ليبيا والعراق ولبنان.. أعراض مختلفة وكارثة واحدة
الأربعاء - 07 سبتمبر 2022
Wed - 07 Sep 2022
تشير معظم التوقعات إلى أن الوضع المتأزم في ليبيا لم يعد مرشحا للحل قريبا، فالاشتباكات التي جرت مؤخرا تعيد الصراع العسكري في البلاد إلى الوراء مجددا، وأصبح هذا البلد العربي نموذجا للانهيار، الذي يتجاوز فكرة الدولة الفاشلة بعد أن تفككت أوصال «الدولة الليبية» وتحولت إلى معسكرات متصارعة وحكومتين متنافستين ونخب لا تستطيع العثور على مخرج من مأزق يعانيه شعبها طيلة السنوات الماضية.
الوضع في العراق ربما يختلف ظاهريا عن المأساة التي تعيشها ليبيا، ولكنه يؤدي إلى الطريق ذاته، حيث تحول السجال السياسي إلى اشتباكات وأزمة محتدمة بين أنصار التيار الصدري والإطار التنسيقي. الكل في العراق يتداول مفردات مثل الفتنة والخطر الكبير والاستعداد للأسوأ، وتحولت مؤسسة الدولة العراقية إلى ضحية للصراع السياسي الذي تجاوز الخطوط الحمر الوطنية جميعها.
القاسم المشترك بين الأزمتين الليبية والعراقية هي الصراع حول مسألة الانتخابات وصناديق الاقتراع، سواء جرت هذه الانتخابات كما في الحالة العراقية، أم لم تتم من الأساس كما في الحالة الليبية، حيث فشلت جميع سيناريوهات تنظيم الانتخابات التي كان مقررا لها منتصف العام الماضي.
ذكرت أنه منذ استقالة نواب التيار الصدري من مجلس النواب العراقي بشكل جماعي أن حالة الانسداد السياسي مرشحة للتفاقم وأن السيناريوهات السياسية المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات، وقلت أيضا إنه لا ضمانة لأن توفر أي انتخابات جديدة -في حال حدوثها أو تجاوز العقبات التي تحول دونها- الاستقرار الذي يحتاجه العراق أو ليبيا أو لبنان أو غيرهم.
نؤكد مجددا أن العراق وليبيا ولبنان هي دول تواجه خطرا محدقا في ظل حالة السيولة والفوضى التي يعانيها النظام العالمي، وأن من الصعب إبقاء الدول الثلاث رهينة تجاذبات داخلية يعكس الكثير منها إملاءات خارجية لا تستهدف سوى الإبقاء على نفوذ أطراف إقليمية.
وإذا كانت معضلة العراق تتشابه مع المعضلة اللبنانية في الأعراض والنتائج، وتتفق معها في مصدرها وأسبابها، حيث يبدو العامل الإيراني الغائب الحاضر في الحالتين بقوة، كما يبدو الاختلاف في الانقسام الحاصل داخل البيت الشيعي، وهو أيضا ليس بعيدا عن تأثير طهران ورجالها، فإن الوضع في ليبيا ليس ببعيد عن ذلك والنتيجة واضحة للجميع، ولا أمل في أن تشهد هذه الأزمات تغيرات فارقة خلال وقت وجيز في ظل عجز المنظمات الدولية عن الاضطلاع بمهامها، وفي ضوء انشغال معظم الدول بالأزمات الداخلية التي تعانيها جراء تداعيات الحرب في أوكرانيا.
خلاصة هذا الواقع العربي المرير وكما نكرر ونعيد ونؤكد أن مشكلة بعض دولنا لا تكمن في الديمقراطية وصناديق الاقتراع، لأن هذه الآليات التي طالما طالب الكثيرون بها، باتت جزءا من المشكلة وليس الحل، وهذه ليست دعوة لصرف النظر عن المسارات التشاورية أو دعوة للاستبداد وترويجا لها كما قد يقفز البعض إلى مثل هذه الاستنتاجات، ولكنني أقصد أن أزمة هذه الدول أعمق من الآليات التي يفترض أن تؤتي حصادها في بيئة مهيأة لذلك، ومن ثم نجد الطائفية البغيضة والمحاصصة تعرقل مخرجات صناديق الاقتراع في حالات، والمصالح والولاءات العابرة للوطنية تحول دون تشكيل حكومات تعكس رغبة الشعوب وإرادتها في حالات أخرى، ونجد أن من احتكم للصندوق لا يقبل بنتائجه!
