قصف الزاوية الليبية ملاحقة عصابات أم تصفية حسابات؟

مراقبون يتوقعون انفصال المدينة عن حكم «الوحدة الوطنية»
مراقبون يتوقعون انفصال المدينة عن حكم «الوحدة الوطنية»

الاحد - 28 مايو 2023

Sun - 28 May 2023

بعد شهور من الهدوء عاد التوتر الأمني ليتصدر المشهد في ليبيا، مع قصف الطيران المسير لمدينة الزاوية التي تقع على مسافة 45 كلم غرب العاصمة الليبية طرابلس، وتعيش منذ أسابيع فوضى عارمة على خلفية اصطدام بين الأهالي ومجموعات مسلحة خارجة عن القانون تمتهن تجارة تهريب البشر والوقود.

وفيما أطلقت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة عملية عسكرية في منطقة الساحل الغربي بمشاركة الطيران الحربي الذي شن غارات جوية استهدفت مواقع عدة في المنطقة، من بينها مقر سكني خاص بعضو مجلس النواب على أبوزريبة شقيق وزير داخلية حكومة فتحي باشاغا، يرى مراقبون أن العملية تخطت ملاحقة هدفها بملاحقة عصابات الجريمة إلى تصفية سياسية بين الخصوم المتناحرين في ليبيا.

إرهاب الخصوم

قال البيان الصادر عن وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية إن الحملة تستهدف تنفيذ ضربات جوية ضد أوكار عصابات تهريب الوقود وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر في منطقة الساحل الغربي، من قبل الطيران الحربي الوطني.

وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد حمودة في تصريحات صحافية أن العملية لن تتوقف إلا بتنفيذ جميع أهدافها التي تأتي ضمن خطة عسكرية لتطهير مناطق الساحل الغربي وباقي مناطق ليبيا، من أوكار الجريمة، والأعمال العصابية.

في المقابل خلفت العملية العسكرية ردود فعل محلية وأممية مختلفة كان آخرها اتهام رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري لرئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد الدبيبة باستغلاله للطيران المسير لإرهاب خصومه السياسيين.

سحب الصلاحيات

وطالب المشري الذي تعود جذوره إلى مدينة الزاوية المجلس الرئاسي بسحب صلاحيات الطيران المسير وقيادته من الدبيبة، وقال إنه يرفض توظيف الدبيبة، بصفته وزيرا للدفاع، لسلاح الطيران المسير لتصفية حسابات سياسية ضد أطراف مختلفة معه سياسيا، بحجة نبيلة كمكافحة الجريمة، عادا الدبيبة مستغلا لإدارة الطيران المسير سياسيا لإرهاب خصومه السياسيين ومواجهتهم، وهي لا علاقة لها بالحليف التركي، وإنما تدار بشكل مباشر من الدبيبة.

ورأى المشري أن تهريب النفط والوقود يتم على مستوى كبير وواسع وبشكل شبه رسمي عن طريق شخصيات ومستشارين لرئيس الحكومة، مطالبا المجلس الرئاسي بسحب صلاحية الطيران المسير من وزارة الدفاع.

ساحة حرب

وبينما نددت رئاسة مجلس النواب في بيان لها بالاعتداء السافر على مقر سكن عضو مجلس النواب في الزاوية علي أبوزريبة وعلى المدنيين والمنشآت المدنية في الزاوية، قالت البعثة الأممية للدعم في ليبيا إن هذه الأحداث تشكل تذكيرا بالحاجة الملحة إلى توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتمكينها وجعلها خاضعة للمساءلة من أجل ضمان سلامة الشعب الليبي واستقراره في جميع أنحاء البلاد.

وبرزت تخوفات من عودة البلد إلى مربع الصراعات المسلحة طويلة المدى، قد تصل إلى تحويل المنطقة إلى ساحة حرب بين تركيا المتمركزة في قاعدة الوطية في الغرب، وإيطاليا التي ستلجأ للقوة لحماية مصالحها النفطية في المنطقة الغربية، وهو سيناريو يرشحه بقوة وزير الداخلية الأسبق عاشور شويل.

