الخبز.. عملة نادرة في غزة

مخزون القمح لا يكفي سوى 6 أيام.. والاحتلال دمر الكثير من المطاحن
مخزون القمح لا يكفي سوى 6 أيام.. والاحتلال دمر الكثير من المطاحن

السبت - 18 نوفمبر 2023

Sat - 18 Nov 2023

لم يعد أمام 2.4 مليون شخص من سكان قطاع غزة المحاصر شيء يأكلونه سوى البصل والباذنجان النيء، وإلا فسيموتون جوعا، بعد أن اقترب مخزون القمح من النفاد، وتوقف الكثير من المخابز، وأصبح الخبز عملة نادرة تحت القصف الوحشي الذي يتواصل من جانب الاحتلال الإسرائيلي.

تؤكد الأمم المتحدة أن سكان قطاع غزة يواجهون احتمالا مباشرا للموت جوعا، فيما تؤكد الإحصاءات الرسمية أن شهداء ومصابي القطاع اقتربوا من 50 ألف شخص منذ اندلاع الحرب المجنونة في 7 أكتوبر الماضي.

وتحذر الكثير من المنظمات الإنسانية أنه في حال عدم توقف الحرب، وفتح الطريق أمام وصول المساعدات الإنسانية بكثافة، فإن سكان غزة معرضون للموت وسيواجهون أخطر أزمة إنسانية في تاريخ العالم.

تدمير المخازن
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه من أصل 5 مطاحن في القطاع المحاصر، أصيبت اثنتان على الأقل في القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف على القطاع منذ اندلاع الحرب وأودى بحياة أكثر من 13 ألف شخص بينهم نحو 5000 من الأطفال على الأقل، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وتعد مطاحن خان يونس أكبر مخازن للدقيق في قطاع غزة، إذ تحتوي على 3 آلاف طن من القمح. إلا أن أضرارا كبيرة لحقت بالطابق العلوي للمخازن ولم يعد لديها ما يكفي من الوقود لتشغيلها.

وقال رئيس جمعية أصحاب المخابز في قطاع غزة عبدالناصر العجرمي لوكالة «فرانس برس»، «إذا لم يتمكن الصليب الأحمر من الحصول على موافقة إسرائيلية لإصلاح المصنع لن نستمر بالعمل».

ضربات وحشية
أصيب الطابق العلوي من المخازن بضربة وحشية من قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام، وأصيبت مطاحن السلام في دير البلح في وسط قطاع غزة بضربة أخرى دمرتها، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا».

وتفرض إسرائيل منذ التاسع من أكتوبر حصارا مطبقا على قطاع غزة، وقطعت عنه الماء والكهرباء وإمدادات الوقود والمواد الغذائية، وباتت أيضا الاتصالات مقطوعة بسبب نفاد الوقود.

والمواد الغذائية متوافرة بكميات قليلة جدا ونفدت مخزونات الأدوية تقريبا، ولم يدخل إلى القطاع إلا 1139 شاحنة مساعدات محملة بمواد غذائية خصوصا.

ورأى برنامج الأغذية العالمي أن ذلك لا يغطي إلا 7% من الحد الأدنى اليومي لحاجات السكان من السعرات الحرارية، وباتت أكياس الدقيق الكبيرة القليلة تباع بأسعار مرتفعة جدا تصل إلى 180 دولارا للكيس.

6 أيام
لا تزال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» تملك ألفي طن من القمح، مما يمثل برأيها 370 طنا من الدقيق أي هناك5 إلى 6 أيام قبل نفاد المخزونات بالكامل.

وأوضحت الأونروا أنها تعمل مع أكثر من 80 مخبزا في قطاع غزة، وباتت كل مخابز شمال قطاع غزة خارج الخدمة، ويعمل 63 مخبزا في وسط القطاع وجنوبه بشكل جزئي أحيانا بسبب أزمة الوقود والغاز.

وتوقف أكبر مخبز في مدينة غزة عندما أتى القصف الإسرائيلي على ألواحه لتوليد الطاقة الشمسية، وتدفق السكان الجياع لأخذ مخزوناته من الدقيق.