ما يعني أننا أمام حالة انسداد هي في الحقيقة نتاج ثقافة أحادية لا تؤمن بالديمقراطية سوى حين تحقق مصالحها وأهدافها، وتنقلب عليها حين تتنافر النتائج مع هذه المصالح، لذا فقد قيل أن الديمقراطية تحتاج إلى ديمقراطيين مؤمنين بسيادة أوطانهم ومدركون لقيمة الأوطان وضرورات حمايتها من أي تدخلات خارجية، فالممارسات السياسية المتحضرة لا تنحصر في قوائم مرشحين وصناديق اقتراع، بل في قناعات حقيقية متجذرة بحق الشعوب في اختيار من يمثلها، ولأن هذا القناعات غائبة تماما، فإن المشهد يبدو عبثيا سواء تمثل ذلك في الصراع الكارثي الدائر في العراق، أو في اغتصاب ميلشيا للسلطة في صنعاء، أو تنافر حكومتين تتنازعان السلطة في طرابلس وبنغازي، ناهيك عن المشهد اللبناني الذي يموج بكل ألوان وأطياف العبثية السياسية!
drsalemalketbi@
الوضع في العراق ربما يختلف ظاهريا عن المأساة التي تعيشها ليبيا، ولكنه يؤدي إلى الطريق ذاته، حيث تحول السجال السياسي إلى اشتباكات وأزمة محتدمة بين أنصار التيار الصدري والإطار التنسيقي. الكل في العراق يتداول مفردات مثل الفتنة والخطر الكبير والاستعداد للأسوأ، وتحولت مؤسسة الدولة العراقية إلى ضحية للصراع السياسي الذي تجاوز الخطوط الحمر الوطنية جميعها.
القاسم المشترك بين الأزمتين الليبية والعراقية هي الصراع حول مسألة الانتخابات وصناديق الاقتراع، سواء جرت هذه الانتخابات كما في الحالة العراقية، أم لم تتم من الأساس كما في الحالة الليبية، حيث فشلت جميع سيناريوهات تنظيم الانتخابات التي كان مقررا لها منتصف العام الماضي.
ذكرت أنه منذ استقالة نواب التيار الصدري من مجلس النواب العراقي بشكل جماعي أن حالة الانسداد السياسي مرشحة للتفاقم وأن السيناريوهات السياسية المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات، وقلت أيضا إنه لا ضمانة لأن توفر أي انتخابات جديدة -في حال حدوثها أو تجاوز العقبات التي تحول دونها- الاستقرار الذي يحتاجه العراق أو ليبيا أو لبنان أو غيرهم.
نؤكد مجددا أن العراق وليبيا ولبنان هي دول تواجه خطرا محدقا في ظل حالة السيولة والفوضى التي يعانيها النظام العالمي، وأن من الصعب إبقاء الدول الثلاث رهينة تجاذبات داخلية يعكس الكثير منها إملاءات خارجية لا تستهدف سوى الإبقاء على نفوذ أطراف إقليمية.
وإذا كانت معضلة العراق تتشابه مع المعضلة اللبنانية في الأعراض والنتائج، وتتفق معها في مصدرها وأسبابها، حيث يبدو العامل الإيراني الغائب الحاضر في الحالتين بقوة، كما يبدو الاختلاف في الانقسام الحاصل داخل البيت الشيعي، وهو أيضا ليس بعيدا عن تأثير طهران ورجالها، فإن الوضع في ليبيا ليس ببعيد عن ذلك والنتيجة واضحة للجميع، ولا أمل في أن تشهد هذه الأزمات تغيرات فارقة خلال وقت وجيز في ظل عجز المنظمات الدولية عن الاضطلاع بمهامها، وفي ضوء انشغال معظم الدول بالأزمات الداخلية التي تعانيها جراء تداعيات الحرب في أوكرانيا.
خلاصة هذا الواقع العربي المرير وكما نكرر ونعيد ونؤكد أن مشكلة بعض دولنا لا تكمن في الديمقراطية وصناديق الاقتراع، لأن هذه الآليات التي طالما طالب الكثيرون بها، باتت جزءا من المشكلة وليس الحل، وهذه ليست دعوة لصرف النظر عن المسارات التشاورية أو دعوة للاستبداد وترويجا لها كما قد يقفز البعض إلى مثل هذه الاستنتاجات، ولكنني أقصد أن أزمة هذه الدول أعمق من الآليات التي يفترض أن تؤتي حصادها في بيئة مهيأة لذلك، ومن ثم نجد الطائفية البغيضة والمحاصصة تعرقل مخرجات صناديق الاقتراع في حالات، والمصالح والولاءات العابرة للوطنية تحول دون تشكيل حكومات تعكس رغبة الشعوب وإرادتها في حالات أخرى، ونجد أن من احتكم للصندوق لا يقبل بنتائجه!
ما يعني أننا أمام حالة انسداد هي في الحقيقة نتاج ثقافة أحادية لا تؤمن بالديمقراطية سوى حين تحقق مصالحها وأهدافها، وتنقلب عليها حين تتنافر النتائج مع هذه المصالح، لذا فقد قيل أن الديمقراطية تحتاج إلى ديمقراطيين مؤمنين بسيادة أوطانهم ومدركون لقيمة الأوطان وضرورات حمايتها من أي تدخلات خارجية، فالممارسات السياسية المتحضرة لا تنحصر في قوائم مرشحين وصناديق اقتراع، بل في قناعات حقيقية متجذرة بحق الشعوب في اختيار من يمثلها، ولأن هذا القناعات غائبة تماما، فإن المشهد يبدو عبثيا سواء تمثل ذلك في الصراع الكارثي الدائر في العراق، أو في اغتصاب ميلشيا للسلطة في صنعاء، أو تنافر حكومتين تتنازعان السلطة في طرابلس وبنغازي، ناهيك عن المشهد اللبناني الذي يموج بكل ألوان وأطياف العبثية السياسية!
drsalemalketbi@