صفقة تنهي الحرب الروسية الأوكرانية

الأمريكي بيلار: قرارات صعبة ومقايضات لا مفر منها لإنهاء الصراع
الأمريكي بيلار: قرارات صعبة ومقايضات لا مفر منها لإنهاء الصراع

الأربعاء - 23 نوفمبر 2022

Wed - 23 Nov 2022



عناصر من الجيش الروسي                                                        (مكة)
عناصر من الجيش الروسي (مكة)
توقع محلل أكاديمي أمريكي أن تتجه الدبلوماسية العالمية إلى إبرام صفقة بين الولايات المتحدة ودول الغرب من ناحية، وروسيا من جهة أخرى، تسهم في إنهاء حرب أوكرانيا.

وأكد الدكتور بول بيلار الذي خدم طوال 28 عاما في أجهزة المخابرات الأمريكية، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، أن هناك أسئلة محيطة بالسياسة الأمريكية إزاء الحرب الروسية الأوكرانية تطرح أسبابا عدة للنقاش، حيث دفعت الحرب واشنطن وحلفائها الغربيين إلى اتخاذ قرارات صعبة ومقايضات لا مفر منها.

ويرى أنه يجب أن تتم موازنة مبدأ عدم السماح بمكافأة العدوان السافر مع خطر التصعيد إلى حرب أوسع نطاقا، وإضافة إلى ذلك فإن مساعدة أوكرانيا تنطوي على مقايضات للموارد، وقد يتعارض إبقاء الدول في تجمع مناهض لروسيا مع أشياء أخرى تريدها الولايات المتحدة من البلدان المعنية.

رسالة مفتوحة

وأظهر النقاش في الولايات المتحدة حول الحرب الروسية الأوكرانية عددا من أوجه القصور المتكررة مع تطوره على مدى الأشهر التسعة الماضية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأوضح بيلار أن من أوجه القصور المبالغة في رد الفعل تجاه التطورات قصيرة المدى، والمثال على ذلك هو التاريخ البائس لرسالة مفتوحة من 30 عضوا تقدميا في الكونجرس الأمريكي يحثون فيها على إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب، وتم الحصول على معظم توقيعات المؤيدين خلال الصيف إلا أنه لم يتم الكشف عن الرسالة حتى أكتوبر الماضي.

وأثارت الرسالة سريعا ردود فعل سلبية، ومن بينها، بعض المشرعين الذين وقعوا عليها بالفعل، حيث قالوا بعد ذلك إنهم لن يستمروا في دعمها بعد الكشف عنها، لقد كانت النقاط التي شملتها الرسالة صحيحة وقائمة كما كانت وقت التوقيع عليها، ولكن الأمر الذي تغير هو أن القوات الأوكرانية حققت انتصارات مثيرة للإعجاب في تلك الفترة، خاصة استعادة أراض في خاركيف أوبلاست.

أرض المعركة

وكانت المواقف الدبلوماسية بشأن إنهاء الحروب تعكس دائما نتائج أرض المعركة، ولكن هذا النوع من رد الفعل على هجوم ناجح هو نهج قصير المدى في التعامل مع مشكلة طويلة المدى، ولا شك أن نجاح واستقرار أي اتفاقية سلام تنهي الحرب في أوكرانيا سيعتمدان على درجة حلها للقضايا طويلة المدى، بما في ذلك القضايا التي دفعت روسيا في الأساس إلى اتخاذ قرار شن الحرب.

ويرى بيلار أن مجرى سير الحروب، بما في ذلك الحرب الحالية، يمكن أن يتغير بسرعة، أسرع من إمكانية إتمام مفاوضات السلام. ويظهر عدد من الحروب ديناميكية عسكرية متغيرة، فبعد نجاح أحد الأطراف في أرض المعركة تأتي عليه فترة يصعب عليه فيها بدرجة أكبر، لأسباب مثل خطوط الإمداد الطويلة أو تعزيز العدو لدفاعاته، تحقيق المزيد من الانتصارات، وهذا هو وضع القوات الأوكرانية بعد استعادة مدينة خيرسون.