لعبة مكشوفة

ولم يخف عضو مجلس النواب جبريل وحيدة في تصريحات لـ «إندبندنت عربية» خشيته من انفصال مدينة الزاوية عن حكومة الدبيبة، خاصة أن معظم مكونات المدينة موالون لمجلس النواب، وقال إن رئيس الحكومة الوطنية يستغل صفته كوزير للدفاع للانتقام من خصومه السياسيين، وأحداث الزاوية ما هي إلا دليل على رفض الدبيبة للمسار الديمقراطي، وإلا لما اختار القيام بهذه العملية العسكرية مباشرة بعد إعلان لجنة 6+6 الانتخابية عن اتفاقات قانونية للذهاب نحو انتخابات وطنية من مقر اجتماعاتها في أبوزنيقة المغربية.

وأوضح أن الدبيبة سبق وقال إنه لن يتنازل عن السلطة حتى لو اقتضى الأمر حمل السلاح، وها هو الآن يستغل الطيران المسير لإدخال البلد في حالة من الفوضى قد تمتد إلى حرب طويلة لتعطيل العملية السياسية بدعم تركي لضمان بقائه لأطول مدة في سدة الحكم.

واختتم «لعبة الدبيبة مكشوفة ولن تحقق أهدافها ويبدو أنها ستكلفه انفصال مدينة الزاوية عن حكومته التي بدأت تفقد أنصارها ليتعمق بذلك الانقسام السياسي والأمني داخل الغرب الليبي».

فتيل الحرب

وعد وزير الداخلية الليبي الأسبق عاشور شويل الأمر خطيرا جدا، وقال إن المسألة لن تتوقف عن انفصال الزاوية عن حكومة الدبيبة، فقد يتطور الأمر إلى صراع عسكري إقليمي بين تركيا التي تدعم العملية العسكرية للدبيبة بالزاوية وإيطاليا، على خلفية حماية مصالحها النفطية هناك، الأمر الذي لن يسكت عنه أهالي الزاوية.

وأكد أن عملية الزاوية عسكرية مغلفة بأهداف سياسية تأتي في مقدمتها عودة سيناريو الحرب الأهلية، فالقضاء على أوكار المخدرات والاتجار بالبشر وتهريب الوقود يتم تحت غطاء قانوني وبالتنسيق مع القضاء الليبي، وليس بالاستقواء بالطيران التركي، مما يعد اعتداء صريحا على السيادة الليبية.

ونوه شويل لعملية مماثلة وقعت منذ أشهر في مدينة بنغازي واستهدفت تجار المخدرات والسلاح، لكنها تمت بأياد وطنية ليبية، وطالب بتنفيذ النصوص القانونية بحذافيرها والتوجه نحو سحب السلاح من المجموعات غير القانونية واحتكاره في السلطات العسكرية والأمنية النظامية والمنطوية تحت سلطة الدولة الموحدة فحسب.

ماذا يحدث في الزاوية الليبية؟

  • تعد رابع أكبر المدن في ليبيا

  • تعيش على صفيح ساخن منذ أيام

  • تشهد احتجاجات مستمرة وصفت بأنها تفش للجريمة

  • تسببت الاشتباكات في قطع طرق فرعية ورئيسة

  • انتشر فيديو منها لشباب ليبيين يتعرضون للتعذيب على يد مرتزقة أفارقة

  • دفعت الاحتجاجات المتظاهرين لغلق صمامات مصفاة الزاوية للنفط

  • طالبوا بإقالة مدير الأمن وأعلنوا العصيان المدني

  • أغلقوا مقر المجلس البلدي اعتراضا على ما يحدث من المجموعات المسلحة

  • قصفت حكومة الوحدة الوطنية بالمسيرات عددا من المقرات المشبوهة

  • قال معارضون إن القصف طال الخصوم السياسيين للدبيبة