تركيا.. تعديلات مجلس القضاة الأعلى أمام امتحان المحكمة الدستورية

صادق الرئيس التركي عبدالله جول على التعديلات التي أقرها البرلمان التركي في موضوع إعادة تنظيم عمل مجلس القضاة الأسبوع الماضي بعد مناقشات ساخنة وصلت إلى الشجار بين نواب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة

صادق الرئيس التركي عبدالله جول على التعديلات التي أقرها البرلمان التركي في موضوع إعادة تنظيم عمل مجلس القضاة الأسبوع الماضي بعد مناقشات ساخنة وصلت إلى الشجار بين نواب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة

الثلاثاء - 04 مارس 2014

Tue - 04 Mar 2014



صادق الرئيس التركي عبدالله جول على التعديلات التي أقرها البرلمان التركي في موضوع إعادة تنظيم عمل مجلس القضاة الأسبوع الماضي بعد مناقشات ساخنة وصلت إلى الشجار بين نواب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة.

وتحركت المعارضة التي وجهت انتقادات لحكومة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان بمحاولة توسيع رقعة نفوذها وتشديد قبضتها على المؤسسات الرسمية التركية وعلى رأسها الجسم القضائي في إطار مواجهة مشتعلة مع جماعة فتح الله غولان المتهمة بالهيمنة على كثير من مراكز الدولة الحساسة، وتهدف المعارضة إلى إلغاء هذه التعديلات في محاولة لتسجيل انتصار سياسي قبيل الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها أواخر الشهر المقبل.

وسارع نواب حزب الشعب الجمهوري من أجل ذلك وبعد نشر التعديلات في الجريدة الرسمية للتقدم بطلب الطعن بها وإلغائها من قبل المحكمة الدستورية بعدما عاشوا خيبة أمل في محاولة مبكرة عندما تقدموا بطلبهم هذا دون انتظار توقيع الرئيس التركي عليه فردتهم المحكمة خائبين فهل يكون لهم ما يريدون هذه المرة؟الأكاديمي جنكيز أكتار يطرح احتمال أن ترد المحكمة هذه التعديلات التي تأتي في أجواء منازلة سياسية وقانونية خصوصا أن تحرك الحكومة يندرج في أجواء أزمة تفجرت في يناير وهي ناجمة عن الفضيحة السياسية والمالية بين الحكومة وجماعة غولان وهو يدعم رأيه بمواقف وتصريحات للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتحذيرات الموجهة إلى حكومة إردوغان بعدم المساس بالحريات والإنجازات التي حققتها أنقرة في السنوات الأخيرة على طريق الالتحاق بالمجموعة الأوروبية خصوصا في بنية وعمل إحدى أهم المؤسسات والرموز وهو السلك القضائي.

وكان الرئيس التركي دخل على خط الأزمة مطالبا الحكومة بتغيير مواد أساسية في اقتراحاتها أو بدعوة المعارضة للتعاون من أجل تعديل المادة الدستورية نفسها، لكن فشله في ذلك دفع إردوغان للجوء إلى غالبيته البرلمانية بعدما رفضت المعارضة التعاون مرجحة قرع أبواب المحكمة الدستورية.

وربما بين الانتقادات الأهم التي توجهها المعارضة هي محاولة حكومة إردوغان توسيع مساحة سيطرتها على هذا الجسم القضائي الذي أسست له قبل 3 سنوات فقط بالتنسيق مع جماعة غولان وفي إطار استفتاء شعبي عام وصف وقتها بأهم إنجازات الحكومة في المجال العدلي والقضائي.

وهذا ما كرره أحد قيادات حزب الشعب الجمهوري عاكف حمزة تشيبي حين قال إن رئيس الوزراء يحاول تطويع هذه المؤسسة القضائية التي دعم انطلاقتها قبل أعوام.

تقنيا ووفقا للدستور التركي، “يحق لرئيس الجمهورية النظر في القوانين والتعديلات المقترحة لمدة 15 يوما قبل المصادقة عليها، ومن حقه أيضا الموافقة على بعض المواد ورفض البعض الآخر”، وفي حال لم يصادق الرئيس على بعض المواد المقترحة من القانون يعاد ثانية إلى البرلمان لمناقشته، ثم يحال مجددا لرئيس الجمهورية للمصادقة عليه، ثم تدخل المحكمة الدستوري على الخط لتقول الكلمة الفصل وهذا ما فعله الحزب المعارض الذي لم يبق أمامه أية فرصة قانونية أخرى.

أما في مسائل التعديلات التي أثارت كل هذا الضجيج والانقسامات في الداخل التركي فإن بينها فقرة تعيد صلاحية تعيين رؤساء الدوائر التابعة للمجلس، وقضاة التحقيق والمفتشين، وتقرير العقوبات التأديبية لأعضاء المجلس، وإصدار التعميمات والبلاغات، إلى الهيئة العامة للمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، أو الدوائر المعنية التابعة لها، بعدما كانت من صلاحيات وزارة العدل.

وللتذكير فإن مهمة المجلس المذكور الأولى هي الإشراف على تعيين آلاف القضاة والمدعين العموميين وتنظيم شؤونهم الإدارية والمهنية بالتعاون مع وزارة العدل التركية، وهنا تحرك بعض أعضاء المجلس لانتقاد التعديلات ووصفها بأنها غير قانونية وربما هي النقطة الأساسية في أسباب تحرك البعض داخل المجلس نفسه لإصدار أكثر من وقف انتقادي للحكومة برر لها تحركها الجديد هذا.

وانعكس الاصطفاف الأخير هذا على الأوساط القانونية والأكاديمية والإعلامية فالإعلاميان طه أقيول ومحمد توزجان يتوقعان طعن المحكمة بالتعديلات، ولكن ذلك لن يقطع الطريق على الحكومة في تحقيق غايتها الأولى إجراء حملة تصفيات واسعة في صفوف الجسم القضائي.

ويقول الكاتب قدري غور سال إنها عملية واضحة تمس الدستور التركي نفسه وتطال استقلالية القضاء مباشرة، لكن مراد يتكين في جريدة راديكال يطرح مسألة المناورة السياسية للرئيس التركي الذي اختار طريق التعاون مع الحكومة وعدم إغضاب نواب العدالة والتنمية وهو يسير نحو انتخابات رئاسية مقبلة يحتاج إلى أصواتهم فيها.

ومن جهته يرى الكاتب روشان شاكير من صوبه أن التعديلات طالت أيضا معهد القضاء وهيئة التفتيش القضائي وهي حملة واسعة لا يمكن إطلاقا التخفيف من ارتداداتها في المستقبل.

ويقول زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو إن التعديلات تلقي بـ90 عاما من المكاسب الديمقراطية في القمامة ومفوض توسعة الاتحاد الأوروبي ستيفان فيول يطالب السلطات مراجعة التعديلات المتعلقة بالقانون قبل تبنيها لضمان انسجامها مع مبادئ قوانين الاتحاد الأوروبي ورئيس مجموعة التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي هانز سوبودا يحذر من مغبة تعديل البنية الحالية للمجلس الأعلى للقضاء في تركيا، واصفا هذه الخطوة بـ”الهجوم العلني على استقلال القضاء وسيادة القانون” لكن هناك حقيقة أخرى تقلق إردوغان ويجب التعامل معها بجدية حتى ولو كانت مكلفة وهي تغلغل أنصار غولان بالآلاف داخل أهم مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجهاز القضائي.