جراح أفريقيا تنزف.. من السودان للنيجر

تحتضن الدول الـ5 الأقل سلما في العالم.. وتستوعب 15 صراعا دمويا
تحتضن الدول الـ5 الأقل سلما في العالم.. وتستوعب 15 صراعا دمويا

الأربعاء - 16 أغسطس 2023

Wed - 16 Aug 2023

منذ أربعة أشهر يتقاتل جنرالان كانا حليفين في الماضي من أجل السلطة في السودان دون اعتبار لأي خسائر، وعلى بعد 4 آلاف كيلومتر غربا - في منطقة الساحل - تدور رحى معارك ضد إرهابيين، ومع الانقلاب الأخير في النيجر تقع دولة أخرى في أيدي سلطة عسكرية، صراع يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة بأكملها، ليصبح الإرهاب والعنف جزءا من الحياة اليومية في أجزاء أخرى من أفريقيا أيضا.

جروح مفتوحة تنزف طول الوقت، أخبار مفزعة لا تتوقف.. صراعات وأزمات وكوارث تنتقل من بلد إلى أخرى، ليبقى السؤال العريض المطروح: لماذا لا تهدأ القارة السمراء، من يقف وراء القلاقل والحروب المنتشرة في أرجائها؟

العنف والجوع

رغم المواجع الكبيرة التي تعيشها القارة، لا تزال هناك فرص لزيادة الإنتاجية والتطور، حيث تعد أفريقيا سوق مبيعات مهم ولجذب الاستثمارات، وقد بددت اليوم بالفعل مدن حيوية كبرى مثل لواندا وكيجالي ولاجوس ونيروبي الصورة النمطية عن القارة التي تعيش دائما في معاناة، حتى لو كانت مراكز هذه المدن لا تزال محاطة بأحياء فقيرة، يتطور الاقتصاد الرقمي في هذه المدن، ويعيش فيها شباب على قدر جيد من التعليم، وتنمو فيها شركات متوسطة الحجم ويزدهر الابتكار.

وهناك على الجانب الآخر، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فر 44 مليون شخص هذا العام من منطقة جنوب الصحراء بسبب العنف أو الجوع أو الكوارث.

ووفقا لمؤشر السلام العالمي 2022، تحتضن هذه المنطقة خمس دول من بين الدول العشر الأقل سلما في العالم.

وأحصت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أكثر من 15 صراعا يعاني فيها مدنيون في أفريقيا جنوب الصحراء من العنف هذا العام وحده.

النخب الفاسدة

تبدو أسباب الصراعات معقدة، وتشمل - وفقا لخبراء - الفشل الحاد في السياسية والاقتصاد، والفقر والبطالة، والنخب الفاسدة، والحوكمة الضعيفة، والاعتماد على تصدير المواد الخام.

إلى جانب ذلك، تضطلع السلطات العسكرية في العديد من هذه الدول بدور مهم في السياسة المحلية.

ويلقي إرث الاستعمار بثقله على أكتاف أفريقيا، حيث كتب محللون من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في جنوب أفريقي «في ظل النظام متعدد الأقطاب اليوم، تتدخل قوى غربية (الولايات المتحدة وفرنسا) وقوى ناشئة (الصين وروسيا وتركيا) في المنطقة سعيا وراء مصالح مختلفة ومتضاربة في كثير من الأحيان»، وفقا للمعهد، دعمت القوى الكبرى ذات المصالح في أفريقيا على وجه التحديد أطراف صراع متنافسة من أجل تعميق خطوط الصدع الداخلية وتصعيد العنف، حتى خلال الحقبة الاستعمارية.

ضغوط مناخية

ويفرض تغير المناخ ضغوطا متزايدة على أفريقيا، حيث صارت الظواهر المناخية المتطرفة - مثل الجفاف والفيضانات والعواصف الاستوائية وأوبئة الجراد - جزءا من الحياة اليومية، وهو ما يترتب عليه وفاة أفراد وتشرد آخرين وفقدانهم كل ما يملكون.

