الأمراض تنتظر الهاربين من الموت
70 شخصا يسكنون في غرفة واحدة.. والتلوث والتسمم يحاصران النازحين في غزة
70 شخصا يسكنون في غرفة واحدة.. والتلوث والتسمم يحاصران النازحين في غزة
الأحد - 12 نوفمبر 2023
Sun - 12 Nov 2023
«الوضع هنا صعب جدا، هناك وباء كامل، المكان ملوث للغاية، فيما يقطن نحو 70 شخصا في غرفة واحدة، معظمهم أطفال، لدي 8 أفراد من أسرتي هنا، نصف أولادي أصيبوا بأمراض شديدة وإسهال وسحايا».. بهذه الكلمات تصف سميرة الجليس، المستشارة القانونية لدى وزارة العدل الفلسطينية، المعاناة التي تعيشها مع أسرتها في جنوب غزة.
اضطرت للنزوح من مدينة غزة إلى وسط القطاع، ثم إلى مراكز الإيواء جنوبا، هربا من القصف والحرب، لتجد نفسها أمام خطر التعرض للتسمم والتلوث وانتشار الأوبئة، وفقا لموقع (الحرة) الأمريكي.
تؤكد سميرة أن المشكلة الرئيسة والحقيقية تكمن في الحمامات، مشكلة فظيعة جدا وتلوث كبير»، بعد ذلك تأتي أزمة توفر المياه الصالحة للشرب والاستخدام.
تلوث وتسمم
بوجه حزين متعب وعيون دابلة تتحدث سميرة فتقول «لا أتحدث عن نفسي فقط هنا، أتحدث عن عموم النازحين إلى هذه المنطقة، كل النساء والأطفال من كافة الأعمار يعانون من الأوضاع ذاتها، كلهم اليوم فقدوا الكثير من وزنهم، بسبب سوء التغذية، يعانون التسمم الدائم بسبب المياه الملوثة وانعدام المياه المعدنية».
تضيف «حتى الغرف التي يعيش فيها النازحون وضعها سيئ للغاية، نعاني جدا مع الغسيل، نفتقر مواد التنظيف لغسل ثيابنا، لاسيما وأن معظمنا نزح من غزة إلى الجنوب بكمية قليلة من الملابس، معظمها ملابس صوفية».
سميرة واحدة من آلاف الذين يواجهون أوضاعا معيشية صعبة للغاية، ناتجة عن عدم جهوزية مراكز الإيواء والبنى التحتية للمناطق لاستيعاب العدد الكبير من النازحين الجدد إليها، والذي بلغ أكثر من مليون شخص.
كارثة وشيكة
يضاف إلى ذلك انقطاع المواد الأساسية والرئيسة نتيجة الحصار على قطاع غزة، ونفاد الوقود الذي يعكس على مختلف جوانب الحياة مزيدا من التداعيات والمعاناة، في ظل انهيار للقطاع الصحي والاستشفائي في غزة وارتفاع كبير في عدد المصابين والمرضى بما يفوق الخدمات المقدمة.
كل ذلك بات ينذر بكارثة إنسانية وشيكة في صفوف النازحين الفلسطينيين وأماكن اللجوء جنوب غزة، ناجمة بالدرجة الأولى عن ارتفاع مخاطر انتشار الأوبئة والأمراض، لاسيما الفتاكة منها، بسبب الظروف المعيشية المتردية، والتي تسوء مع نقص المياه النظيفة وقلة دورات المياه الملائمة بالإضافة إلى تجمع النفايات.
نزلات معوية
ويروي محمد الخضري، وهو نازح فلسطيني من مدينة غزة إلى خان يونس جنوبا، كيفية تدهور الأمور منذ وصوله إلى مركز الإيواء التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة «أونروا»، حيث كانت الأمور «جيدة في البداية»، ولكن عندما كثرت أعداد النازحين «واجهنا مشاكل متعددة منها نقص المياه، غياب النظافة والغسيل، وعدم توفر المياه الصالحة للشرب، ما دفعنا إلى شرب مياه ملوثة».
أولاد محمد الثلاثة مرضوا نتيجة لذلك، أصيبوا جميعا بـ «نزلات معوية»، وهي عوارض تسمم تتضمن الإسهال والتقيؤ، ومغصا كلويا والتهابات بالمسالك البولية، «بسبب سوء التنظيف والتعقيم واستخدام الحمامات في أماكن غير مهيأة لاستقبال كل هذه الأعداد».
