روان النغيمشي

السؤال الأكثر جمالا

الخميس - 29 ديسمبر 2022

Thu - 29 Dec 2022

برزت أهمية التساؤل في اكتشاف حدود إمكانياتنا البشرية، ويمكنك أن تعرف ما إذا كان الشخص ذكيا أم لا من خلال أجوبته، ويعتبر أكثر ذكاء وحكمة من خلال أسئلته، حيث إن السؤال هو الطريق إلى باب المعرفة والتوصل إلى الأجوبة المنطقية بعيدا عن ضبابية الأوهام، وهو وسيلة للتخاطب بين عقولنا لتبادل الأفكار والمعتقدات والتجارب، وتكمن أهمية السؤال بمعيار أساسي، وهو أن تسال أهل الحكمة وذوي الخبرة والتجربة، وكما تعد سبيلا لبناء المعرفة وطلب العلم وتحديد الأهداف تدفع الأسئلة إلى اكتشاف طريقة تفكير الآخرين وفهم أنماطهم بالرغم من اختلافها وتنوعها وغموضها، ومن ثم استنتاج وتحديد قوانينك لمساعدتك في تحقيق أهدافك وإثراء معارفك العلمية بوعي أكبر، وطريقة طرح الأسئلة الجيدة هي أفضل طرق التعلم في الحياة، كما أنها فن يجب علينا أن نتعلمه ونجيده لكسب المعرفة الضرورية للتواصل السمعي والحسي مع الآخرين في جميع نواحي الحياة، والعقل خلق متسائلا بشكل متواصل ويتبع الأجوبة وذلك للوصول إلى الحقيقة المقنعة بناء على المعطيات لديك، ولو لم تكن (لماذا) لما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية، وهذا السبب يدفعنا لأهمية السؤال وإلى التطور بنهضة علمية واكتشاف الأسرار بطريقة مثمرة أكثر ذكاء، وكما نعلم فإن الأسئلة قادت الحضارات إلى إنجازات بالغة وتطور بشري واع في جميع مجالات الحياة، وبالتالي فإن السؤال هو أساس الدراسات الفكرية والاختراعات العلمية والسعي في البحوث الأدبية للوصول إلى المعارف، وبدونه تظل الدراسات والبحوث غير مجدية.

وجوهرية الأسئلة تدفعنا للتفكر والتأمل في أطوار الحياة، وثبت علميا أننا نتعلم في حياتنا عن طريق طرح الأسئلة، ويبدأ الفرد بشكل طبيعي بالتعلم حول العالم من خلال الملاحظة والسؤال “لماذا”، فمن خلال الأسئلة يتعلم الجميع العلاقة بين السبب والأثر والنتيجة، وتفتح التساؤلات الوعي الإدراكي للمرء، وتوسع مخيلته وتجعله نافذا على جميع أسرار البيئة المحيطة به، وبالتالي تشكل هويته السامية من خلال البحث والمعرفة بطريقة نبيلة واعية، ويجب علينا السير على نهج طرح الأسئلة لمزيد من المعلومات والخبرات، ولإضافة المزيد من الخيارات لحل مشاكلنا، فطرح الأسئلة والاحتكاك بالآخرين يجعلنا نتطور ونتناقل الخبرات ونتبادل المعرفة، مما يسهم في توسيع نطاق التفكير بشكل كامل، وبلا شك فإن العلاقات بين الأفراد هي استثمار ناجح من خلال التحدث إلى أكثر من عقل، وطرح الأسئلة على جميع الأعمار وفهم طريقة تفكير البشر واستيعاب الأجوبة والاستنتاج فيما بعد.

