هل يجمع بوتين «الأشرار» لتصدير الرعب لأمريكا؟
شامبيون: ما يحدث ليس حربا باردة.. بل هو محاولة للإفلات من العزلة
شامبيون: ما يحدث ليس حربا باردة.. بل هو محاولة للإفلات من العزلة
الأحد - 17 سبتمبر 2023
Sun - 17 Sep 2023
رغم ما يبدو من غرابة في شخصية رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون وتصرفاته، لا يمكن الاستخفاف بزيارته روسيا، فهي ليست في صالح الغرب، بل ستساعد الرئيس فلاديمير بوتين على مواصلة حربه، في ظل ما يملكه كيم من مخزون كبير من الذخائر المناسبة التي يمكنه أن يزود بها روسيا، في وقت يشكو فيه الجنود الروس من نقص الأسلحة في مواجهة الهجوم الأوكراني المضاد.
هذا ما يؤكده المحلل السياسي الأمريكي مارك شامبيون في تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ للأنباء، إذ لم يكشف كيم أو بوتين عن أي تفاصيل عما دار من مناقشات بينهما، لكن كيم أرسل بالفعل بعض قذائف المدفعية التي استخدمتها روسيا في أوكرانيا العام الماضي، ويبدو من الواضح أن هناك شيئا ما أكبر مطروح على الطاولة الآن.
عدو شرير
أكد بوتين ردا على أحد الأسئلة بأن اختيار قاعدة فوستوتشني كوزمودروم الفضائية مقرا لعقد اجتماعهما، يعني أن كيم سيحصل في المقابل على مساعدة، فيما يتعلق ببرنامجه المتعثر الخاص بالأقمار الاصطناعية.
ويضيف شامبيون، بأنه بطبيعة الحال تحصل أوكرانيا على أسلحة من أطراف أخرى أيضا، لكن من الخطأ القول إن تقديم أسلحة للقيام بغزو أمر مماثل لتقديمها لدولة للدفاع عن نفسها، وقد أوضح كيم أنه في روسيا لعقد تحالف» استراتيجي» ضد الولايات المتحدة ، وهي دولة مهيمنة وعدو «شرير».
دول مارقة
جاء في تقرير نشرته أخيرا الباحثة بمعهد بروكينغز كونستانز ستيلازين مولر، أن الدرس المستفاد من حرب أوكرانيا هو أن استمرار الغرب طوال 30 عاما دون عدو يتمتع بالقوة نفسها أمر انتهى الآن، فمن المؤكد أن الولايات المتحدة وأوروبا تواجهان دولا أعداء ومنافسة، وكذلك إرهابيين دوليين وما يسمى بالدول» المارقة»، خاصة كوريا الشمالية.
ويوضح شامبيون أن روسيا تقوم الآن باجتذاب مجموعة متفرقة من الدول ذات التفكير المماثل لقضيتها وتعد إيران، التي كان الكرملين متباعدا عنها حتى 2015، للضغط عليها لتوقف إنتاج وقودها النووي وأسلحتها النووية المشتبه بها، دولة أخرى مثل كوريا الشمالية.
تداعيات التحالف
يرى شامبيون أن هاتين الدولتين تمتلكان الآن قذائف المدفعية والطائرات المسيرة التي يحتاجها بوتين، وسيفعل كل ما يستطيع للحصول عليها. وذلك يعني أنه سيقدم لهما المساعدة بالنسبة لأولوياتهما الأمنية.
وكانت إيران هي أول دولة يزورها بوتين في يوليو الماضي منذ بداية الحرب، عندما زار المرشد الأعلى آية الله خامنئي في طهران. وأعقبت ذلك، زيارات لوفود ذات علاقة بالدفاع والصناعة.
ويتوقع أن تكون هناك تداعيات لهذا التحالف ليس في أوروبا، ولكن أيضا في آسيا والشرق الأوسط، لأن روسيا عضو في مجلس الأمن الدولي، ودولة نووية كبرى ولديها موارد مثل قاعدة فوستواشني كوزمودروم، تفتقر إليها دول مثل كوريا الشمالية وإيران.