إعياء شديد
يتكرر الأمر نفسه مع غادة الكرد، وهي صحفية من غزة تعمل مع وكالات أجنبية عدة، فعلى الرغم من حرصها على شرب مياه صالحة ونظيفة، لم تعد تجد مصدرا لها في ظل الانقطاع الحاد للمياه في القطاع ومراكز الإيواء، ما اضطرها بحسب ما تقول لموقع «الحرة» إلى شرب مياه من مصادر مجهولة.
وهذا تسبب قبل ثلاثة أيام بإصابتها بإعياء شديد منعها عن الأكل والشرب، رافقه إسهال شديد، جعلها طريحة الأرض لمدة ثلاثة أيام، في خيمة لا تحوي أي فراش أو وسائد.
وخلال ثلاثة أسابيع، تم توزيع عبوات مياه معدنية لمرة واحدة فقط من قبل «الأونروا»، وفق ما أكدته غادة، مضيفة «حصلنا على 12 عبوة ونحن سبعة أشخاص، إذا احتاج الواحد منا إلى لترين في اليوم الواحد، لم تكن تكفي، ما دفعنا إلى شراء المياه المحلاة.
نتيجة لذلك، أصيب أولاد شقيقتها الأربعة بالتهابات معوية، بفارق أيام فيما بينهم، «ومنهم من مرض أكثر من مرة، بسبب عدم توفر غذاء ومياه نظيفة غير ملوثة».
نفس المعاناة
ويتشارك الجميع في غزة المعاناة ذاتها مع النقاط الطبية المنتشرة في أماكن الإيواء، والتي لا تستطيع أن تلبي سيل الحاجات الطبية المتزايدة يوما بعد الآخر.
يلجأ البعض إلى عيادات وأطباء خارج مراكز الإيواء في جنوب غزة، في ظل انقطاع وشح كبير في الأدوية واكتظاظ في المراكز الصحية والمستشفيات.
توجهت سميرة أكثر من مرة إلى النقاط الطبية، لكن للأسف ابني لم يستفد من الدواء الذي وصف له، فيما اضطر محمد إلى تأمين دواء لأطفاله «من الخارج»، أما غادة فلم تجد سبيلا للوصول إلى مراكز طبية أو عيادات خارج مناطق الإيواء، نظرا لانعدام المواصلات وسبل الوصول بسبب نفاد الوقود، وعدم قدرتها بسبب المرض على التنقل سيرا إلى مقصدها، ما دفعها إلى اللجوء لأطباء وصيادلة نازحين أيضا في أماكن الإيواء، قدموا لي بعض الأدوية المتوفرة لديهم.
خطر الكوليرا
وتضيف غادة أنها باتت تلجأ مع شقيقتها إلى الطب الشعبي البديل والوصفات البدائية، التي كنا تعلمناها من أمهاتنا وجداتنا، مثل شاي الأعشاب، من أجل مواجهة هذه الأمراض.
وتتحدث مروة أبو عودة، الباحثة في التنمية الاقتصادية، والتي تتواجد اليوم في مركز إيواء تابع للأونروا، وهي حامل بالشهر الثامن، عن المعاناة التي يواجهها الناس بسبب التلوث المنتشر، تقول إنه بالإمكان رصد هذا التلوث في المياه بالعين المجردة، يمكن رؤية آثار الصرف الصحي، بينما يستخدمها الناس للاستحمام.
هذا الأمر أدى، وفق مروة، إلى ظهور عوارض أمراض غريبة وجديدة، لاسيما على الأطفال وكبار السن، وأبرزها الأمراض الجلدية.
بدورها تلفت غادة إلى المشاكل التنفسية التي تصيب النازحين أيضا، نتيجة اضطرارهم إلى إشعال النار للطبخ، بسبب نفاد الوقود والغاز، حيث بات الدخان المنبعث عن هذا العدد الكبير من النازحين في أوقات تحضير الطعام التي تمتد على كامل النهار، تؤدي بهم إلى مشاكل تنفسية وسعال ما عاد يفارقنا.
وأدى نقص الوقود، بحسب منظمة الصحة العالمية إلى تعطيل عملية جمع النفايات الصلبة، وهو ما هيأ بيئة مواتية للانتشار السريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض أو تكون وسيطا لها.
