تعاون أمريكا والصين ينقذ العالم من كارثة

براندز: بكين تمارس الابتزاز المناخي.. وإدارة بايدن ترفض تقديم تنازلات
براندز: بكين تمارس الابتزاز المناخي.. وإدارة بايدن ترفض تقديم تنازلات

الخميس - 11 أغسطس 2022

Thu - 11 Aug 2022

شهدت الأيام القليلة الماضية وصول التوترات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة إلى مرحلة غير مسبوقة على خلفية زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان رغم الرفض الصيني القوي لهذه الخطوة، وردت بكين على ذلك بحشد قواتها العسكرية بصورة غير مسبوقة حول جزيرة تايوان بدعوى إجراء مناورات عسكرية.

ومع ذلك يرى المؤرخ المحلل الاستراتيجي الأمريكي المرموق هال براندز أن المعضلة المركزية التي تواجه السياسة الخارجية الأمريكية اليوم هي أن الدولة التي تمثل أكبر تهديد للنظام العالمي الذي تقوده أمريكا، يجب التعاون معها حتى يظل العالم مكانا صالحا للحياة، وهذه المعضلة تجسدت بوضوح عندما ردت الصين على زيارة بيلوسي لتايوان بوقف المحادثات الثنائية مع الولايات المتحدة حول قضية التغير المناخي وغيرها من القضايا.

لا تناقض

ويرى براندز أستاذ كرسي هنري كيسنجر للشؤون العالمية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز والباحث المقيم في معهد المشروع الأمريكي، في تحليل نشرته وكالة بلومبيرج للأنباء أن الرئيس الصيني شي جين بينج يختبر بهذه القرارات نظرية نظيره الأمريكي جو بايدن التي تقول «إن واشنطن تستطيع التعاون مع بكين في بعض القضايا، رغم تنافسهما الشديد في قضايا أخرى، لكن سياسة شي تنطوي على مخاطر، فقد يفاجأ برد فعل عالمي سلبي أقوى مما يتصور».

ومنذ أيامها الأولى تقول إدارة بايدن «إن التعاون والتنافس ليسا متناقضين تماما»، فاستراتيجية الأمن القومي الأمريكية لإدارة بايدن تقول صراحة «إن الصين هي المنافس الوحيد القادر على أن يمثل تحديا مستمرا لنظام عالمي مستقر ومنفتح، وعلى الولايات المتحدة تعزيز تحالفاتها والاستثمار في نقاط قوتها الأساسية لمنع الصين من فرض إرادتها على العالم».

علاقات مثمرة

في الوقت نفسه تؤكد الإدارة الأمريكية حاجة واشنطن للعمل الجاد من أجل إقامة علاقات مثمرة في القضايا التي تحقق مصالح مشتركة للجانبين.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في مايو الماضي «لا يمكننا ترك الخلافات بيننا لكي تمنعنا من المضي قدما نحو تحقيق الأولويات التي تحتاج إلى العمل المشترك من جانب الدولتين».

وتستهدف هذه الرؤية محاكاة إحدى موروثات فترة الحرب الباردة عندما تعاونت واشنطن مع موسكو في قضايا مثل الصحة العالمية والحد من التسلح رغم الصراع المحتدم بين الجانبين.

ويعتبر ملف التغير المناخي أحد أهم ملفات التعاون المحتمل بين الولايات المتحدة والصين باعتبارهما أكبر دولتين مصدرتين للانبعاثات الغازية في العالم، وعدم إمكانية تحقيق أي تقدم ملموس على صعيد مواجهة ظاهرة التغير المناخي في العالم بدون مشاركة تقليص أكبر للاعتماد على الطاقة التقليدية من جانب بكين التي تنتج حوالي 25% من إجمالي الانبعاثات العالمية.

وقال بلينكن «إنه وبوضوح لا توجد طريقة لحل مشكلة التغير المناخي دون قيادة صينية».

تقديم تنازلات

ويقول براندز «إن تقسيم العلاقات الأمريكية الصينية إلى مجالات يمكن التعاون فيها وأخرى ستتواصل فيها المنافسة لن يكون مهمة سهلة، ولا يمكن لملف التغير المناخي أن يكون «واحة» للتعاون في ظل «صحراء» التنافس بين البلدين.

وفي عام 2021 قال وزير خارجية الصين وانج يي «إنه على أمريكا خلق مناخ مناسب للدبلوماسية البيئية من خلال تخفيف السياسات الأمريكية المناهضة للصين في ملفات تايوان وهونج كونج وغيرها، ويعني هذا أن الصين تربط تعاونها في ملف التغير المناخي، بمجموعة من المشكلات الجيوسياسية، بما يعني أنها تطلب ثمنا لتعاونها في ملف التغير المناخي، لكن إدارة الرئيس بايدن رفضت تقديم هذه التنازلات.

وتأمل الإدارة الأمريكية أن تعود الصين إلى التعاون في ملف التغير المناخي لتحقيق مصالحها الذاتية، عندما تدرك أن واشنطن لن ترضى بالربط بين هذه الملفات، لكن الرؤية الأمريكية تعرضت لضربة قوية مؤخرا عندما أغلقت الصين العديد من قنوات الاتصال الدبلوماسي والعسكري مع الولايات المتحدة وعلقت الحوار الثنائي معها بشأن المناخ ردا على زيارة بيلوسي لتايوان.

تأثير التوترات

ويقول براندز «إن قرار شي يذكرنا بأن الصين تتبنى رؤية قاتمة بالنسبة للعلاقات العسكرية-العسكرية مع واشنطن، لآن الصينيين يعتقدون أن الولايات المتحدة ستكون أقل استعدادا للقيام بتحركات جريئة في غرب المحيط الهادئ، إذا كانت تشعر بالقلق من صعوبة إدارة التوترات الناجمة عن مثل هذه التحركات بطريقة آمنة.

كما أن الموقف الصيني يهدد أيضا بوضع الإدارة الأمريكية أمام مفاضلة حادة بين اثنتين من أولويات سياستها الخارجية.

ويحاول شي بشكل مؤكد تكثيف التوترات داخل الإدارة الأمريكية والحزب الديمقراطي، من خلال وضع صقور ملف التصدي للتغير المناخي في مواجهة صقور التصدي للصين على أمل انتصار المعسكر الأول. ولكن قد لا تحقق هذه المناورة أهداف شي.

لماذا يعد تعاون أمريكا والصين ضرورة؟

  • سيلحق انسحاب الصين من جهود مكافحة التغير المناخي الضرر بالدول الفقيرة والمتضررة من التغير المناخي.

  • ارتفاع درجات الحرارة يضر باقتصادات تلك الدول ويغذي الهجرة غير الشرعية.

  • يؤدي التغير المناخي إلى اضطرابات عسكرية وسياسية واجتماعية.

  • يمكن أن تؤدي سياسة الابتزاز المناخي إلى تخلي إدارة بايدن عن السياسات المتوازنة تجاه الممارسات الصينية بشكل عام.

  • العالم يحتاج إلى التعاون بين الصين وأمريكا لحماية البيئة وتجنب التداعيات الكارثية للتغير المناخي.