ويقول فيليب أوسانو، مدير مركز أفريقيا في معهد ستوكهولم للبيئة «قوة تغير المناخ في إحداث تفاقم للصراعات العنيفة واضح في أفريقيا»، وبحسب أوسانو، سيتسبب الصراع المتزايد على الموارد الطبيعية في زيادة حدة التوترات القائمة بالفعل.

الهدوء.. كيف؟

كيف يمكن لقارة أفريقيا أن تنعم ببعض الهدوء؟

تأتي الإجابة على لسان ريموند جيلبين، المحلل في مركز أفريقيا للأبحاث، إنه يتعين تحديد الأسباب المتكررة بدلا من مكافحة الأعراض، يقول «من بين هذه الأسباب على سبيل المثال: السيطرة على الموارد الطبيعية، ومساعي استعمارية جديدة، والجريمة والإرهاب، وكذلك جهات مثيرة للاضطرابات مثل مجموعة المرتزقة الروسية «فاجنر».

وحذر جيلبين من أن محاولات تهدئة العنف من خلال مكافحة التمرد أو فرض عقوبات اقتصادية أو إجراء انتخابات سريعة غالبا ما تأتي بنتائج عكسية، وقال «لكن يمكن تحقيق نتائج مرجوة عبر مناهج شاملة طويلة الأجل».

أبرز الصراعات في أفريقيا

السودان

  • منذ 15 أبريل الماضي اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وإلى جانب العاصمة الخرطوم، يتركز القتال بشكل أساسي في إقليم دارفور غرب البلاد، حيث أشارت تقارير للأمم المتحدة إلى وقوع جرائم حرب بدوافع عرقية.


الساحل الغربي


  • تستخدم جماعات إرهابية بايعت تنظيم داعش أو شبكة القاعدة العنف في مالي والنيجر وبوركينا فاسو منذ عام 2012، وبعد انقلابات عسكرية يتولى الجيش الآن السلطة في النيجر ومالي وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد.


إثيوبيا


  • بعد سنوات من الحرب الأهلية في منطقة تيجراي شمال البلاد، تصاعد العنف بين الحكومة المركزية ومجموعة الأمهرة العرقية في منطقة أمهرة المتاخمة لتيجراي من الجنوب.


الكونغو الديمقراطية


  • تحتوي على احتياطات كبيرة من النحاس والألماس والكوبالت والكولتان والذهب، وتشن جماعات متمردة هجمات منذ عقود، حيث من يسيطر على المنطقة يستفيد من الثروات المعدنية.


موزمبيق


  • المنطقة التي تشارك فيها شركة الطاقة الفرنسية «توتال» في مشروع غاز مسال بمليارات اليورو - يشن فيها متمردون متطرفون هجمات متكررة منذ عام 2017.


نيجيريا


  • يحارب أكبر اقتصاد في أفريقيا في جبهات متعددة: عصابات إجرامية في الشمال الغربي، وميليشيات «بوكو حرام» في الشمال الشرقي، وتدور معارك عنيفة للسيطرة على الأراضي بين رعاة ومزارعين في وسط البلاد، بينما تندلع أعمال عنف متكررة في الجنوب للسيطرة على حقول النفط.


الصومال


  • منذ أكثر من عشر سنوات تزعزع ميليشيات »الشباب« استقرار البلد الواقع في القرن الأفريقي وتسيطر على أجزاء كبيرة من جنوب البلاد.


أفريقيا.. قارة الصراعات:


  • 1.4 مليار شخص يعيشون داخل القارة

  • 2 تأتي ثانية أكبر قارة من حيث المساحة في العالم

  • 1 مليار شخص يعيشون جنوب الصحراء

  • %70 من أعمار القارة أقل من 30 عاما

  • %25 من سكان العالم يسكنون أفريقيا بحلول 2050

  • 44 مليونا يفرون منها بسبب الجوع والكوارث