات المحليات وأسرهن الطعام التقليدي الفلسطيني مثل المسخن، وقالت إن أطباقا مثل هذه من المستحيل صنعها الآن، وقالت «لم يعد لدي أي إمدادات لإعداد الطعام الذي يحبه الناس»، وقد توفي ما لا يقل عن 34 شخصا بسبب سوء التغذية والجفاف، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة.
ويقول رئيس قسم جراحة الأوعية الدموية في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، تيسير الطنا، إنه يقضي ساعات يوميا في إجراء العمليات الجراحية وغالبا ما يعمل خلال الليل، ويفطر بسرعة عند غروب الشمس على كل ما يجده زملاؤه في ذلك اليوم قبل العودة إلى غرفة العمليات.
يضيف «في الإفطار كنا نأكل الكثير من الملوخية والأعشاب الأخرى التي كنا نعدها قبل الحرب غير صالحة للأكل، وإذا كان شخص ما محظوظا، فسيحصل على العدس الذي أصبح الآن بالكاد متاحا».

لا مكان للصدقات
وارتفعت أسعار المواد الغذائية في القطاع بأكثر من الضعف منذ بدء الحرب، ووصلت بعض المواد المهمة مثل الدقيق إلى 10 أضعاف مستوياتها قبل الحرب، ويؤدي النقص في السيولة النقدية إلى تفاقم قدرة سكان غزة على شراء ما هو متاح في السوق.
وقال الطنا «الآن لا توجد صدقات في المكان الذي أعيش فيه، كل شيء يتم شراؤه وبيعه»، وأضاف «في الوقت الحالي أشاهد الأطفال يحدقون في الأشخاص الذين يشترون من كشك الطماطم مع نظرة في أعينهم تقول (أتمنى لو كنت أنت)، متسائلا: كيف يمكن لأي شخص أن يتحمل هذا؟»

ضحايا غزة حتى أمس:
  • 177 يوما من القصف والدمار
  • 32,782 شهيدا
  • 75,298 جريحا
  • 70% من الشهداء أطفال ونساء
  • 77 شهيدا آخر 24 ساعة
  • 108 مصابين آخر 24 ساعة

أزيز الطائرات
يؤكد الطنا إنه عادة في غزة يمكن سماع صوت الصلاة المنبعث من مكبرات الصوت في المساجد من جميع الاتجاهات، واختفت تلك الأصوات وحل محلها أزيز الطائرات دون طيار والانفجارات وإطلاق النار، وفي الحالات النادرة يسمع الطنا الأذان، قال إنه يتبعه إعلان يحث المصلين على الصلاة في منازلهم وعدم التجمع خارجها.
وفي إحدى أمسيات رمضان الأخيرة، قال الطنا إنه عاد إلى منزله من المستشفى ليشارك الإفطار مع زوجته وأطفاله، وأشار إلى أنه تأخر في الوصول إلى منزله لتناول وجبة المساء لأن الدمار جعل من الصعب التعرف على الطريق الذي كان مألوفا له، وضل طريقه، وعندما عاد أخيرا إلى المنزل، شارك مع زوجته وأطفاله ما تمكن من جمعه في ذلك اليوم: إحدى المعلبات وخبز وبعض الماء.

مساجد مدمرة
قبل الحرب كانت مساجد في غزة تقدم وجبات في رمضان للمحتاجين، وكانت بمثابة حجر زاوية في المجتمع، أما الآن فقد تهدمت المنازل واضطر أهل غزة لإقامة صلاتهم في الشوارع.
يقول حاتم البكري وزير الشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية، إن جميع المساجد التي يزيد عددها على 1000 مسجد تقريبا في القطاع دمرت أو تضررت، ومن بين تلك التي دمرت المسجد العمري الكبير، وهو حرم قديم تم تحويله من كنيسة تعود إلى العصر البيزنطي إلى مكان عبادة إسلامي.
وكان المسجد، الذي يسمى أيضا المسجد الكبير في غزة، واحدا من أكبر وأقدم المساجد في القطاع، ويقع على بعد خطوات من كنيسة تاريخية، ودمر الجيش الإسرائيلي المسجد فيما قال إنها ضربة استهدفت مسلحين وممرات أنفاق في الموقع في ديسمبر.