أحمد صالح حلبي

العودة للتاريخ والحضارة بـ«دار الفنون»

السبت - 27 يناير 2024

Sat - 27 Jan 2024


امتاز نادي «قبلة الدنيا»، أحد أندية «منصة هاوي»، بكونه ناديا يجمع محبي تاريخ وتراث مكة المكرمة، بهدف تعريف المجتمع بتاريخ المملكة بشكل عام وتاريخ وتراث مكة المكرمة بشكل خاص، ويعمل بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بتنظيم كثير من الأنشطة الإثرائية، التي تمنح الفرد فرصة التعرف على تاريخ عدد من المواقع بمكة المكرمة.

ومع بروز «منصة هاوي»، كإحدى مبادرات برنامج جودة الحياة، والتي تعمل على تطوير وتفعيل قطاع الهوايات في المملكة العربية السعودية بإنشاء وتسجيل أندية الهواة، ودعمها ومؤازرتها، دخل نادي «قبلة الدنيا» واحدا من الأندية العاملة على دعم وتشجيع الهواة، وكعاشق لأم القرى وتاريخها وتراثها، وتشرفت أوائل الأسبوع الماضي بالمشاركة في الرحلة التي نظمها «نادي قبلة الدنيا» بالتعاون مع «دار الفنون الإسلامية»، والتي ضمت عددا من المتخصصين والمتخصصات في التاريخ الإسلامي والإعلام، فكانت رحلة شاملة جامعة تنقلنا فيها بين قرون مضت، ودول حكمت، ومدن ازدهرت، وذكريات مضت، ووقفات حدثت. ومن داخل أروقة متاحف «دار الفنون الإسلامية»، عشنا ثقافة سياحية، وترفيها علميا، وتلقينا رسائل تربوية ومناهج تعليمية.

ومن داخل قاعة الخط والمخطوطات والتي تضم «عددا من المخطوطات القرآنية التي يراوح تاريخها بين القرن الثاني وحتى القرن الرابع عشر للهجرة»، تعرفنا على أدوات الكتابة التي استخدمت في الماضي، وكيفية كتابة وإخراج صفحات القرآن الكريم، والرسائل والمخطوطات التي كانت تكتب، فوقفنا نقارن بين معاناة الماضي، وسعادة الحاضر.

الانتقال من جناح لآخر، يعني الانتقال من عمل إبداعي لآخر، ومن تاريخ وحضارة لأخرى، خاصة حينما يكون لجناح يضم «كسوة الكعبة المشرفة والحجرة النبوية»، فيقف الزائر قارئا تاريخ الكسوة، ومطلعا على نماذج منها، ومشاهدا نموذجا من المحمل المصري الذي كان ينقل الكسوة من مصر إلى مكة المكرمة، ثم يتأمل الحاضر، ويحمد الله أن هيأ لهذه البقاع الطاهرة حكومة عملت على إنشاء مصنع خاص لحياكة كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة وبأيد سعودية.

وإن عرف المتحف بأنه «دار لحفظ الآثار القديمة، والتحف النادرة، وروائع المنحوتات اللوحات الفنية، وكل ما يتصل بالتراث الحضاري، وقد يضم المتحف أعمالا علمية أو أعمالا فنية، ومعلومات عن التاريخ والتقنية»، فإن متحف «دار الفنون الإسلامية» يمنحك فرصة التنقل بين الحضارة والعلم، والثقافة والمعرفة، خلال قدرته على إيقاظ الذاكرة قرونا مضت، وأحداثا سجلت، وفي داخل جناح الخزف والزجاج، يقف أمام تاريخ قرون مضت تروي صناعة الفخار والخزف في العالم الإسلامي وتطورها، بدأ من القرن الأول حتى القرن العاشر، في حين تقف داخل جناح المعادن الإسلامية أمام مجموعة متنوعة من الأعمال المعدنية التي أنتجها المسلمون منذ فجر التاريخ حتى القرن الثالث عشر، وتشاهد أكثر من 500 قطعة نقدية تداولتها الشعوب الإسلامية منذ العصر النبوي وحتى العصر الحديث، في جناح المسكوكات الإسلامية.

فالزائر يتنقل داخل أروقته في رحلة قرون مضت، ويتوقف أمام حضارات وذكريات، وبينهما سنين قريبة تحكي قصة «صراف» قدم من مكة المكرمة، وبدأ حياته من «دكان بشارع قابل قبل أكثر من 70 عاما»، واضعا وثائقه وأوراقه وسجلاته، ومتعلقات الشخصية، ليروي للأجيال «رحلة الكفاح في الصرافة والأعمال».

إنها رحلة صالح صيرفي، الذي يمثل جناحه فرصة لأبناء الجيل الحالي للتعرف على البدايات الأولى ليس لشخص صالح صيرفي، بل لغيره من الذين كافحوا وصبروا، ووضعوا قصص حياتهم لتوقظ إحساس الشباب بضرورة العمل، وعدم التكاسل.

في الختام، إن زيارتي ومجموعة من المتخصصين والمتخصصات في التاريخ الإسلامي والاعلام، متحف «دار الفنون الإسلامية»، لم تكن رحلة ترفيهية، لكنها مثلت رحلة علمية منحتنا فرصة التعرف على كثير من الأحداث الماضية، والنجاحات التي حققها العرب والمسلمون في العديد من المجالات، منها المجال الطبي. كما أنها أوضحت لنا أن «المرشد المتحفي»، الذي يقدم المعلومات التاريخية، شخصية مميزة تخضع لشروط ومواصفات خاصة، وهذا ما اتضح خلال شرح مرشدنا المتحفي الذي قدم المعلومات التاريخية والأثرية الصحيحة.



ahmad_helali@