مرشح شعبوي يقلب الأوضاع في أمريكا

سليل عائلة كينيدي الشهيرة يتقدم لمنافسة بايدن على زعامة الديمقراطيين 700 مرشح يدخلون السباق قبل عام كامل من إجراء الانتخابات الرئاسية مواقفه الحازمة تثير الجدل وتتسبب في حملة هجوم للإعلام الليبرالي تراجع شعبية الرئيس الحالي يدفع نحو تغييرات كبيرة للقيادة الأمريكية
سليل عائلة كينيدي الشهيرة يتقدم لمنافسة بايدن على زعامة الديمقراطيين 700 مرشح يدخلون السباق قبل عام كامل من إجراء الانتخابات الرئاسية مواقفه الحازمة تثير الجدل وتتسبب في حملة هجوم للإعلام الليبرالي تراجع شعبية الرئيس الحالي يدفع نحو تغييرات كبيرة للقيادة الأمريكية

الأحد - 09 أبريل 2023

Sun - 09 Apr 2023

انقلبت الأوضاع رأسا على عقب منذ أن تقدم روبرت إف كينيدي (الابن) سليل أشهر العائلات السياسية الأمريكية للترشح للانتخابات الرئاسية قبل يومين، لمنافسة الرئيس جو بايدن الذي ينتظر أن يعلن ترشحه قريبا.

وفيما شنت وسائل الإعلام الليبرالية هجوما شديدا ضده، احتفت به وسائل الإعلام المحافظة، حيث يتوقع أن يحدث ترشح كينيدي الحفيد تأثيرا كبيرا على سباق الرئاسة الأمريكي في عام 2024.

وسيعلن سلسل عائلة كينيدي ترشيحه الرسمي في 19 أبريل الجاري من مدينة بوسطن، إلا أن تقدمه بأوراق الترشح الرئاسية كديمقراطي إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية، كان كافيا لإثارة الجدل بين وسائل الإعلام الليبرالية والمحافظة على حد سواء بسبب مواقف كينيدي السابقة.

700 مرشح

وبينما ترشح نحو 700 شخص من جميع أنواع الطيف السياسي للسباق الرئاسي عام 2024 حتى الآن، في أول خطوة ضمن عملية طويلة، وفقا لسجلات اللجنة الفيدرالية للانتخابات، فإن اسم روبرت كينيدي اعتبره بعضهم تحديا مختلفا في نوعه قد يحرك المياه الراكدة داخل الحزب الديمقراطي الذي يحجم أبرز قادته عن الترشح انتظارا لترشح الرئيس بايدن نهاية الربيع أو بداية الصيف المقبل.

ويعد اسم عائلة كينيدي الذي يحمله روبرت أحد الأسباب الكامنة للجدل حول حظوظه الانتخابية، فهو ليس فقط نجل سيناتور سابق ومرشح رئاسي وابن شقيق الرئيس جون كينيدي، بل هو منغمس في السياسة ودهاليزها شأنه في ذلك شأن أشقائه وبقية العائلة، حيث شغلت شقيقته كاثلين منصب نائب حاكم ولاية ماريلاند من عام 1995 إلى عام 2003، وكان شقيقه جوزيف عضوا في الكونجرس عن ولاية ماساتشوستس من عام 1987 إلى عام 1999.

ونافس شقيقه كريس كينيدي على منصب حاكم ولاية إلينوي في عام 2018 لكنه خسر الانتخابات، بينما كان آخر كينيدي يشغل منصبا منتخبا هو ابن أخيه النائب السابق عن ولاية ماساتشوستس جو كينيدي الثالث، الذي خسر الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ عام 2020، وهو الآن المبعوث الأمريكي الخاص لأيرلندا الشمالية، بينما تشغل كارولين كينيدي، ابنة الرئيس السابق جون كينيدي، حاليا منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى أستراليا.

هجوم ليبرالي

ويعود سبب الهجوم الليبرالي على حفيد كينيدي إلى آرائه التي تجعله يركب موجة من اليسار الشعبوي ويستقطب جزءا من اليمين الشعبوي في الوقت نفسه بحسب ما يقول مراقبون، فقد كتب على «تويتر» الشهر الماضي، «إن أولوياته القصوى في حال الترشح ستكون إنهاء الاندماج الفاسد بين سلطة الدولة والشركات، مما دمر اقتصاد أمريكا وحطم الطبقة الوسطى ولوث المياه والمصادر الطبيعية وسمم الأطفال وسلب الحرية والقيم الأمريكية».

وانصب تركيز الإعلام الليبرالي على مواقفه التي وصفها بأنها غريبة، فقد وصفته صحيفة «واشنطن بوست» بأنه العضو المثير للجدل في عائلة كينيدي المشهورة بآرائه المناهضة للقاحات، وقالت «إنه روج لادعاءات كاذبة تربط اللقاحات بالتوحد».

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن اهتماماته انحرفت بعيدا من التيار الديمقراطي السائد إلى نظريات المؤامرة، التي نال بسببها توبيخا علنيا من بعض أفراد عائلته، ومع ذلك اعترفت الصحيفة بأنه يمثل تحديا طويل الأمد للرئيس بايدن بالنظر إلى أن عديدا من الديمقراطيين يعبرون عن مخاوفهم بشأن الرئيس الأمريكي الذي سيبلغ 82 سنة في يوم الانتخابات.

انقلاب تاريخي

وأشارت شبكة «سي بي إس» الإخبارية إلى أن كينيدي أصدر كتابا عام 2021 بعنوان «أنتوني فاوتشي الحقيقي» اتهم فيه كبير أطباء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة بالمساعدة في انقلاب تاريخي ضد الديمقراطية الغربية وروج لعلاجات غير مثبتة لـ «كوفيد-19» مثل «الإيفرمكتين»، المخصص لعلاج الطفيليات، والعقار المضاد للملاريا «هيدروكسي كلوروكوين».

