عبدالرحمن الزهراني

الكيل بمكيالين، في عقود الوظائف الأكاديمية بالجامعات!

الاحد - 21 أغسطس 2022

Sun - 21 Aug 2022

منذ أن تأسست المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز آل سعود، - طيب الله ثراه-، وهي تقرن رفاهية المقيم برفاهية المواطن، في مختلف مجالات الحياة، وهذا نهج راسخ للقيادة السعودية منذ توحيد هذه البلاد المباركة، جميع المشاريع التنموية في المملكة تخدم المواطن والمقيم من مختلف الجنسيات من أجل أن ينعموا بحياة كريمة، وكسب مادي مجز على أثره ساهموا في تنمية بلدانهم، وهم أخوة لنا تجمع بيننا الإنسانية نحو المحبة والسلام والتسامح، أما أن تهتم بعض الجهات الحكومية بالمقيم وتنسى المواطن من لوائحها وأنظمتها فهذا يشير إلى أن هناك مشكلة تحتاج إلى حل عاجل وجذري بهدف إشعار واستشعار المواطن بقيمته على أرض وطنه.

لكل زمن ظروف واهتمامات واحتياجات تفرضها عليه طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية، اليوم غير الأمس، وحتما العام الماضي مختلف عن العام الذي قبله، وآن الأوان إلى تغير وتطوير الأولويات حيال المقيمين ومهاراتهم وقدراتهم، فالمرحلة الحالية تتطلب ألا نستقدم للعمل على أرض المملكة سوى الأشخاص المؤهلين الذين يعدون رموزا في بلدانهم، في مجال تخصصاتهم من أجل مواكبة عجلة التطوير التي تسير بوتيرة متسارعة لا تتوقف، ففي المجال الأكاديمي لسنا بحاجة إلى غير السعوديين من خريجي مؤسسات أكاديمية غير معترف بها، والبعض منها غير موجود على خارطة العالم الأكاديمي وتحتاج إلى سنة ضوئية لدخول قائمة التصنيفات الدولية، نعم التنوع الثقافي في الجامعات مطلب أساسي ولكن عندما يكون إضافة لنا وليس عبئا علينا.

ضمن سلسلة مقالات توطين الوظائف الأكاديمية اليوم سوف نتحدث عن لائحة توظيف غير السعوديين في الجامعات الصادرة بقرار مجلس التعليم العالي رقم (3-4-1417هـ) في الجلسة الرابعة لمجلس التعليم العالي المعقود بتاريخ 7-2-1417هـ المتوج بموافقة خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس التعليم العالي بالتوجيه الرقي الكريم رقم (7/ب/16785) وتاريخ 4-11-1417هـ، حيث تضمن اللائحة ستين مادة لا يتسع المجال لذكرها كاملة ولكن سوف نتطرق إلى بعض الجوانب التي تتعلق بعصب الحياة (الجوانب المالية)، حيث خصصت اللائحة لغير السعوديين بدل سكن بواقع (25 ألف ريال)، وبدل انتقال (600) ريال، علاوة سنوية (500)، إضافة إلى التذاكر السنوية ذهابا وعودة، هذا بخلاف دفع رسوم أبناء غير السعوديين للدراسة في المدارس الأهلية، وللعلم الأغلبية يلحقون أبناءهم بمدارس عالمية تصل رسومها السنوية إلى ستين ألف ريال، حيث إن الرسوم الدراسية وعدد الأبناء لم تحدد بمقدار معين في اللائحة.

وفي المقابل نجد أن وظائف العقود في الوظائف الأكاديمية للسعوديين تخلو تماما من هذه المميزات والحوافز، فقط تصاغ عقود تعاني وتئن من الجفاف والإجحاف بحق أبناء الوطن، وتلتزم بالرواتب المقطوعة، وفوق هذا وذاك نجد الجامعات تضع الشروط التعجيزية أمام المتقدمين من أجل استمرارية تجديد عقود غير السعوديين، مع العلم بأن اللائحة لم تتطرق لتحديد أعمار الأجانب، ولم تذكر التقدير في الدرجات العلمية، ولم تتعرض للمسار الأكاديمي بتاتا، بينما الجامعات عند إعلاناتها للوظائف الأكاديمية للسعوديين تصر على (ثالوث الشقاء)! الذي يشمل (العمر، المسار الأكاديمي، التقدير)، من النوادر أن تتحقق جميعها في أبناء وبنات الوطن المؤهلين، وبهذا يجد (القائمون على الجامعات) أعذارا غير واقعية وغير منطقية لعدم قبول أبنائنا، وهو ما يدعونا للتساؤل: لماذا الكيل بمكيالين؟ وفي بعض الأحيان الكيل بثلاثة مكاييل! المكيال الأول للأجانب، والمكيال الثاني لمنسوبي الجامعات الذين يبلغون السن القانونية للتقاعد (ستون عاما) ثم تتعاقد معهم الجامعة، أما المكيال الثالث وهو الأشد ظلما فخصص لأبناء وبنات الوطن المؤهلين علميا والحاصلين على الدرجات العلمية العليا من داخل وخارج المملكة من خلال وضع شروط تعجيزية في طريقهم.

بما أننا تطرقنا لحوافز عقود الوظائف الأكاديمية لغير السعوديين وحين نقارنها بإعلانات الجامعات للوظائف الأكاديمية للسعوديين نجد أن جامعة أم القرى أعلنت عن (854) وظيفة مشغولة بغير السعوديين، أي أنها تدفع بدل سكن لهم تقريبا 21 مليون ريال سنويا بدل سكن فقط ومثلها للتذاكر السنوية، ومثلها تزيد، أو تنقص قليلا، للأبناء الملتحقين بالمدارس الأهلية والعالمية، أيضا جامعة الملك خالد أعلنت عن (1400) وظيفة وتراجعت عن الإعلان ثم أعلنت مرة أخرى من أجل إخفاء عدد الوظائف وحددت أعمار المتقدمين (49) عاما من أجل الحد من قبول المتقدمين، وبما أن أغلب المتعاقدين غير السعوديين لا يعدون إضافة للجامعات فلنحسبها كما قيل (حسبة تاجر)! فان بدل السكن يصل إلى 35 مليون ريال، وتذاكر السفر سنويا ذهاب وعودة لا تقل عن هذا الرقم، أما رسوم المدارس الأهلية والعالمية حتما تقل عن قيمة بدل السكن لأن رسوم المدارس العالمية في أبها أقل من غيرها في بقية مدن المملكة، وبالتالي تتوفر في خزينة جامعة الملك خالد.

بعد أن استعرضنا الحوافز المالية في لائحة توظيف غير السعوديين في الجامعات، فإن أبناء الوطن يتطلعون أن يقوم مجلس شؤون الجامعات بإعداد لائحة مماثلة لهذه اللائحة، وهم لا يطمحون في الحوافز المالية بقدر ارتعاش قلوبهم من وضع الشروط التعجيزية في طريقهم والتي خلت منها لائحة غير السعوديين.

نقطة ضوء: بهدف إشعار واستشعار المواطن بقيمته على أرض وطنه، نقول: (خذوا المناصب.. والمكاسب.. لكن اتركوا لأبناء وبنات الوطن المؤهلين وظائف العقود الأكاديمية).

DrAlzahrani11@