معاملات قذرة تطيح برئيس استخبارات الحرس الثوري

يونسي: تفرغ لتصفية الحسابات وضرب الشخصيات الخارجة عن الدولة العميقة رافق نجل المرشد علي خامنئي في المدرسة ففتحت أمامه جميع الأبواب المغلقة شارك في الحلقة المتهمة باغتيال المثقفين والسياسيين في بداية رئاسة خاتمي حاصر روحاني في قضية الناشطين بيئيا وقاد عمليات اعتقال مزدوجي الجنسية
يونسي: تفرغ لتصفية الحسابات وضرب الشخصيات الخارجة عن الدولة العميقة رافق نجل المرشد علي خامنئي في المدرسة ففتحت أمامه جميع الأبواب المغلقة شارك في الحلقة المتهمة باغتيال المثقفين والسياسيين في بداية رئاسة خاتمي حاصر روحاني في قضية الناشطين بيئيا وقاد عمليات اعتقال مزدوجي الجنسية

الأحد - 26 يونيو 2022

Sun - 26 Jun 2022

أطاح النظام الإيراني برئيس جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري حسين طائب، في أعقاب حملة سخرية طويلة، نظير الفشل المتكرر في وقف الاختراق الإسرائيلي، واغتيال عدد من قادة الجهاز في قلب طهران، علاوة على معاملاته التي وصفت بـ(القذرة) وفساده اللافت.

وأكد تحليل لموقع «إندبندنت عربية» أنه من النادر أن يحظى قرار يصدر عن النظام الإيراني ومؤسسته العسكرية والأمنية بهذا الكم من الارتياح والقبول، كالقرار الذي صدر بعزل المعمم حسين طائب، إذ لا يتردد العديد من المعنيين من سياسيين وناشطين إيرانيين، من مختلف الانتماءات من محافظين أو إصلاحيين أو معتدلين أو ليبراليين، في إبداء سعادتهم بالقرار الذي أزاح شخصية انتهازية لا تتورع عن القيام بأي عملية، مختبئا خلف أعلى موقع في النظام.

فشل ذريع

يؤكد التحليل أن الإيرانيين أجمعوا على أن عزل حسين طائب جاء بعد سلسلة طويلة من الفشل في عمل الجهاز الذي يرأسه بالتصدي لعمليات الاختراق الأمني التي قام بها جهاز الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» والاستخبارات الأمريكية، وما أدت إليه من اغتيالات طالت شخصيات من الصف الأول، تبدأ بقائد «قوة القدس» قاسم سليماني وشملت أيضا الشخصية الأهم في البرنامج النووي الجنرال محسن فخري زاده، وأكثر من 10 علماء نوويين، إضافة إلى عمليات استهداف المنشآت النووية في نظنز وكرج وطهران، وأيضا عملية اغتيال العميد حسن صياد خدائي عضو «قوة القدس» ومسؤول جهاز عمليات الاغتيالات الخارجية، فضلا عن فشل المخططات الأمنية لاستهداف قيادات وأفراد إسرائيليين في الخارج، بخاصة ما حدث في تركيا في الأسابيع الماضية.

وأعاد الفشل المتلاحق في الحفاظ على أمن المؤسسات والشخصيات الأساسية، إلى الواجهة كلام وزير الأمن الأسبق علي يونسي الذي تحدث عن خروقات كبيرة في الأجهزة الأمنية، وأن أمن كبار المسؤولين في النظام مخترق بحيث باتوا في معرض التهديد الحقيقي.

وكشف أن طائب حول الجهاز الأمني الذي من المفترض أن يكون حارسا وفاعلا في التصدي لاختراقات الأجهزة المعادية، إلى جهاز لتصفية الحسابات الداخلية وضرب الشخصيات التي قد تشكل أو تطمح لتكون مؤثرة في مستقبل النظام من خارج الأطر التي حددتها الدولة العميقة.

التخلص من الخصوم

بدأ حسين طائب نشاطه السياسي والأمني في قوات حرس الثورة، بعدا اختار اسم شقیقه «حسین» الذي سبق أن قتل في الحرب العراقية - الإيرانية لينشط ويعرف به بين الأوساط الأمنية والسياسية.

وفي خطوة تكشف عن تركيبته النفسية والاجتماعية واستعداده لاستخدام جميع الوسائل من أجل الوصول إلى الهدف الذي يريده، انطلقت مسيرة الأسماء المستعارة انسجاما مع المهمة التي يقوم بها.

عرف باسم حسن عبداللهي في وزارة الاستخبارات، وكان يعرف عن نفسه بالأخ ميثم وتارة باسم «الأخ روحاني»، وقاد تحت هذه الأسماء أسوأ وأخطر الشبكات الأمنية التي لم تتورع عن التخلص من الخصوم أو الأشخاص المستهدفين بالقتل والاغتيال، طبقا للمعارضة الإيرانية، ما ساعده بأن كرس نفسه وموقعه ودوره داخل المعادلة الأمنية للنظام، ويتحول إلى أحد الأرقام الصعبة في منظومة السلطة وذراعها الضاربة في وجه الخصوم سواء من التيار المحافظ أو القوى الأخرى، وحتى في مواجهة مراكز القوى داخل النظام ومؤسساته السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية.

استغلال الفرصة

التحق حسين طائب المولود في طهران عام 1963 بتشكيلات الحرس الثوري وعمره لم يتجاوز 19 عاما، وانتقل من تشكيلات طهران والتحق بتشكيلات مدينة قم، ثم انتقل إلى تشكيلات خراسان.

وضع لنفسه هدفا منذ بداية مسيرته داخل منظومة السلطة، بالوصول إلى مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، وفي هذه المرحلة قرر أن يرتدي الزي الديني، وأن يتخلى عن الالتحاق بجبهات القتال ضد العراق.