ويعتبر طرح الأسئلة الذكية ناتجا عن طريقة تفكير مختلفة وغير سطحية وأكثر عمقا بتفاصيل غير لافتة للجميع، وهذا له أثر بالغ في جودة التفكير، ويجب علينا تغيير وتطوير الأسئلة مع مرور الوقت في حال لم نجد الإجابة الكافية، ولن نستطيع الوصول إلى القدرة على طرح أسئلة ذكية سواء كانت في الحياة الخاصة أو المهنية إلا بعد الاستماع إلى الأسئلة التي تبدو ساذجة أو غريبة، وقد تكون هي أذكى الأسئلة لو تم التركيز عليها بشكل كامل، وفهم بذرة السؤال هو أهم طرق التعلم والإدراك لهذه الحقيقة المهمة، وسوف يساعدك على ضبط النفس ومعرفة أهمية الأسئلة المتنوعة، ولو تمت معالجة الأمر بالاستماع لجميع الأسئلة المطروحة من سؤال غير منطقي وتحويله إلى سؤال ذكي سيتم فتح آفاق عديدة بمخيلتك.

وتوعية حياتنا تعتمد على التساؤلات التي نطرحها وترتبط بالفعل بجودة الإدراك مباشرة، ويتم تحديد نوعية التفكير الخاصة بنا من خلال نوعية أسئلتنا، وهي المحرك والقوة الدافعة وراء التفكير المنطقي مما يساعدك على بناء الثقة بالنفس، حيث يسهم بقوة الحوار وطرح المواضيع الناجحة المثمرة والعائدة للجميع بحصيلة أجوبة واضحة، لذا يجب علينا الاهتمام بما نطرحه من أسئلة، وعلينا التركيز على المجالات التي تطرح فيها وما تكترث به من أهداف واضحة، ويجب أن تكون مفيدة ومتصلة بحياتنا وتعود بالنفع علينا وعلى الأشخاص المحيطين بنا وتساعد على جعل الأفكار أكثر إحكاما، وسيساعدك طرح الأسئلة على توضيح أفكارك وتعليقات الآخرين عليك وفهم الإشارات غير الواضحة بشكل مباشر ممن حولك لو كان بالمحيط العملي أو الاجتماعي، ولو افترضنا أن شخصا ما وجه إليك شيئا ولم تفهم بشكل مباشر وواضح، فيجب عليك أن تطرح الأسئلة لمزيد من التفسير وراء هذا السؤال غير الجيد بدلا من تقديم افتراضات غير آمنة لن تعود عليك بالنفع، وقد تجعلك تتجاوب مع كلامه بطريقة خاطئة، حيث إن الأسئلة تعزز مستوى الفهم والوعي لديك، ومن المهم طرح السؤال حتى تفهم جيدا المعنى الحقيقي من الإجابة، ويجب عليك محو معالم الجهل والحيرة بذاتك تجاه أي موضوع مجهول وغير واضح.

والبحث عن الأجوبة للأسئلة يؤكد رغبتك في التعلم، ومجرد ظهور هذه الرغبة يزيد من احترامك لذاتك واحترام الآخرين لك، وستظهر وسط الجميع بأنك الأكثر حكمة ومنطقية، والشخص الذي لديه الرغبة في الحصول على المعلومة، وتتميز بذلك بتحديدك للاحتياجات والرغبات النفسية والاجتماعية، ومن الأفضل أن تطرح أسئلة جيدة تظهر ما تحتاجه ممن حولك، علما أن عملية بناء العلاقات الناجحة تبدأ أولا بإظهار اهتمام كل طرف بالآخر، وعندما يظهر الشخص اهتمامه بالآخرين وبما يهمهم عن طريق السؤال، بالتأكيد سيبادلونه نفس التقدير والاهتمام به وبما يهمه، وعندما تسأل شخصا أسئلة عن شيء لديه فأنت تظهر شعورك بقيمته وأهميته لديك، والجميع يحب أن يشعروا ممن حولهم بالتميز والثقة في النفس، وأن لديهم شيئا جديرا بالبحث والسؤال عنه، ويجب علينا احترام خصوصية الناس وعدم تخطي المساحة الخاصة بهم، أو طرح أسئلة غير مناسبة، لأن ذلك قد يوحي بالتدخل والفضول وحب معرفة غير المهم، ويعرضك للحرج، وستظهر بشكل غير لائق.