مجرى الحرب

وأكد أنه كتذكير لمجرى سير الحرب سريع التغير، في الأيام الأولى للحرب، يشار إلى أنه عندما وصلت القوات الروسية الغازية على بعد أميال من كييف، انتشر بشكل واسع افتراض أن روسيا ستستولى سريعا على أوكرانيا، وكان أحد ردود الفعل الغربية هو عرض تقديم المساعدة في إجلاء الرئيس فولوديمير زيلينسكي وحكومته من العاصمة الأوكرانية، وبالتأكيد التعامل مع تلك التطورات العسكرية قصيرة المدى كان من المؤكد سيكون خطأ.

ومن أوجه القصور في التعامل مع الحرب أيضا، تقليص كل شيء إلى بعد واحد فقط من الأبعاد، حيث يحاول الكثير تبسيط القضايا إلى مجرد السؤال الذي يبدو بسيطا بشأن ما إذا كان المرء مع أو ضد الدعم الثابت لزيلينسكي وحكومته والأوكرانيين الذين يسعون لاستعادة السيطرة على وطنهم.

تسوية سلمية

واعتبر بيلار أنه أيضا من أوجه القصور في النقاش الخاص بالحرب عدم الاهتمام الكافي بمصالح الطرف الآخر، قائلا إنه ليس من المستغرب أن يركز المعلقون على جانبهم في الحرب أو الجانب الذي يؤيدونه، بالطبع سيكون من اللائق أن يتم التفاوض من أجل إنهاء الحرب عندما يكون مجرى سير الحرب على أرض المعركة لصالح من لهم الحق، ويمكن توقع تسوية سلمية تعكس هذا الوضع. ولكن العدو يرغب في الشيء نفسه لنفسه.

وقال إن تأخير المفاوضات على أمل تحقيق نجاحات عسكرية مستمرة لا يشكل فقط خطأ في افتراض أن الأداء السابق سيمتد إلى المستقبل، وإنما يعد فشلا أيضا في إدراك أن العدو له الحق نفسه في اختيار وقت وشروط بدء المفاوضات. إن مفاوضات السلام، تبدأ على الأرجح وتنجح، ليس عندما تسير الحرب بشكل جيد لصالح أحد الطرفين ولكن عندما تكون هناك حالة جمود مؤلمة للطرفين.

وأشار إلى آخر أوجه القصور في رأيه وهو وهم تحقيق الانتصار، مؤكدا أن الحرب الروسية الأوكرانية لن تنتهي بأي شيء يمكن وصفه بشكل شرعي بأنه انتصار لطرف أو للطرف الآخر، على الرغم من الاستمرار في استخدام هذا المفهوم وحتى المصطلح، لقد أثبتت روسيا بالفعل أن النصر لا يمكن تحقيقه، ومن غير الواقعي توقع أن أوكرانيا ستتمكن من السيطرة على كل ما كانت تملك من أراض قبل 2014 من خلال الوسائل العسكرية، والتي ستكون النتيجة الوحيدة التي لا يمكن إنكار وصفها بأنها انتصار لكييف.

ويقول بيلار إن كل الحروب تقريبا تنتهي بالتوصل إلى صفقة من نوع ما، أحيانا بشكل ضمني ولكن من خلال مفاوضات صريحة في كثير من الأحيان وهو ما يكون أفضل. حتى النتائج التي توصف بأنها انتصار تنطوي دائما على مثل هذه الصفقة، والاستسلام غير المشروط لا يكون حقا غير مشروط، فعندما وقعت اليابان اتفاقية استسلام في 1945، كانت الصفقة هي أن احتلال الولايات المتحدة لليابان سيكون احتلالا معتدلا مقابل أن تتوقف اليابان عن المقاومة المسلحة.