وفي جنوب القطاع الذي لجأ إليه عدد كبير من 1.65 مليون نازح، يمكن رؤية مواقد نار أمام المنازل أو الخيم يعد عليها الخبز.

لكن «أوتشا» أعربت عن قلقها من أن الدقيق والمياه والملح باتت مفقودة في الكثير من مناطق القطاع، وأكدت أن سكان غزة باتوا مرغمين على إلغاء وجبات الطعام أو تقليصها، أو اللجوء إلى طرق طهو مضرة بالصحة.

وأوضحت أن البعض يقتات فقط على البصل والباذنجان النيء.

ضحايا غزة:
  • 31,000 مصاب
  • 3900 امرأة شهيدة
  • 5000 طفل شهيد
  • 13,100 شهيد
طوابير الفجر
منذ بدء الحرب تتشكل طوابير طويلة أمام المخابز منذ الفجر من دون ضمانة للحصول على كمية خبز كافية للعائلة برمتها، وقالت «أوتشا» إنه خلال فترة الانتظار التي تصل بمعدل وسطي إلى 5 ساعات، يكون الواقفون في الطوابير في انتظار الحصول على الخبز عرضة للضربات الإسرائيلية.

ونقلت منظمة «ميرسي كوربس» الأمريكية غير الحكومية أن فرقها في غزة اضطرت أحيانا لدفع مبلغ 30 دولارا للحصول على 5 أرغفة من الخبز، وفي كل محلات المواد الغذائية غالبا ما تكون الرفوف فارغة مع لافتات تفيد بعدم وجود خبز أو خميرة.

وتوزع الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي الخبز الذي ينتج في المخابز الشريكة لهما مباشرة على 154 ملجأ تستضيف 813 ألف نازح.

لكن «الأونروا» تحذر بانتظام من أن الوقود نفد في غالبية الشاحنات التي تنقل الخبز.

وانكب السكان في مناطق مختلفة على إعداد الخبز بأنفسهم.

مشهد مأساوي
أشار المصدر لوكالة أنباء العالم العربي إلى أن مئات المرضى تم إجلاؤهم بالفعل سيرا على الأقدام، وكذلك عشرات الأطباء غادروا المستشفى، إضافة للنازحين المتواجدين هناك، وقال المصدر إن المشهد كان مأساويا، حيث اضطر المرضى للمغادرة على كراسي متحركة لمسافة تزيد على 2 كلم.

ولم يتم إخلاء المشفى بالكامل وبقي عشرات المرضى هناك، وأكدت وزارة الصحة في غزة أن الأطفال الخدج لا يزالون في مستشفى الشفاء.

وقالت الوزارة إن 120 مريضا لا يزالون في المستشفى، بينهم الأطفال الخدج.

إخلاء «الشفاء»
وبالتواكب مع صراع أهل غزة لتوفير رغيف الخبز، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته الجوية والبرية في القطاع، ويعلن يوميا تفكيك المزيد من البنى التحتية التابعة لحركة حماس.

فيما الخاسر الأعظم من هذه الحرب هو الشعب الفلسطيني الذي يفتقد لأدنى مقومات الحياة، في حين لا تبدو أي بادرة أمل في وقف وشيك لإطلاق النار.

وطلبت القوات الإسرائيلية أمس إخلاء مجمع الشفاء الطبي في غزة خلال ساعة واحدة، وقال مصدر طبي فلسطيني لوكالة أنباء الوطن العربي اليوم إنه جرى إخلاء مستشفى الشفاء في غزة من معظم الأطباء والمرضى والنازحين، إثر المهلة التي أعطاها الجيش الإسرائيلي، وأضاف المصدر أن الأطفال الخدج وعشرات المرضى لا يزالون داخل مستشفى الشفاء.

وأشار المصدر إلى أن معظم الأطباء والمرضى والنازحين المتواجدين في مجمع الشفاء الطبي أخلوا المشفى باتجاه مستشفيات أخرى في وسط غزة.