المونديال يهدد بتأجيج مظاهرات إيران

نظام الملالي يخشى استغلال مباريات كأس العالم لتصعيد الاحتجاجات في كل المدن مهسا تحولت إلى أيقونة للاحتجاجات.. وأهالي إيران يودعون كل يوم شهداء جدد ناجي: الاحتجاجات فضحت عمق الأزمة وكشفت الشرخ الكبير بين النظام والشارع 3 أسباب تدفع الشباب الإيراني إلى الحشد ضد القمع والظلم في مدرجات الكرة
نظام الملالي يخشى استغلال مباريات كأس العالم لتصعيد الاحتجاجات في كل المدن مهسا تحولت إلى أيقونة للاحتجاجات.. وأهالي إيران يودعون كل يوم شهداء جدد ناجي: الاحتجاجات فضحت عمق الأزمة وكشفت الشرخ الكبير بين النظام والشارع 3 أسباب تدفع الشباب الإيراني إلى الحشد ضد القمع والظلم في مدرجات الكرة

الأحد - 13 نوفمبر 2022

Sun - 13 Nov 2022

يعيش نظام الملالي حالة من الرعب قبل أيام من انطلاق مباريات كأس العالم 2022 في قطر، ويخشى صناع القرار في طهران من أن تتسبب الحشود الجماهيرية خلال المباريات التي يشارك فيها منتخب بلدهم في تأجيج المظاهرات وزيادة حدتها، وتوجيه رسائل إلى العالم.

ويرى الخبير الاستراتيجي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور محمد عباس ناجي، أن فشل النظام في احتواء الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عقب وفاة الشابة الكردية العشرينية مهسا أميني، رغم عمليات القمع والعنف الشديدين للحرس الثوري والباسيج، يزيد من احتمالات تصاعد الأحداث خلال مواجهات المنتخب الإيراني الذي حل وجها لوجه مع المنتخب الأمريكي، إضافة إلى إنجلترا وويلز.

إنهاك السلطات

يقول ناجي «مخاوف النظام لا تنحصر فقط في أن هذه الاحتجاجات تسببت في حدوث إنهاك شديد للسلطات بدا جليا في العملية التي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها في مدينة شيراز في 26 أكتوبر الماضي، وهى إحدى العمليات القليلة التي نفذها التنظيم داخل إيران خلال الأعوام الماضية، إلى جانب الحريق الذي نشب في سجن إيفين وأسفر عن مقتل 8 سجناء، وإنما تمتد إلى احتمال اتجاه قسم من المحتجين إلى استغلال فرصة مشاركة إيران في نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي سوف يتم تنظيمها في قطر خلال الفترة من 20 نوفمبر إلى 18 ديسمبر المقبل، لتوجيه رسائل تتعلق بالاحتجاجات».

ويضيف «لا شك أن النظام فوجئ باستمرار الاحتجاجات، التي نجحت في تجاوز كل الأسباب التي أدت إلى إنهاء الاحتجاجات السابقة في أوقات مبكرة لا تتعدى أسبوعا أو عشرة أيام على الأكثر، ويبدو أنه يخشى من استمرار الاحتجاجات وعدم تراجعها خلال المرحلة المقبلة».

رسائل سياسية

يلفت إلى الحضور الكبير للجماهير الإيرانية لمباريات كرة القدم والفعاليات الدولية، خاصة نهائيات كأس العالم لكرة القدم، ودائما ما يوجه رسائل مباشرة إلى الداخل والخارج، لا سيما فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية، خاصة بالنسبة للمرأة.

ويشير «رغم أن ذلك كان دارجا في النهائيات السابقة التي شاركت فيها إيران، على غرار مونديال روسيا في 2018، إلا أنه يكتسب أهمية وزخما خاصا خلال النهائيات الحالية، فالمسألة لا تعود فقط إلى أن إيران ستتنافس مع دول تعد على المستوى السياسي، بمثابة قوى مناوئة لها، وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا، إذ إن المتغير الأهم في هذا السياق يتعلق بالتطورات الداخلية في إيران، ولا سيما استمرار الاحتجاجات، التي تتجدد يوميا بسبب ارتفاع عدد القتلى، حيث تشهد إيران تقريبا بصفة يومية أربعينية جديدة لوفاة شابة أو شاب خلال المواجهات مع قوات الأمن، وباتت مهسا أميني بمثابة الأيقونة الحالية للاحتجاجات».

إيماءات سياسية

ولا يستبعد الخبير الاستراتيجي أن يسعى قسم من الجمهور الإيراني إلى توجيه رسائل مباشرة إلى السلطات في الداخل خاصة بالحقوق والحريات العامة، عبر الحرص على إبراز التضامن المعنوي والرمزي مع المحتجين في الداخل، من خلال الإقدام على خطوات مثل قص الشعر، وهو الرمز الأكثر دلالة الذي برز في الاحتجاجات الحالية.

