ما عند جدتي
الخميس - 16 نوفمبر 2023
Thu - 16 Nov 2023
يحكى أن لصا قوياً اقتحم منزلا واعتدى على جميع أفراد المنزل بالضرب واللكم والرفس حتى تغلب عليهم، ثم سرق المجوهرات دون أن يستطيع أحد مقاومته، وعند خروجه انتبه إلى وجود رجل نائم في ملحق المنزل، فسأل الأم: من هذا؟
قالت: هذا أخي، ماذا تريد منه؟!
فأيقظه اللص وأخبره أنه قد سرق المجوهرات وقام بضربه وصفعه ولم يستطع الأخ أن يرد.
فقالت الأم للص: قد ضربتني أنا وزوجي وأولادي وسرقتنا، فما بالك تكمل عنفك وجبروتك على أخي؟!!
أجابها اللص: إنما فعلت ذلك لمصلحتكم؛ فلو لم أفعل لردد عليكم مرارا: آآخ لو كنت مستيقظا لفعلت في اللص كذا وكذا.
لذلك فإن المصيبة لو اقتصر أمرها على الحدث ذاته لهان الأمر، لكنها تتضاعف مع تنظير الآخرين عليك، مما قد يدخلك في معضلة جلد الذات وأنك عاجز لم تستطع التصرف فتتقوقع على نفسك، وكذلك قد تصدق أن غيرك أفضل منك فتصاب بما يسمى بـ "عملقة الأشخاص" ومعضلة الانبهار، تعطيهم أكثر من حجمهم فيتغطرس المبهور "من البهارات" ويتنرجس "من النرجسية"، ويعقب ذلك صدمة وندم وربما بعد فوات الأوان.
كيف تتخلص من ذلك كله؟ أن تعلم يقينا أن معظم الذين تقابلهم في حياتك "ما عندهم ما عند جدتك"، وسيصلون يوما إلى ما وصلت إليه جدتك، وأنهم يأكلون كما تأكل ويشربون كما تشرب ويعتريهم من النقائص البشرية مثل ما يعتري جدتك، فلم نضخم أمرهم ونهول من شأنهم؟!!
من البداهة أن ما سبق لا يعني احتقار البشر والانتقاص منهم، وأن إنزال الناس منازلهم وتقديرهم وإدراك قيمتهم شأن أهل الكرم والمروءة.
ومن البداهة أيضا أن ذلك لا يعني الإساءة إلى الجدات والتقليل من شأنهن، فالأمثال إنما تؤخذ بمدلولها لا بنصها، ومن الناس من يترك الحكمة ودلالة المعنى ويتمسك بالعبارة المجردة.
قيل لحكيم: كيف أتعامل مع أمور الحياة ومدلهماتها؟
قال: تعامل معها بأسلوب جدي.
قيل: فإن لم أستطع؟
قال: فبأسلوب جدتي.
قيل: أتستهبل وأنت الحكيم؟!!
قال: لا، إني أعي ما أقول، فإن جدتي الحكيمة كانت تأخذ أمور الحياة بمرونة وتفاؤل وتترك ما تعجز عن تدبيره إلى الله.
قيل: فما حقيقة التمايز بين البشر؟
قال: هي سنة الحياة، ولكن عند الموت سيدركون أن ما عندهم إلا "الضعوي"
حسنا.. ماذا عند جداتنا؟ عندهن الطيبة والفراسة والصبر والتجارب والإيمان، ولقد عشن زمانا غير زماننا وظروفا مختلفة كلية عن ظروفنا، وهنيئا لمن كان له جدة تحن عليه وتدعو له وتفيض على وجدانه من تجاربها ونصائحها الصادقة.
بقي أن أخبركم أن الأخ الذي ضربه اللص برر جبنه وخوفه منه بأنه كان مستيقظا للتو، وأنه لو رأى اللص بعد أن يتمغط ويتناول فطوره ويسمع فيروز ويحتسي القهوة لمسح به وبكرامته الأرض.. وأعاننا على الله على هذه الفئة التي اتخذت من التبرير منهجا لها في الحياة.
قالت: هذا أخي، ماذا تريد منه؟!
فأيقظه اللص وأخبره أنه قد سرق المجوهرات وقام بضربه وصفعه ولم يستطع الأخ أن يرد.
فقالت الأم للص: قد ضربتني أنا وزوجي وأولادي وسرقتنا، فما بالك تكمل عنفك وجبروتك على أخي؟!!
أجابها اللص: إنما فعلت ذلك لمصلحتكم؛ فلو لم أفعل لردد عليكم مرارا: آآخ لو كنت مستيقظا لفعلت في اللص كذا وكذا.
لذلك فإن المصيبة لو اقتصر أمرها على الحدث ذاته لهان الأمر، لكنها تتضاعف مع تنظير الآخرين عليك، مما قد يدخلك في معضلة جلد الذات وأنك عاجز لم تستطع التصرف فتتقوقع على نفسك، وكذلك قد تصدق أن غيرك أفضل منك فتصاب بما يسمى بـ "عملقة الأشخاص" ومعضلة الانبهار، تعطيهم أكثر من حجمهم فيتغطرس المبهور "من البهارات" ويتنرجس "من النرجسية"، ويعقب ذلك صدمة وندم وربما بعد فوات الأوان.
كيف تتخلص من ذلك كله؟ أن تعلم يقينا أن معظم الذين تقابلهم في حياتك "ما عندهم ما عند جدتك"، وسيصلون يوما إلى ما وصلت إليه جدتك، وأنهم يأكلون كما تأكل ويشربون كما تشرب ويعتريهم من النقائص البشرية مثل ما يعتري جدتك، فلم نضخم أمرهم ونهول من شأنهم؟!!
من البداهة أن ما سبق لا يعني احتقار البشر والانتقاص منهم، وأن إنزال الناس منازلهم وتقديرهم وإدراك قيمتهم شأن أهل الكرم والمروءة.
ومن البداهة أيضا أن ذلك لا يعني الإساءة إلى الجدات والتقليل من شأنهن، فالأمثال إنما تؤخذ بمدلولها لا بنصها، ومن الناس من يترك الحكمة ودلالة المعنى ويتمسك بالعبارة المجردة.
قيل لحكيم: كيف أتعامل مع أمور الحياة ومدلهماتها؟
قال: تعامل معها بأسلوب جدي.
قيل: فإن لم أستطع؟
قال: فبأسلوب جدتي.
قيل: أتستهبل وأنت الحكيم؟!!
قال: لا، إني أعي ما أقول، فإن جدتي الحكيمة كانت تأخذ أمور الحياة بمرونة وتفاؤل وتترك ما تعجز عن تدبيره إلى الله.
قيل: فما حقيقة التمايز بين البشر؟
قال: هي سنة الحياة، ولكن عند الموت سيدركون أن ما عندهم إلا "الضعوي"
حسنا.. ماذا عند جداتنا؟ عندهن الطيبة والفراسة والصبر والتجارب والإيمان، ولقد عشن زمانا غير زماننا وظروفا مختلفة كلية عن ظروفنا، وهنيئا لمن كان له جدة تحن عليه وتدعو له وتفيض على وجدانه من تجاربها ونصائحها الصادقة.
بقي أن أخبركم أن الأخ الذي ضربه اللص برر جبنه وخوفه منه بأنه كان مستيقظا للتو، وأنه لو رأى اللص بعد أن يتمغط ويتناول فطوره ويسمع فيروز ويحتسي القهوة لمسح به وبكرامته الأرض.. وأعاننا على الله على هذه الفئة التي اتخذت من التبرير منهجا لها في الحياة.