سالم الكتبي

هل تنقذ عملية كابول شعبية بايدن؟

الخميس - 11 أغسطس 2022

Thu - 11 Aug 2022

منذ عام تقريبا، وتحديدا في أغسطس من العام الماضي، بدأت مؤشرات شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن في التدهور والهبوط لمستويات قياسية بتأثير الأثر السلبي البالغ للانسحاب الأمريكي المتسرع من أفغانستان، وما تلاه من مشاهد فوضوية وسيطرة حركة «طالبان» على العاصمة الأفغانية، وعودتها للحكم وتحول الأمر برمته إلى أزمة سياسية وكارثة علاقات عامة أساءت كثيرا للصورة النمطية للولايات المتحدة في العالم، وتحول الأمر إلى طوفان من الانتقادات الدولية للسياسات الأمريكية والهجوم الحزبي على إدارة الرئيس بايدن، ومحاولة إظهاره كرئيس متردد ومرتبك.

صحيح أن ملفات السياسة الخارجية بشكل عام ليس لها تأثير في صناديق الاقتراع الأمريكية، ولا سيما على مستوى انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، ولكن حينما يتعلق الأمر بصورة الولايات المتحدة وهيبتها عالميا، يتحول تلقائيا إلى مادة للتداول في البورصات الانتخابية، وهو ما يسعى بايدن لتجاوزه من خلال إيجاد ربط جديد بين أفغانستان ونجاح أمريكي جديد في قتل أكبر رأس إرهابي على قيد الحياة في العالم، وهو أيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة»، والسعي لأن يحل تأثير مقتل الظواهري محل صورة «الفشل» والمشاهد الفوضوية للانسحاب في الوعي الجمعي للرأي العام الأمريكي.

ولا شك أن مقتل أيمن الظواهري، بكل ما يعنيه لدى الرأي العام الأمريكي من ارتباط باعتداءات 11 سبتمبر 2001، يعيد تسليط الضوء مجددا على الملف الأفغاني، ويعطي لهذا الأمر وزنا نسبيا ربما يسهم في تعزيز شعبية الرئيس بايدن خلال الفترة المقبلة، أو على الأقل يحد من نزيف نقاط الشعبية التي يفقدها بشكل متسارع خلال الأشهر الأخيرة.

في العام الأخير تراجعت شعبية الرئيس الأمريكي لمستويات قياسية لأسباب واعتبارات عدة أبرزها ارتفاع أعداد ضحايا تفشي وباء «كوفيد» ومتحوري «دلتا» و»أميكرون»، وخسائر إعصار «إيدا» في ولايات الجنوب والجنوب الشرقي، وتأثير الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، ثم جاءت الأزمة الأوكرانية وارتفاع معدلات التضخم التي تعد الأعلى أمريكيا منذ أربعة عقود وما يرافقها من غلاء أسعار وتدهور معيشي، فضلا عن الشكوك والروايات حول حالته الصحية والذهنية، لتدفع شعبية الرئيس إلى انخفاضات جديدة.

في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «جالوب» الأمريكية مؤخرا، دخل الرئيس بايدن قائمة الرؤساء الذين حققوا أقل شعبية خلال هذه الفترة من رئاستهم في تاريخ الولايات المتحدة، حيث انخفض تصنيفه إلى مادون الـ 40% للمرة الأولى منذ توليه منصبه، وهي القائمة التي تشمل سلفه دونالد ترمب وجيمي كارتر وجيرالد فورد وجورج بوش الأب.

وبطبيعة الحال لا يمكن البناء على نتائج الاستطلاعات في أي فترة كمؤشر نهائي لشعبية الرئيس؛ فمن المعتاد أن ترتفع هذه الشعبية وتنخفض وفقا للأخبار الجيدة والسيئة، ولا سيما الاقتصادية منها، وهذا ما يبدو صعبا بالنسبة للرئيس بايدن على الأقل في الظروف الدولية الراهنة، وما تسببه من ارتفاعات قياسية في أسعار مواد الطاقة والوقود في الداخل الأمريكي، وبالتالي من الصعب القطع بأن أي حدث سياسي قد يلعب دور الرافعة لشعبية الرئيس في هذه الظروف، ولو حدث ذلك فسيكون بشكل مؤقت للغاية ربما لا يتجاوز يوما أو يومين وسرعان ما ينقضي أثره بفعل أثر الارتفاع المستمر لأسعار الوقود والسلع.

الشواهد تقول إن المزاج العام الأمريكي في الوقت والظروف الراهنة سيء إلى حد كبير، ومن الصعب أن ينتشل خبر مثل مقتل الظواهري شعبية الرئيس من التدهور، وإن كان من المرجح أن يسهم -ولو قليلا- في الحفاظ عليها ولو لفترة وجيزة كما أشرت سالفا. وقناعتي أن أكثر ما يهدد بايدن والحزب الديمقراطي خلال الفترة المقبلة، ولا سيما في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقرر في نوفمبر المقبل، ليس الأداء السياسي والاقتصادي، بل التشوش الذهني والسقطات البدنية والذهنية والكلامية المتعددة والمتواصلة التي يظهر فيها رئيس أقوى دولة في العالم بصورة ضعيفة لا يقبلها الرأي العام الأمريكي، وهو ما يمكن ملاحظته في رفض أكثر من 75% من الديمقراطيين والمؤيدين للحزب انتخابات بايدن لولاية رئاسية ثانية بحسب الاستطلاعات، وبالتالي فإن أكثر ما يشغل الحزب الديمقراطي في الوقت الراهن هو إنقاذ فرصه في الحفاظ على الأغلبية بمجلس النواب في الانتخابات المقبلة، وهو ما يفسر -جزئيا- تصميم نانسي بيلوسي رئيس مجلس النواب على زيارة تايوان كون هذه القضية أحد نقاط الإجماع المشتركة بين الجمهوريين والديمقراطيين، وحيث تحاول من خلال ذلك إثبات قوة الديمقراطيين في الدفاع عن مواقفهم.

drsalemalketbi@