زينة رمضان تخفي تشريد وجوع أهالي غزة

تيسير: لم أتسحر أول أيام الشهر الكريم.. ولا أعرف على ماذا سأفطر
تيسير: لم أتسحر أول أيام الشهر الكريم.. ولا أعرف على ماذا سأفطر

الثلاثاء - 12 مارس 2024

Tue - 12 Mar 2024

حضنت الأم صغيرها وبكت، بعد أن استيقظت على صوت ابنها حسن وهو يهز بكتفها ويقول «ماما بدي بابا عشان يجيب فانوس رمضان»، فهي تعلم استحالة تلبية طلب طفلها، الذي يحاول أن يستحضر أجواء الشهر المبارك على رغم الحرب والانفجارات والحصار الذي يعيشه في غزة.

زوج سوزي لم يمت في الحرب، ولكنه يقيم في النصف الشمالي من غزة، وبقية عائلته نزحت نحو الجنوب، ولا يمكن أن تلتقي العائلة في مكان واحد، فإسرائيل تمنع جميع أشكال التواصل بين المنطقتين، وفي رمضان يعيش كل طرف في الأسرة أجواء مختلفة عن الطرف الآخر.

قصة مؤلمة من عشرات القصص حملها تقرير صحيفة «أندبندنت عربية»، حيث لم يعد أحد داخل غزة يعرف موعد السحور والإمساك بعد هدم المنازل، وتدمير أحياء كاملة وتهجير الناس منها، وإجبارهم على حياة الخيام البائسة.

تشرد وجوع
تيسير زوج السيدة سوزي تمنى لو تمهل رمضان قليلا هذا العام ولم يأت في وقته، لحين لقائه بعائلته وتحسن وضعه المعيشي، فالأب يعيش بين تشرد وجوع يصل إلى حد المجاعة.
وردا على سؤال حول تحضيرات شهر رمضان في شمال غزة، يضحك تيسير ويقول «لا أشعر بحلول شهر رمضان وأهلي جميعهم في الجنوب، هنا لا يوجد أكل ولا شرب، فنحن صائمون قبل حلول رمضان بشهر في الأقل».
يتابع «لم أتسحر أول يوم رمضان، ولا أعرف على ماذا سأفطر، لا يوجد أي شيء عندي لأكله، أما بالنسبة إلى صلاة التراويح فلا مساجد في القطاع لأدائها فيها، والناس خائفة من التجمع لأداء الركعات ويعتقدون أن إسرائيل قد تغدر بهم وتقصفهم».

لا صوت للأذان
لا يعرف الأب موعد السحور والإمساك عن الطعام، وحاول عشرات المرات الاتصال بزوجته في جنوب غزة ليسألها «أي ساعة يؤذن الفجر»، ويبرر تيسير ذلك قائلا «منذ أشهر لم أسمع الأذان، وأخاف أن أشرب قطرة ماء بعد دخول موعد الصيام، نحن نعيش في الشمال حياة بدائية جدا». وعندما سألنا تيسير عن زينة رمضان، ابتسم وأشار بيده إلى حائط، حيث علق السكان ثلاثة حبال زينة مرفقة بعبارة «رمضان كريم على رغم الحرب والمجاعة»، وقال «هذا الشيء الوحيد الذي يشعرنا أننا في شهر الصوم، في مثل هذا اليوم كنت أشتري لأطفالي ثلاثة فوانيس وعشرات حبال الزينة، كنت أصنع جوا رمضانيا لطيفا، لكن ذلك بات ذكرى».

صيام مبكر
حال تيسير هو نفسه الحال جميع العائلات في شمال غزة، وتشارك الحديث الحاجة أم أيمن قائلة «في مثل هذا التوقيت من العام الماضي تزدحم الأسواق بكميات كبيرة جدا من البضائع الرمضانية، من أجبان وحلاوة وتمور وفواكه مجففة وقمر الدين وعصائر الخروب وعرق السوس، كلها لم تعد متوفرة».تصمت الحاجة بعدها تضيف «نشتهي الخروب بعد الإفطار، لكن كيف سأصنعه في شمال غزة؟ لا بأس فقد بدأ الناس هنا صيامهم مبكرا، فهم صائمون منذ نحو شهر، الذي لا يأكل طوال اليوم إلا حبة ليمون وربع رغيف إن توفر، ألا يكون صائما؟»، تساءلت الحاجة التي تحاول أن تشرح ما تعيشه حتى قبل حلول شهر رمضان على سكان غزة.

مزيد من الجحيم
وفيما تستمر عجلة الدمار الإسرائيلية على غزة في الشهر الكريم، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش مجددا لوقف إطلاق النار في بداية شهر رمضان، وهو وقت مقدس بشكل خاص للمسلمين. وقال من نيويورك «إن أقوى نداء لي اليوم هو تكريم روح شهر رمضان من خلال إسكات البنادق وإزالة جميع العقبات لضمان تسليم المساعدات المنقذة للحياة بالسرعة والنطاق الواسع المطلوبين». وحذر جوتيريش إسرائيل من مهاجمة المنطقة المحيطة برفح، في أقصى جنوب القطاع، حيث فر أكثر من مليون شخص من القتال في أماكن أخرى من القطاع، وأضاف إن مثل هذا الهجوم يمكن أن يقحم شعب غزة في مزيد من الجحيم.

لا بديل للأونروا
وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين، أحمد أبو هولي، وجوب حماية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بما يضمن عمل برامجها واستمرارية خدماتها الإغاثية والتعليمية والصحية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس. ورفض خلال لقائه في مقر دائرة شؤون المفاوضات في مدينة رام الله، مدير عام منع الأزمات في ألمانيا ديكي بوتسل، خلق بدائل عن أونروا أو تقاسم صلاحياتها مع منظمات دولية، كون الوكالة صاحبة الولاية الحصرية على اللاجئين الفلسطينيين حسب قرار تأسيسها رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. وطالب أبو هولي المسؤولة الألمانية بإعادة حكومة بلادها النظر في قرار تجميد تمويلها الإضافي للأونروا، والعمل على استئنافه لتمكين الوكالة من القيام بمهامها المنقذة للحياة للملايين من اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها التي تضاعفت مع استمرار الأزمات التي تشهدها المنطقة.

تزيين الخيام
لا يختلف الأمر كثيرا في جنوب غزة حيث بقية عائلة تيسير، فزوجته سوزي التي تعيش في خيمة، ترفض أي تحضيرات لشهر رمضان، إذ تعتبر أن ظروف سكان غزة لا تسمح لهم بالتحضير لشهر الصوم.
وتقول «نحن بالأساس بلا مأوى، كيف نستعد لرمضان، الناس تعيش في الخيم، وهناك آخرون يفترشون الطرقات، مقومات الحياة أصلا غير موجودة، لكن على رغم ذلك أحاول مجاراة ابني الصغير وخلق أجواء رمضانية وسأشتري له فانوسا بسيطا».
وهناك من يجهز لرمضان بالحد الأدنى، منهم سامر الذي حاول إدخال السعادة إلى قلوب أسرته عن طريق تعليق زينة رمضان على زوايا خيمته.

أرقام صادمة عن المرأة في غزة:
  • + 9000 امرأة استشهدت.
  • 63 امرأة تموت يوميا تحت القصف.
  • 37 أما تستشهد وتترك أطفالها يوميا.
  • %84 من النساء لا يتوفر لديهن طعام.
  • %95 من النساء يتناولن وجبة واحدة.
  • %89 يبحثن عن الطعام في الأنقاض والقمامة.

الأكثر قراءة