ولم تغير العقوبات الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة ذلك، إذ إنه مع توافر عدد كاف من مثل هذه الدول الصديقة، قد تصبح مجرد فكرة الدولة المارقة بدون معنى. فهي ستصبح كتلة غير جذابة وضعيفة نسبيا بكل تأكيد، لكنها قادرة على التسبب في أضرار شديدة.
انقلابات أفريقيا
تقوم روسيا بنشاط تجنيد كبير في أفريقيا أيضا، حيث ترعى الانقلابات في دول يتزعمها رؤساء مواليون للغرب، يقفون حجر عثرة في طريقها.
ويرى شامبيون أن ما يحدث ليس حربا باردة، أو على الأقل ليست الحرب الباردة التي شهدناها من قبل، كما أن روسيا ليست الاتحاد السوفيتي السابق، حتى لو بدا أن بوتين لم يذكر الاسمين في تصريحاته أمام كيم.
وقال، إن «دولتنا» هي أول من اعترفت بجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، ودولتنا هي التي دعمت حرب الاستقلال التي خاضتها ضد كوريا الجنوبية التي تدعمها الولايات المتحدة في خمسينات القرن الماضي.
ويؤكد شامبيون أن محاولة بوتين الإفلات من العزلة ستؤثر على عالمنا، وتقوض النظام الدولي القائم على أساس القواعد، والذي يزدريه بوتين بشدة.
كآبة وتشاؤم
يرى الخبير السياسي أن كثيرا جدا مما يقوله بوتين ووزير خارجيته لافروف غير حقيقي، لكن مع ذلك هناك حاجة للتعامل معه بجدية أكثر، وسيعني هذا مزيدا من التفكير الاستراتيجي والدفاع، خاصة بالنسبة لأوروبا.
وسأل شامبيون ميكولا بيليسكوف، وهو محلل عسكري في كييف، عما قد يعنيه كل هذا في ظل تحول الهجوم المضاد الأوكراني إلى حرب استنزاف، وحصول الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة على بعض الجاذبية، خلال مهاجمتها لتكاليف الحرب بالنسبة لناخبيها وأوامر بوتين بمزيد من التجنيد (الحصول على ذخيرة من كيم) استعدادا لفصل الشتاء، وقال إن المحلل كان أكثر تفاؤلا مما كان يتوقع، رغم أن هذا لا يعني انتهاء الحرب بسرعة.
وقال بيليسكوف، وهو باحث في معهد كييف الوطني للدراسات الاستراتيجية، المرتبط بالرئاسة الأوكرانية: «إنني أرى تغييرا في الاتجاه الصحيح بالمقارنة بيوليو، عندما كان هناك قدر كبير من الكآبة والتشاؤم»، فيما يتعلق بسير الهجوم المضاد والحاجة إلى تسوية الحسابات مع روسيا.
حرب طويلة
أشار بيليسكوف إلى تقرير صدر أخيرا من معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي، الذي يرصد الدعم الدولي لأوكرانيا قائلا: «معظم صانعي السياسات الآن يرون أنه ستكون هناك حرب طويلة، وأنه من مصلحة دول الناتو دعم أوكرانيا لمدة طويلة».
وقال المعهد، إن أوروبا ضاعفت التزاماتها تجاه أوكرانيا ودفاعها خلال الصيف، مما جعلها مسهما أكبر من الولايات المتحدة.
ويقول بيليسكوف، إنه إذا ما سحب القادة الغربيون دعمهم في محاولة للضغط على أوكرانيا لقبول تسوية غير ملائمة، سيكون الوضع فظيعا لكنه أيضا لن يدوم، روسيا ستعود للهجوم وارتكاب فظائع؛ وستطالب الغالبيات الانتخابية في الولايات المتحدة وأوروبا التي تواصل دعم أوكرانيا، حكوماتها مرة أخرى بالمساعدة في تغيير مسار الأمور.
نتائج تحالف بوتين مع كيم
- تصدير الخوف والرعب إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
- تعزيز قدرات روسيا في حربها الطويلة مع أوكرانيا.
- إخراج الرئيس الكوري الشمالي من العزلة التي يعيشها.
- تعزيز البرنامج النووي لكوريا الشمالية.
- الصمود في مواجهة العقوبات المفروضة من أمريكا والغرب.