عبدالله قاسم العنزي

التشريع الرياضي بين الواقع والمأمول

الأحد - 17 سبتمبر 2023

Sun - 17 Sep 2023

القانون الرياضي هو مزيج من القوانين التي تطبق على الرياضيين والرياضة، ويتداخل القانون الرياضي إلى حد كبير مع القانون المدني من ناحية العقود، لاعتبارات المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية.

المهم والذي يعد مربطا للفرس، أن الدول التي أدركت أنه لا يمكن الحديث عن تطور في الأداء الرياضي إلا في إصلاح المنظومة القانونية المتعلقة بالرياضة، ومع ما يستجيب إلى تطلعات المنتخب.

والدولة ككل من الدول قطعت أشواطا في مجال التشريع الرياضي خلال مجمل لوائح تنظيمية، لكن هذه اللوائح يجب ألا تكون لوائح مقتصرة على مجرد التنظيم، بل المأمول أن يتعدى قوة النص القانوني إلى دعم الاستثمار في المجال الرياضي، ولا يخفى على أحد ما لهذا من فائدة على الاقتصاد المحلي، فقد تغير مفهوم الرياضة في السنوات الأخيرة بعد أن تحول إلى قطاع اقتصادي مستقبلي رئيسي، يمكنه الإسهام في ازدهار الوطن من الناحية الاقتصادية؛ فلم تعد الرياضة مجرد نشاط ترفيهي يستهدف مجموعة من هواة الرياضة، بل أصبحت نشاطا اقتصاديا يتحمل الربح والخسارة وهذا ما أدركته الدول المتقدمة، أن تتعامل مع الرياضة كصناعة حقيقية تدخل فيها استثمارات ورؤوس أموال ضخمة ولكن ـ عندنا ـ لا تزال بعض التشريعات تحتاج إعادة نظر وتجديد صاغتها وفق الصيغ القانونية الرصينة وأعتقد ـ والله أعلم ـ أن المستثمرين السعوديين أو المستثمر الأجنبي، ما زالوا ينظرون إلى هذا المجال باعتباره غير آمن، لأن التشريعات من اللوائح ينقصها بعض القصور في صياغتها وبنائها وفق التشريعات التي تتوافق مع ما يطمئن له المستثمر من حماية حقوقه.

والرياضة من زاوية غير ضيقة ترتبط بها صناعات أخرى متعددة.

فهناك التكنولوجيا للملاعب والأدوات والملابس والإعلام إلى غيرها من الصناعات المرتبطة بالرياضة، والتي لا نقصد بها كرة القدم فقط، لأن كل رياضة لها شعبية وجمهور وبقدر هذه الشعبية بقدر ما تصبح الصناعات المرتبطة بالرياضة صناعات حيوية ومهمة ومؤثرة في الاقتصاد. وعلى ذلك فإن صناعة الرياضة لها بعد استراتيجي تطمح إليه الرؤية 2030، تمس مصالح وسعادة المجتمع وجودة الحياة.

كما أن الأهمية البالغة للتشريع الرياضي، في كونه آلية فعالة لحل النزاعات والخلافات التي قد تحدث نتيجة ممارسة الرياضة، فهي في الواقع تحتاج إلى إعادة نظر وتقنين وتعديل على بعض اللوائح، لأنها وسيلة مهمة في حل خلافات الرياضيين، سواء بضمان حقوق الرياضيين المكتسبة نتيجة الممارسة الرياضية وهو ما يصطلح عليه بالحقوق الأدبية، أو حماية أيضا حقوقهم المادية نتيجة الأداء أو نتيجة الإصابة.

فالتشريع الرياضي المحكم يأتي بشكل الإطار القانوني الذي يوفر الحماية للرياضيين، وهو ما يشكل في الأخير حماية أكيدة، ويعطي بذلك دفعا قويا لممارسي الرياضة بغية الوصول على أداء رياضي فعال كما ونوعا.

ولو تأملنا بعض النصوص في اللوائح الرياضية نجد بعضها فيها عيوب تعتري النص القانوني، لاعتبار أنها لا تغلق التأويلات والتفسيرات، ولو نظرنا إلى القاعدة القانونية الرياضية في ميزان التدرج المعياري للنصوص القانونية نجده تدرجا ضعيفا، وهذا يكون سببا لعزوف المستثمرين ورجال الأعمال في الدخول في عضويات الأندية الرياضية.

إن التشريع الرياضي يجب أن يكون متطورا من حيث الصياغة الفنية القانونية الشاملة لكل المستجدات في الوسط الرياضي، وأن تكون أحد أهم الأسباب التي تجلب رؤوس الأموال الضخمة التي تساعد في بناء الاقتصاد.

فلا نحصر تفكيرنا في مجرد استعمال الرياضة للترفيه، بل أخذت أبعادا كبيرة وباتت صناعة يجب الاهتمام بها بتشريعات رصينة تعالج كل الأمور التي من المتوقع حدوثها في المستقبل أو في الوقت الحالي.

ختاما، فإن الصياغة القانونية علم يفترض الإلمام به، بقصد الوصول إلى تحسين النص القانوني ليفي بالغرض الذي أنشئ من أجله، ولا أبالغ إن قلت بعض اللوائح يجب أن يعاد النظر فيها من حيث معرفة الغاية من وضع القاعدة القانونية، والدقة في اللغة ومفرداتها التي تشكل النص القانون الرصين.

expert_55@