وهناك حقيقة مهمة تساعدك على الوصول إلى أسئلة ذكية، وهي ضرورة حصولك على كافة المعلومات أولا، وضرورة اتخاذ القرارات الحكيمة هي أن تسأل أسئلة جيدة توصلك إلى أصل المشكلة، ويؤكد أهمية ذلك مساعدتك بحل المشاكل بطريقة أسرع وبإتقان إبداعي، وتساعدك على إيجاد الحل المناسب بعد إلمامك بكافة التفاصيل من خلال أسئلتك الدقيقة، وعندما نفكر بطريقة أعمق يصبح من السهل قبول أنفسنا وتغيير حياتنا نحو الأفضل، وفي الأصل قد يعيش كل شخص عالمه من حالة وعيه الخاصة، وما نعتبره حقيقة قد يكون مجرد نتيجة لمجموعة ذاتية من الاستنتاجات اعتمادا على تجاربنا الشخصية غير الكافية، وهناك سؤال قد يعود علينا بفوائد حقيقية في العلاقات العامة من تعزيز الترابط والتواصل فيما بيننا وإبداء الرأي والأخذ بالحكمة، وهو أن تسأل الطرف الآخر عن رأيه حول مشكلة معينة أو استنتاج ذاتي مفصل! وما هي التجربة أو الحقيقة بالنسبة له؟ وما هي الافتراضات حول نوع المشكلة وماذا لو كان التفكير بطريقة مختلفة؟ وبعد ذلك سيكون تحديد الهدف أكثر إتقانا وذكاء.

وتمثل الأسئلة عالما مليئا بالغموض والتفكير المنطقي الواعي الناتج عن إدراك حقيقي وفق معطيات وتجارب، وتقديم افتراضات واستنتاج تحليلي دقيق، ولو لم تكن الأسئلة ذات أهمية فكيف يتم إيجاد حل الألغاز المجهولة، وسنجد بالمحكمة إبداعا بطرح الأسئلة واكتشاف الحقائق، ونجد في المحققين قوة ربط التفاصيل والوصول للحقيقة الغامضة عن طريق طرح الأسئلة، وبهذا سيكون للسؤال قوة تجبر على الجواب بلا تردد، ويجب التركيز على كيفية صياغة أسئلة ذكية لحل مشكلة معينة، أو لربط أفكارك لتحقيق خطط مستقبلية ناجحة، استمر في البحث وطرح الأسئلة تجاه خطوات حياتك للوصول إلى أهدافك وأحلامك، واستخدم دائما (ماذا لو) واعتمد على قوة خيالك لإنشاء صورة واضحة لتحديد رغباتك وإطلاق مشاعر إيجابية حول الإجابات التي تبحث عنها، وابدأ بممارسة الأسئلة مع نفسك بشكل يومي ما الذي تريد تحقيقه؟ هل تم تحديد أهدافي المستقبلية؟ ما الذي أجيد صنعه؟ ما هي المهارات التي أتميز بها؟ هل حقا لدي رؤية واضحة؟ هل معتقداتي جيدة؟ هل أحتاج إلى المزيد من الفهم والتركيز؟ هل أنا واع بشكل كامل؟ ما هي نتائج تجاربي؟، وبذلك فإن الحوارات والنقاشات العامة بطرح أسئلة واضحة هي التي ينبع منها الإلهام، والسؤال هو أفضل وسيلة يمكن استخدامها للوصول إلى مفاهيم ومعارف جديدة، واحرص على احترام قيمك الإنسانية، وما الذي لست على استعداد للتنازل عنه أبدا؟ حدده حتى تتمكن من المطالبة باحترام قيمتك الأخلاقية والمهنية والعاطفية والاجتماعية وفهمها في حين كنت تواجه تحديات القيم الذاتية بالحياة.