فهد عبدالله

مرونة المدينة الذكية

الثلاثاء - 12 مارس 2024

Tue - 12 Mar 2024

في عصرنا الحالي بدأت ملامح التحديات والمخاطر تظهر بشكل أكثر وضوحا من ذي قبل في المدن والمناطق الحضرية، والحاجة بدأت ترتقي مرتقا واضحا في حدة إلحاحها لمجابهة شاملة وليست فردية للتقليل من حدة هذه المخاطر والسعي في مسارات الاستدامة التي هي الضامن بعد الله في استمرارية الأمان والنهضة والتحضر والرفاهية.

وبرزت الأهمية للمدن الذكية وتطبيقاتها بعد التداول العالمي المتزايد لتحديات التقدم من حيث النمو السكاني والذي يتوقع بأن يكون 60% من السكان سيستوطنون المدن في عام 2050 وكذلك التغيرات المتسارعة لما يتعلق بالمناخ جعلت من مفهوم المدن الذكية بر الأمان المتوقع للاستدامة والحضارة والرفاهية.

مرونة المدينة الذكية أو بما يعرف (Smart City Resilience) تأتي ضمن أحد الأركان المهمة للمدن الذكية (Smart City) التي بالتأكيد سيكون جوهرها يدور حول أربعة أهداف في غاية الأهمية الاستعداد الجيد ما قبل وقوع الأزمات (Preparedness) والتنبؤ بها قبل حدوثها (Crisis Prediction) وبعد ذلك الاستجابة السريعة (Response) وإطفاء فتيل الأزمة وتقليل الوقت المستغرق للتعافي (Recovery).

الجانب الذي تقوم عليه تأسيس المدن الذكية هو الاستفادة المثلى من العالم الرقمي من خلال جمع البيانات وتحليلها وإصدار القرارات والرؤى حولها، تبدأ باستقبال البيانات والمعلومات أيا كان مشربها بالإضافة للمستشعرات والحساسات التي يمكنها عمل القياسات المختلفة وبعد ذلك تبدأ عمليات التحليل للبيانات الضخمة (Big Data) وتفعيل الذكاء الاصطناعي من خلالها (Artificial Intelligence) وبعد ذلك يكون العقل الحاسوبي الذي يراقبه العقل البشري قادرا على اصدار القرارات الصحيحة والتي بالتأكيد مع مرور الزمن سيكون قادرا على تحسين مستوى النضج لهذه القرارات من خلال قدرة التعلم من السيناريوهات والبيانات والمعالجات التاريخية.

ويمكن تفعيل هذه المدن الذكية من خلال مجالات الطاقة والماء والتلوث ووسائل النقل.. إلخ.

وكذلك الحال بالنسبة لإدارة الأزمات الذكية التي تندرج تحت هذه المفاهيم للمدن الذكية يتم جمع البيانات من خلال المدخلات البشرية من خلال بيانات التطبيقات الذكية أو وسائل التواصل الاجتماعي أو إنترنت الأشياء (إنترنت لكل الأشياء) من خلال المستشعرات في كل أنواع الحقول الحيوية أو من خلال مصادر البيانات المفتوحة مثل الطقس والهواء، بالإضافة للبيانات الممنهجة التي يمكن استخدامها للتعامل مع الكوارث من خلال قراءة البيانات من خلال الروبوتات الذكية أو الطائرات بدون طيار أو الكاميرات المنتشرة في المدينة وكذلك المراقبة الحية من خلال الأقمار الصناعية.

كل هذه البيانات الضخمة يمكن كما ذكرنا للعقل الحاسوبي الذي يراقبه العقل البشري ومن خلال أدوات الذكاء الاصطناعي الذي يقوم بعمليات التحليل التي تنضج يوما بعد آخر أن تقوم بعمليات الإنذار المبكر وأرسال التنبيهات للمتأثرين فضلا عن القرارات الذاتية في إغلاق الأنظمة الحرجة وتشغيل المضخات وغيرها من الإجراءات المبكرة التي تساعد في جودة وسرعة الاستجابة، يمكن أيضا استقبال هذه البيانات بشكل لحظي أثناء الكارثة والتي بالتأكيد ستساعد في فهم سلوك البنى التحتية والخدمات والبشر مما يجعل رفع الواقع واضحا ويسهل صوابية صناعة القرارات في تلك الأوقات الصعبة، بالإضافة لمعرفة الأضرار وشدتها وأداء جميع المعدات والأجهزة التي تجابه هذه الكارثة بالإضافة بعد ذلك كل العمليات والتحليلات والقرارات المتعلقة بمرحلة التعافي ما بعد الأزمة.

كل هذه العمليات الذكية في مجابهة الأزمات والكوارث تعزز مفهوم وجود إدارة الأزمات الحديثة والتي تركز بشكل كبير على جمع البيانات الضخمة من شتى المصادر وإمكانية توثيقها وتصحيحها والاستفادة منها في وضعها في قوالب جاهزة ما بعد التحليل لتكون بمثابة وصفة جاهزة وسريعة لصناعة القرار الصحيح والسريع.

fahdabdullahz@