كما أدى نقص الوقود في القطاع المكتظ بالسكان إلى إغلاق محطات تحلية المياه، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية مثل الإصابة بالإسهال، بحسب المنظمة.
تداعيات الحرب على غزة:
اضطرت للنزوح من مدينة غزة إلى وسط القطاع، ثم إلى مراكز الإيواء جنوبا، هربا من القصف والحرب، لتجد نفسها أمام خطر التعرض للتسمم والتلوث وانتشار الأوبئة، وفقا لموقع (الحرة) الأمريكي.
تؤكد سميرة أن المشكلة الرئيسة والحقيقية تكمن في الحمامات، مشكلة فظيعة جدا وتلوث كبير»، بعد ذلك تأتي أزمة توفر المياه الصالحة للشرب والاستخدام.
تلوث وتسمم
بوجه حزين متعب وعيون دابلة تتحدث سميرة فتقول «لا أتحدث عن نفسي فقط هنا، أتحدث عن عموم النازحين إلى هذه المنطقة، كل النساء والأطفال من كافة الأعمار يعانون من الأوضاع ذاتها، كلهم اليوم فقدوا الكثير من وزنهم، بسبب سوء التغذية، يعانون التسمم الدائم بسبب المياه الملوثة وانعدام المياه المعدنية».
تضيف «حتى الغرف التي يعيش فيها النازحون وضعها سيئ للغاية، نعاني جدا مع الغسيل، نفتقر مواد التنظيف لغسل ثيابنا، لاسيما وأن معظمنا نزح من غزة إلى الجنوب بكمية قليلة من الملابس، معظمها ملابس صوفية».
سميرة واحدة من آلاف الذين يواجهون أوضاعا معيشية صعبة للغاية، ناتجة عن عدم جهوزية مراكز الإيواء والبنى التحتية للمناطق لاستيعاب العدد الكبير من النازحين الجدد إليها، والذي بلغ أكثر من مليون شخص.
كارثة وشيكة
يضاف إلى ذلك انقطاع المواد الأساسية والرئيسة نتيجة الحصار على قطاع غزة، ونفاد الوقود الذي يعكس على مختلف جوانب الحياة مزيدا من التداعيات والمعاناة، في ظل انهيار للقطاع الصحي والاستشفائي في غزة وارتفاع كبير في عدد المصابين والمرضى بما يفوق الخدمات المقدمة.
كل ذلك بات ينذر بكارثة إنسانية وشيكة في صفوف النازحين الفلسطينيين وأماكن اللجوء جنوب غزة، ناجمة بالدرجة الأولى عن ارتفاع مخاطر انتشار الأوبئة والأمراض، لاسيما الفتاكة منها، بسبب الظروف المعيشية المتردية، والتي تسوء مع نقص المياه النظيفة وقلة دورات المياه الملائمة بالإضافة إلى تجمع النفايات.
نزلات معوية
ويروي محمد الخضري، وهو نازح فلسطيني من مدينة غزة إلى خان يونس جنوبا، كيفية تدهور الأمور منذ وصوله إلى مركز الإيواء التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة «أونروا»، حيث كانت الأمور «جيدة في البداية»، ولكن عندما كثرت أعداد النازحين «واجهنا مشاكل متعددة منها نقص المياه، غياب النظافة والغسيل، وعدم توفر المياه الصالحة للشرب، ما دفعنا إلى شرب مياه ملوثة».
أولاد محمد الثلاثة مرضوا نتيجة لذلك، أصيبوا جميعا بـ «نزلات معوية»، وهي عوارض تسمم تتضمن الإسهال والتقيؤ، ومغصا كلويا والتهابات بالمسالك البولية، «بسبب سوء التنظيف والتعقيم واستخدام الحمامات في أماكن غير مهيأة لاستقبال كل هذه الأعداد».
إعياء شديد
يتكرر الأمر نفسه مع غادة الكرد، وهي صحفية من غزة تعمل مع وكالات أجنبية عدة، فعلى الرغم من حرصها على شرب مياه صالحة ونظيفة، لم تعد تجد مصدرا لها في ظل الانقطاع الحاد للمياه في القطاع ومراكز الإيواء، ما اضطرها بحسب ما تقول لموقع «الحرة» إلى شرب مياه من مصادر مجهولة.
