ما قصة الهدية التي قدمتها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحت قبة جامعة القاهرة .

الاثنين - 17 أكتوبر 2022

Mon - 17 Oct 2022

قام المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر بإهداء جامعة القاهرة ونائب وزير التعليم في الجمهورية المصرية العربية الشقيقة عملا ثقافيا فريدا .. فما هي قصة هذا الإهداء؟

من المعروف أن المكتبة تقتني مجموعات من المخطوطات والمقتنيات النادرة ومن أبرز هذه المقتنيات: ( أصول الخيل العربية في مخطوطة عباس باشا الأول) و هي أندر ما كُتب عن أصول الخيول في الجزيرة العربية قبل 170 عاما

و تعد مصدرا معرفيا مهما في أنساب الخيل العربية، حيث قامت المكتبة بتحقيق هذه المخطوطة بواسطة فريق من المختصين وقد صدرت في مجلدين: الأول : صورة طبق الأصل من مخطوطة عباس باشا الأول في الخيل، والمجلد الثاني : يحتوي على الدراسة بفصولها وأبوابها المتعددة.

وقد قام ابن معمر بإهداء نسخ من هذا المخطوط النادر إلى رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت، خلال استضافة الجامعة لحفل تسليم جائزة الملك عبدالله بين عبدالعزيز العالمية للترجمة ، كما قام بإهداء نسختين لنائب وزير التعليم في جمهورية مصر العربية و نائب وزير التعليم السعودي.

وأوضح ابن معمر أن المكتبة تقتني النسخة الأصلية وهي بعنوان: أصول الخيل التي تُعرف ب: مخطوطة عباس باشا في الخيل والتي أُلفت في العام 1269هـ / 1852م وتتناول موضوع الخيل، بالتفصيل والتوثيق عند قبائل جزيرة العرب من أهل البادية وأهل الحاضرة، حيث تتضمن المخطوطة أسماء الخيل الأصيلة وأسماء مرابطها وأنواع سلالاتها وأسماء ملاكها ومربيها وتجارها الحريصين على شرائها واقتنائها.

وأضاف عن أهميتها : إن أصل عمل هذه المخطوطة النادرة وتأليفها يرجع إلى أن هناك صداقة حميمة نشأت بين الخديوي عباس باشا الذي تولى حكم مصر سنة 1848م، والإمام فيصل بن تركي مؤسس الدولة السعودية الثانية والذي قام بإهدائه عددا كبيرا من الخيول الأصيلة، ولشغف الخديوي عباس بالخيول واهتمامه بنسبها وأصولها أرسل مستفسرا من الإمام فيصل عنها، فرد عليه الإمام فيصل بأن هذه الخيول الأصيلة هي بالأساس آتية إلى مربط خيله من قبائل جزيرة العرب، ونصحه بأن يرسل له بعثة متخصصة تمكنه تقصي أحوال هذه الخيل. وفعلاً اهتم الخديوي عباس الأول بهذا الأمر وأرسل للإمام فيصل عددًا من الكتبة الاختصاصيين الممتازين الأمناء في نقل المعلومات، ويظهر في كتاباتهم أنهم على علم بأصول الخيل ومن المخالطين لقبائل العربان، وَكّل على رأسهم مملوك الخديوي عباس "علي بك الجماشرجي" المشهور باللالا، الذي ظل يجوب شبه الجزيرة العربية من أقصاها، إلى أقصاها ويستحضر له أفراسًا من أعز مرابط خيل العرب الأصيلة متتبعًا خطواتها مع وعورة المسالك وبعد المسافة وصعوبة المواصلات، وعند رجوعهم إلى القاهرة، رتبوا كتابهم ونظموه عن أنساب الخيل وأصولها وقدموه إلى عباس باشا في عام 1852م تحت مسمى "أصول الخيل" وبعضهم سماه فيما بعد باسم "مخطوطة عباس باشا عن الخيل".

الجدير بالذكر أن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعنى عناية كبيرة بالتراث العربي الإسلامي، وقد أنشأت مركزا خاصا لدراسات الفروسية يحتوي على أكثر من 12 ألف مادة متنوعة بين الدراسات والكتب النادرة في مختلف اللغات العالمية، والصور واللوحات والأيقونات والوثائق والمخطوطات والمسكوكات وكلها تبرز أوصاف الخيل وقيم الفروسية، كما تقتني مجموعة من الكتب النادرة بعدد من اللغات يعود أقدمها إلى العام ١٨٢٩ ، فضلا على اقتنائها مسكوكات نادرة عليها رسومات للخيل والفروسية تعود إلى القرون الهجرية الأولى ، بالإضافة إلى مجموعات متنوعة من الكتب المؤلفة بالعربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية عن الخيول العربية.

وتبرز الرؤية الاستراتيجية الثقافية للمكتبة في هذا الرصد والبحث والاقتناء في عنايتها بالتراث العربي والإسلامي بمختلف صوره وأشكاله، تعزيزا للهوية ، وترسيخا للعمق التاريخي للثقافة السعودية والعربية والإسلامية .