ومن دون شك، فإن ما يضفي زخما خاصا على هذا الاحتمال، هو أن الجمهور واللاعبين استغلوا بالفعل أحداثا رياضية قريبة للتعبير عن تضامنهم مع المحتجين، فخلال المباراة الودية التي جمعت بين إيران والسنغال في فيينا، في 27 سبتمبر الماضي، استعدادا لنهائيات كأس العالم، نظم إيرانيون احتجاجات خارج الملعب تضامنا مع المحتجين.

وخلال نهائي كأس طيران الإمارات للقارات لكرة القدم الشاطئية، في 7 نوفمبر الحالي، لم يحتفل اللاعب الإيراني سعيد بيرامون بهدفه في مرمى البرازيل، الذي منح الفوز لإيران بعد تغلبها بهدفين مقابل هدف، وإنما قام بإيماءة واضحة بأصابعه تشبه المقص فوق رأسه لتقليد قص الشعر.

تحريك الشارع

يشدد ناجي على أن الجهات المنظمة للمونديال ستبذل قصارى جهدها من أجل إخراج الحدث الرياضي على أفضل وجه، وتحييد أي قضايا سياسية عنه، لكن في حالتنا هذه قد لا تكون المهمة سهلة، لا سيما أن الجمهور قد يعمد إلى توجيه هذه الرسائل خارج الملعب، فضلا عن أن بعض الإيماءات لا يمكن تقييدها بسهولة، مثل إيماءة قص الشعر، وإذا كان من المتوقع أن يلتزم اللاعبون بالقواعد المحددة سواء من جانب الجهات المنظمة أو من قبل إيران، فإن الوضع بالنسبة للجمهور قد يكون مختلفا».

وفي مقابل ذلك يؤكد أنه لا يمكن استبعاد أن يتجه قسم من الجمهور أيضا إلى توجيه رسائل تفيد دعمه للنظام وانتقاده للمحتجين، لا سيما أن النظام ما زال يستخدم كل قواه، ويحاول تحريك الشارع، باستمرار في إطار سعيه لتقليص الضغوط التي تفرضها الاحتجاجات، وربما يسعى قسم من الجمهور عبر توجيه مثل هذه النوعية من الرسائل الداعمة للاحتجاجات إلى تحقيق أهداف عدة.

أهم الرسائل

يشدد الخبير على أن الرسالة الأهم في هذا السياق، ستتركز حول وجود فارق شاسع بين النظام والمحتجين في الشارع، ليس فقط في السياسات أو التطلعات السياسية والثقافية، وإنما أيضا في التوازن الجيلي.

ففي الوقت الذي تقترب أعمار كثير من كبار المسؤولين في النظام الإيراني من حاجز المائة عام، على غرار آية الله أحمد جنتي رئيس مجلسي صيانة الدستور والخبراء (95 عاما)، وآية الله علي خامنئي المرشد الأعلى (83 عاما)، تشير تقديرات عدة إلى أن نسبة من تقل أعمارهم عن 24 عاما تصل إلى 37% من المجتمع الإيراني الذي يبلغ تعداده أكثر من 86 مليون نسمة.

ويرفض الجيل الجديد فكرة الانغلاق الثقافي ويرى أنها لا تتسامح مع المعطيات الموجودة على الأرض التي تفرض ضرورة الانفتاح على الخارج.

ويستند هذا الاتجاه إلى أن أي قيود مفروضة لن تستطيع منع هذا الجيل من الانفتاح على الثقافات الأخرى، خاصة أنه نشأ وسط بيئة تعتمد في المقام الأول على التكنولوجيا الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها.

عمق الأزمة

في كل الأحوال، تبقى الاحتجاجات الحالية في إيران، وبصرف النظر عن مدى إمكانية انعكاسها على مشاركة إيران في المونديال، كاشفة إلى حد كبير عن عمق الأزمة التي تشهدها إيران.

فالشرخ القائم بين النظام والشارع يتسع تدريجيا، رغم أن الشارع ليس كله مساندا للاحتجاجات، والتوتر يتصاعد بين النظام والقوميات، والضغوط الاقتصادية تتفاقم، على نحو يوحي في النهاية بأن هذه الاحتجاجات أدخلت إيران مرحلة جديدة قد تشهد اختبارات سياسية صعبة. وينهي عرضه بأن الإجراءات التي يتبناها النظام لم تفلح في منع التواصل بين المحتجين والخارج، بدليل وصول بعض وسائل الاتصالات الحديثة إلى أيدى المحتجين، لنقل صور حية للأحداث التي تقع في الداخل إلى الخارج.

رسائل الإيرانيين في المباريات.. لماذا؟

  • كسر حاجز الخوف وحرص الجمهور على التأكيد على السياسة القمعية التي يتبناها النظام

  • غضب الشباب.. حيث إن قسما من الجمهور تقل أعمارهم عن 25 عاما، وهو الجيل نفسه الذي تنتمي إليه مهسا أميني

  • مقاومة القيود المفروضة.. فالجيل الجديد الذي يتصاعد تأثيره داخل إيران، يسعى إلى تأكيد أن لديه تطلعات


أعمار قادة طهران


  • 95 عاما رئيس مجلس الدستور أحمد جنتي

  • 83 عاما المرشد الأعلى علي خامنئي

  • 62 عاما رئيس البلاد إبراهيم رئيسي