هدايا رمضان.. حيث تاريخ أمة يشهد!

لعل رمضان هذا الشهر المتميز في حياة المسلمين لم يكن يوما أقل من أن يقال عنه بأنه الأكثر روعة ليس فقط فيما يختبره المسلمون فيه من جماليات تراثية قد لا تنحصر فقط في الحراك الاجتماعي الدافئ، وإنما أيضا في حجم الصفاء الروحي الذي يبعثه هذا الشهر من دون أسقف ومن دون حدود، فهو شهر يجود به الله جل جلاله على المسلمين بالكثير من المنح والعطايا النفسية والروحية التي يصعب حصرها أو تقييدها في اتجاه واحد.

إن شهر رمضان يشهد على تاريخ أمة كبيرة تتآخى في شهرها الأجمل، وتتآلف نفوس أبنائها وبناتها إلى حد أن فروق المادة تذوب، وذكريات ما اعترى حياة الناس في يومياتها قبل رمضان تصنف إلى فئة الغفران والإحسان للمسيء، وزيادة الرحمة بالمحسن.

يشهد رمضان على تاريخ أمة طويل لطالما كانت يوميات رمضان في حياة أبنائها وبناتها ومضات لا تنطفىء من إجماع على أن الجميع يجب أن يلتحق بركب المتحابين والمتآخين، والراغبين إلى الله بالإحسان إلى خلقه وعباده، حيث القلوب تصبح مطواعة لكل مبادرة خير تسعد الناس.

رمضان يشهد لأمتنا على حجم الخير الذي تبذله فيه، من إطعام مساكين، ومن التصدق على فقراء، ومن رفع سقف التراحم لأعلى ما يمكن للنفس أن تجود به، إذ موائد الرحمن تزين باحات وساحات حواضر العالم الإسلامي.

ويشهد رمضان المضيء دوما على صفحات التاريخ بأن مدننا وبلادنا خلاله تتحول إلى مواقع تكاد تلامس صورة من صور المدينة الفاضلة.

إنه رمضان، شمس تشرق كل عام لتذيب ثلوج العواصف التي عصفت بأمزجة الناس وسلوكهم وما نتج عنها من صقيع في العلاقات الاجتماعية على امتداد 11 شهرا سبقوا رمضان في كل عام.

رمضان الذي يبعث في نفوسنا الرغبة إلى تصحيح مسارات كثيرة، ويدفعنا برفق وحب إلى التآلف، وتنتشر بين جنباته نفحات ملائكية وكأن الملائكة الكرام حولنا في كل مكان.

وسيظل رمضان شاهد خير لأمتنا، يشهد لها على جمال قلوب أهلها، وخيرية نفوس أبنائها وبناتها، وقدرتهم على الارتقاء فوق مسارات المادة، وشهرا يرفعنا معه دائما في مسالك نحو السماء عالية تأخذنا إلى حيث لا يمكن للدنيا ومادياتها أن تأخذنا، مسالك وآفاق لا تشبه مسارات الأرض.

هذا هو رمضان، وهذه هي هداياه، فطوبى لأمتنا به، صفحة بيضاء من صفحات تاريخ حياة المسلمين، الذين حفظوا عن أجدادهم جيلا بعد جيل قيم رمضان، فعاشوا أوفياء لما زرعه فيهم الأجداد.

hananabid10@