ماذا تفعل أمريكا في مواجهة الفساد بأفغانستان؟

باحث: الولايات المتحدة بحاجة لفهم طالبان حتى تستطيع تغييرها
باحث: الولايات المتحدة بحاجة لفهم طالبان حتى تستطيع تغييرها

السبت - 31 ديسمبر 2022

Sat - 31 Dec 2022



عناصر من قوات طالبان                                                           (مكة)
عناصر من قوات طالبان (مكة)
يروي الباحث الأمريكي الدكتور قمر الهدى، أستاذ العلاقات الدولية الزائر بالأكاديمية البحرية الأمريكية، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية انطباعاته عن زيارته الأخيرة لأفغانستان، حيث أجرى حوارا مع ذبيح الله مجاهد نائب وزير الإعلام والثقافة في الحكومة الأفغانية.

وحول التساؤلات عن حكم طالبان وعزل المجتمع الدولي لأفغانستان قال له مجاهد بحزم: «أنصت إلي، هذه الدولة أمامها طريق طويل قبل أن تشهد حدوث نهضة، ولكنها ستحدث أمام العالم كله... وسترى».

ويقول قمر الهدى الذي عمل سابقا مستشار سياسات بمكتب وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الدينية والعالمية: «إن تفاؤل مجاهد ليس نشازا، إذ إن مسؤولي الحكومة الذين أجرى حوارات معهم كانوا مجمعين في إجاباتهم على أن الإمارة الآسيوية تعمل لتحقيق أوقات أفضل، ولكن كان هناك إجماع بين غير المقربين من طالبان، من المدرسين، والمحامين، وطلاب الجامعات وقليل من جماعات المجتمع المدني الجديدة، بالنسبة لمستقبل أفغانستان».

دورات الفساد

قال محام تم فصله أخيرا من وزارة التعليم: «ليست هناك فرص عمل، ولا نمتلك مالا، وهناك رجال ونساء وأطفال يتسولون في الشوارع، ويقولون إنهم لم يتناولوا طعاما منذ أيام».

ويقول قمر الهدى: «إن صديقا مقربا منه كان باحثا في معهد للنزاعات والسلام في كابول، يقول إن طالبان أغلقت المعهد؛ لأنها تعرف أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومعهد السلام الأمريكي يدعمانه، وتعتقد طالبان أن عمل المعهد سيقدم صورة سلبية لأفغانستان».

ومنذ سيطرة طالبان على كابول في أغسطس 2021، يحاول خبراء السياسة الأمريكية فهم الأخطاء الاستراتيجية التي تم ارتكابها في أفغانستان، وستقوم لجنة حرب أفغانستان التي تم تشكيلها حديثا بتحديد الدروس المستفادة من الحرب الأمريكية في أفغانستان، للسعى لتفهم التوترات بين الجهود المدنية والعسكرية، وكيف أسهم الفساد الراسخ والناجم عن أنشطة بناء الدولة في دورات من الفساد، وسوء إدارة استراتيجية الخروج من أفغانستان.

خلافات طالبان

مع ذلك ـ وفقا للمحلل ـ يتعين على واشنطن الانتقال من الماضي إلى الحاضر فهناك حاجة للتركيز على ديناميكيات السلطة الداخلية لطالبان. ولكن ما الذي يحكم عقلياتهم؛ وما الفصائل الداخلية التي تسعى للوصول للسلطة؛ والأدوار المتباينة لمذهب طالبان الديني «الديوبندية»؛ والأمر الأهم هو كيفية استغلال هذه المعلومات كوسيلة لتشكيل تطور طالبان في المنطقة؟.

ويقول قمر الهدى: «إن زيادة معرفتنا بالديناميكيات الداخلية لطالبان، وانقساماتها، والعوامل المعقدة التي تؤثر على صنع القرار، لن تقلل من الالتزام الأمريكي تجاه حقوق المرأة وحقوق الإنسان. ولكن ستصبح واشنطن في وضع أفضل للتأثير على طالبان، وتقريبها من احترام، وربما تنفيذ المبادئ الأساسية للديمقراطية.

وتعتبر خلافات طالبان الداخلية حول الشمول، والحكم، والتواصل الدولي مع الدول الغربية، وحقوق الإنسان محل انقسام كبير من جانب مختلف فروع فكر «الديوبندية»، لا سيما بالنسبة للتفاهمات الدقيقة التي تم التوصل إليها أثناء الحرب. فالمفكرون ذوو العقلية العالمية يعتقدون أنه من الضروري استثمار الأموال التي يقدمها المجتمع المدني في اقتصاد أفغانستان وبنيتها التحتية، وهو أمر تقيده الدبلوماسية في نهاية المطاف.

ضغط كبير

ضمن المقاتلين في جماعة حقاني في أفغانستان، هناك ضغط شديد لتنفيذ المثل العليا التي قاتلوا من أجلها، فقد اعتادت شبكة حقاني اتخاذ قراراتها على أرض المعركة، ولكنهم أعربوا أخيرا عن ضيقهم إزاء بطء صنع القرار في مجلس الشورى في قندهار، والتصرف المتوازن لطالبان هو إرضاء جميع الفصائل على الطاولة، مع عدم فقدان الثقة في الدبلوماسية العالمية.

ويمثل مجلس الشورى السلطة الحقيقية - فهو الهيئة الاستشارية للشؤون السياسية- والذي يضم كبار قادة طالبان في قندهار، حيث يوجد مقر الرئيس الحالي هبة الله أخونزادة، وصانعو القرار في قندهار هم أساسا من البشتون، ولكن بينهم أيضا أعضاء من الأقاليم الشمالية، والوسطى، والغربية.

وفي الخلفية، هناك حامد كرزاي الذي شغل منصب الرئيس في الفترة من 2004 إلى 2014، والدكتور عبدالله عبدالله، الرئيس التنفيذي السابق لأفغانستان. وكلاهما يجتمعان بانتظام مع قادة طالبان في كابول، ومجلس الشورى.

تخلف إقليمي

يشير إلى أن صعود نجم رجل دين وقائد ديوبندي مثل أخوندزاده لتولي دور عام بارز يؤكد الصلة المهمة بين علماء الدين والنشطاء السياسيين، مؤكدا أن الولايات المتحدة في حاجة لتحديد استراتيجية دبلوماسية معينة للتعامل مع قادة مثل أخوندزاده ويعقوب.

ويقول: «في حقيقة الأمر، فإن الولايات المتحدة متخلفة كثيرا عن لاعبين إقليميين مثل إيران، وتركيا، وباكستان، والصين، وإذا كانت الولايات المتحدة مهتمة حقيقة بتقليص التهديدات العالمية من جانب القاعدة وداعش -خراسان، فإنه من الحكمة تماما الاستثمار في شراكة محددة تماما مع الإمارة الإسلامية التي تقودها طالبان».

وأضاف، «سيؤدي هذا أيضا إلى أن يكون هناك احتمال أكبر لأن تحرز الإمارة الإسلامية تقدما في تعزيز القيم المشتركة مثل حقوق المرأة، وسيادة القانون، وحرية التعبير، وحقوق الأقليات. وفي حقيقة الأمر، فإن عدم التواصل والافتقار إلى الخبراء الدينيين يعوق الدبلوماسية الأمريكية، والتأثير السياسي في أفغانستان وغيرها.