وزادت الشبكة أن مستشار الرئيس السابق دونالد ترمب السابق ستيف بانون، كان يشجع كينيدي على الترشح على مدى أشهر عدة، معتقدا أنه يمكن أن يكون عامل فوضى مفيد للجمهوريين في سباق 2024 واسما كبيرا يمكن أن يساعد في إذكاء المشاعر المناهضة للقاحات في جميع أنحاء البلاد، بحسب ما ذكرت مصادر مطلعة على الأمر للشبكة التي أضافت أن صورة نشرت على «انستقرام»، أظهرت كينيدي خلف الكواليس في حدث عقد في يوليو عام 2021 مع حليف الرئيس دونالد ترمب السابق روجر ستون ومستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين والمنتجة المناهضة للقاحات شارلين بولينغر، وجميعهم روجوا لكذبة سرقة انتخابات 2020.

تراجع بايدن

ورغم أن وسائل الإعلام السائدة عرضت جميع الأسباب التقليدية التي جعلت كينيدي محكوما عليه بالفشل، مثلا أنه يفتقر إلى الدعم المؤسسي، وليس لديه سجل حافل مع الناخبين، واحتشاد الحزب الديمقراطي حول بايدن، فإن ما يثير القلق في أوساط الديمقراطيين، أن روبرت كينيدي (69 سنة) المحامي والناشط المدافع عن البيئة، يترشح في وقت أشار فيه استطلاع أخير أجرته «سي إن إن» إلى أن ثلث الأمريكيين فقط يقولون إن الرئيس جو بايدن يستحق إعادة انتخابه، فيما يقول معظم الديمقراطيين إنهم يرغبون في رؤية شخص آخر مرشح للحزب لمنصب الرئيس العام المقبل، بينما كانت نسبة تأييد بايدن 42 % بشكل عام، مع رفض 57 % من الأميركيين أداءه الرئاسي.

وفي حال استمرار هذا الاتجاه خلال الانتخابات التمهيدية، فقد يكون ذلك حافزا لحصول روبرت كينيدي على مزيد من الأصوات الساخطة على أداء الرئيس وبخاصة إذا استمرت معدلات التضخم مرتفعة، وتواصل القلق بشأن الاقتصاد الأمريكي.

موجة السخط

على النقيض احتفل الإعلام المحافظ بترشح كينيدي، وقالت غريس كيرلي من شبكة «فوكس نيوز» «إن الإعلام الليبرالي يحاول الشيطنة، مثلما يفعل مع أي مرشح آخر يمكن أن ينافس الرئيس بايدن»، وأضافت «إنهم يحاولون التأكد من أن بايدن سيكون هو الوحيد في حلبة السباق الرئاسي داخل الحزب الديمقراطي لضمان فوزه بترشيح الحزب».

وانتقد الكاتب المحافظ ريتشارد مور تقييم وسائل الإعلام الليبرالية بأن كينيدي لن يستطيع الفوز، وذكرهم بعام 2016 عندما ركب شخص شعبوي آخر هو دونالد ترمب موجة من السخط العام وتمكن من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري والرئاسة، ولهذا ليس من المستبعد تماما أن يفعل شعبوي آخر ذلك، ويفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، حتى لو كان يركب موجة من الاستياء في اليسار الشعبوي.

ويرى المحافظون أن ترشيح كينيدي، سواء فاز أو خسر، من شأنه أن يسهم بشكل حاسم في قضية الحرية التي يدافع عنها، فضلا عن معارضته القوية للبيروقراطية والحكومة وكارتلات الشركات التي تشكل هذا التهديد الهائل للحرية، وتحديه للعولمة، تماما مثل ترمب وديسانتس.

تجاوز التوقعات

وبقدر ما يحظى اسم بايدن بجاذبية داخل مجتمعات السمر الجنوبية، فإن اسم كينيدي يتمتع بالشيء نفسه، إذ لم ينجح أي ديمقراطي في الفوز بولاية ساوث كارولينا في السباق الرئاسي منذ فوز جون كينيدي بها عام 1960، كما أن التزام الرئيس كينيدي اللاحق بحركة الحقوق المدنية وحملة روبرت كينيدي (الأب) عام 1968، ومسيرته الشجاعة عبر الأحياء السوداء الفقيرة في الجنوب عارضا على الناس أحلاما ووعودا بحياة أفضل قبل أن يقتل في كاليفورنيا، منح اسم كينيدي لمعانا في تلك المجتمعات التي لا يتمتع بها أي سياسي أبيض آخر بمن في ذلك الرئيس بايدن.

وإذا كان ذلك لا يعني بالضرورة أن كينيدي سيفوز في الانتخابات التمهيدية في ولايات الجنوب، فإن تجاوزه التوقعات في أقوى منطقة حصل فيها بايدن على أصوات الناخبين عام 2020، ثم فاز في آيوا ونيو هامبشاير حيث يكون بايدن ضعيفاً والناخبون أكثر معارضة للمؤسسة، فإن حتمية فوز بايدن قد تكون محل شك.

من هو حفيد كينيدي؟

  • روبرت إف كينيدي جونيور.

  • ابن شقيق الرئيس الراحل جون كينيدي الذي اغتيل عام 1963.

  • الابن الأكبر للمدعي العام السابق والسناتور روبرت كينيدي الذي اغتيل خلال حملته للانتخابات الرئاسية عام 1968.

  • شغلت شقيقته كاثلين منصب نائب حاكم ولاية ماريلاند من عام 1995 إلى عام 2003.

  • كان شقيقه جوزيف عضوا في الكونجرس عن ولاية ماساتشوستس من عام 1987 إلى عام 1999.