وهذا تسبب قبل ثلاثة أيام بإصابتها بإعياء شديد منعها عن الأكل والشرب، رافقه إسهال شديد، جعلها طريحة الأرض لمدة ثلاثة أيام، في خيمة لا تحوي أي فراش أو وسائد.
وخلال ثلاثة أسابيع، تم توزيع عبوات مياه معدنية لمرة واحدة فقط من قبل «الأونروا»، وفق ما أكدته غادة، مضيفة «حصلنا على 12 عبوة ونحن سبعة أشخاص، إذا احتاج الواحد منا إلى لترين في اليوم الواحد، لم تكن تكفي، ما دفعنا إلى شراء المياه المحلاة.
نتيجة لذلك، أصيب أولاد شقيقتها الأربعة بالتهابات معوية، بفارق أيام فيما بينهم، «ومنهم من مرض أكثر من مرة، بسبب عدم توفر غذاء ومياه نظيفة غير ملوثة».
نفس المعاناة
ويتشارك الجميع في غزة المعاناة ذاتها مع النقاط الطبية المنتشرة في أماكن الإيواء، والتي لا تستطيع أن تلبي سيل الحاجات الطبية المتزايدة يوما بعد الآخر.
يلجأ البعض إلى عيادات وأطباء خارج مراكز الإيواء في جنوب غزة، في ظل انقطاع وشح كبير في الأدوية واكتظاظ في المراكز الصحية والمستشفيات.
توجهت سميرة أكثر من مرة إلى النقاط الطبية، لكن للأسف ابني لم يستفد من الدواء الذي وصف له، فيما اضطر محمد إلى تأمين دواء لأطفاله «من الخارج»، أما غادة فلم تجد سبيلا للوصول إلى مراكز طبية أو عيادات خارج مناطق الإيواء، نظرا لانعدام المواصلات وسبل الوصول بسبب نفاد الوقود، وعدم قدرتها بسبب المرض على التنقل سيرا إلى مقصدها، ما دفعها إلى اللجوء لأطباء وصيادلة نازحين أيضا في أماكن الإيواء، قدموا لي بعض الأدوية المتوفرة لديهم.
خطر الكوليرا
وتضيف غادة أنها باتت تلجأ مع شقيقتها إلى الطب الشعبي البديل والوصفات البدائية، التي كنا تعلمناها من أمهاتنا وجداتنا، مثل شاي الأعشاب، من أجل مواجهة هذه الأمراض.
وتتحدث مروة أبو عودة، الباحثة في التنمية الاقتصادية، والتي تتواجد اليوم في مركز إيواء تابع للأونروا، وهي حامل بالشهر الثامن، عن المعاناة التي يواجهها الناس بسبب التلوث المنتشر، تقول إنه بالإمكان رصد هذا التلوث في المياه بالعين المجردة، يمكن رؤية آثار الصرف الصحي، بينما يستخدمها الناس للاستحمام.
هذا الأمر أدى، وفق مروة، إلى ظهور عوارض أمراض غريبة وجديدة، لاسيما على الأطفال وكبار السن، وأبرزها الأمراض الجلدية.
بدورها تلفت غادة إلى المشاكل التنفسية التي تصيب النازحين أيضا، نتيجة اضطرارهم إلى إشعال النار للطبخ، بسبب نفاد الوقود والغاز، حيث بات الدخان المنبعث عن هذا العدد الكبير من النازحين في أوقات تحضير الطعام التي تمتد على كامل النهار، تؤدي بهم إلى مشاكل تنفسية وسعال ما عاد يفارقنا.
وأدى نقص الوقود، بحسب منظمة الصحة العالمية إلى تعطيل عملية جمع النفايات الصلبة، وهو ما هيأ بيئة مواتية للانتشار السريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض أو تكون وسيطا لها.
كما أدى نقص الوقود في القطاع المكتظ بالسكان إلى إغلاق محطات تحلية المياه، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية مثل الإصابة بالإسهال، بحسب المنظمة.
تداعيات الحرب على غزة:
- 1.5 مليون نازح
- 2.3 مليون يواجهون خطر الموت
- 355 ألف مريض
- 12 ألف شهيد
- 5 آلاف طفل شهيد
- 29 ألف مصاب
- 3.2 ألف مفقود