لم يتردد من استغلال الفرصة التي سنحت أمامه عبر نجل المرشد مجتبى، الذي كان زميله في الدراسات الدينية في مدرسة «مجتهدي» في العاصمة طهران، وهي المدرسة المعروفة بأنها خرّجت العديد من قيادة الأجهزة الأمنية، بخاصة الحلقة المتهمة بعمليات الاغتيالات التي طالت عدداً من المثقفين والسياسيين في بداية رئاسة محمد خاتمي، مثل رسول كاتوزيان مدير عام الدعم الميداني لدائرة الأمن في وزارة الاستخبارات، وهي عمليات اغتيال حصلت عندما كان طائب يتولى مسؤولية دائرة أمن استخبارات حرس الثورة.

انتقل إلى موقع أكثر خطورة في وزارة الاستخبارات عندما تولى مسؤولية وحدة مكافحة التجسس عندما كان «علي فلاحيان» على رأس الوزارة في عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني.

استهداف رفسنجاني

برز في محاولة استهداف الرئيس السابق رفسنجاني من خلال توريط نجله «مهدي» في ملفات فساد وتعاون مع جهات خارجية، فقام طائب الذي كان يتولى حينها موقع مساعد وزير الاستخبارات بعملية خطف التاجر البريطاني من أصل إيراني عباس يزدان بناه يزدي من إمارة دبي ونقله إلى طهران والتحقيق معه وإجباره على الاعتراف بالتعاون مع «مهدي هاشمي» في أعمال ضد مصلحة النظام، إلا أن رد فعل رفسنجاني كان حاسماً، فأصدر قرارا بإقالته من منصبه وإخراجه من وزارة الاستخبارات، لينتقل بعدها إلى الحرس الثوري ويتولى منصب الدائرة الثقافية لقيادة الأركان ورئاسة الكلية الثقافية في جامعة الإمام الحسين التابعة للحرس.

تحول استهداف رفسنجاني إلى إحدى أهم مهمات طائب باعتباره خدمة للمرشد، والتخلص من مراكز القرار الشريكة أو الموازية لموقع القيادة، فعاد إلى فتح ملف نجل رفسنجاني بعد انتخابات عام 2009 الرئاسية والأحداث التي رافقتها المعروفة باسم «الثورة الخضراء» فوجه له اتهامات بالحصول على دعم مالي من جهات عربية لدعم الحملة الانتخابية لمير حسين موسوي، والسعي لإسقاط مرشح المرشد حينها محمود أحمدي نجاد.

انتقام طائب

قاد عملية محاكمة نجل رفسنجاني، وإصدار حكم بالسجن بحقه، في خطوة كانت بمثابة رد على قرار رفسنجاني بطرده من وزارة الاستخبارات.

ثم أسهم بشكل مباشر وفاعل في تركيب التقرير الذي اعتمد عليه مجلس صيانة الدستور لإخراج رفسنجاني من السباق الرئاسي ولاحقاً من انتخابات مجلس خبراء القيادة.

وكان طائب صريحا في موقفه أمام أعضاء مجلس الصيانة عندما اعتبر استبعاد رفسنجاني مصلحة استراتيجية للنظام، لأن عودته إلى دائرة القرار ستعيق وتربك كثيرا من مخططات النظام المستقبلية وسيتحول رفسنجاني إلى حالة استقطاب شعبي لا يريدها النظام.

طالب في عام 2000 بموافقة المرشد الأعلى بتأسيس مؤسسة الفدائيين؛ لتكون الذراع القمعية لأي تحركات شعبية، بخاصة وأنها ضمت في صفوفها العناصر المعروفة بالتعامل العنيف مع المعترضين، ومن هذه المؤسسة انتقل عام 2005 وبدعم من مجتبى خامنئي لتولي رئاسة «قوات تعبئة المستضعفين» التي يشرف عليها حرس الثورة. دون أن يتخلى عن طموحه بتولي وزارة الاستخبارات، خاصة بعد نجاحه في قمع حركة الاحتجاجات في أحداث 2009.

ترضية المرشد

بعد خسارته للموقع الوزاري حصل على ترضية من المرشد الأعلى بتعيينه في موقع رئيس دائرة الاستخبارات في حرس الثورة، وهو منصب لا يمكن أن يصل إليه أي شخص من دون موافقة وتزكية المرشد الأعلى.

استطاع طائب تأسيس وزارة استخبارات موازية كبديل عن وزارة الاستخبارات الرسمية التابعة للحكومة، ومن موقعه مد نفوذه إلى وزارة الاستخبارات، وحولها إلى جهاز يخدم الأهداف والسياسيات التي يريدها أو ينفذها، وحول، بالتعاون مع السلطة القضائية برئاسة صادق لاريجاني ولاحقا إبراهيم رئيسي، سجون العاصمة إلى معتقلات احتوت بين جدرانها المفكرين ومنتقدي النظام والمعارضين والناشطين في مجالات حقوق الإنسان والمجتمع، وتضييق الفضاء السياسي.

نفذ سياسة محاصرة الرئيس حسن روحاني في قضية الناشطين في مجال البيئة واعتقال عدد منهم ومن بينهم مزدوجي الجنسية، ثم فبرك ملفات فساد ضد حسين فريدون شقيق روحاني وزج به في السجن، بعد أن استخدم ضده تسجيلات التنصت على مكتب رئاسة الجمهورية.. وفقا لـ»إندبندنت عربية».

أبرز ضحايا الحرس الثوري خلال عامين:

  • قاسم سليماني رئيس فيلق القدس

  • محسن فخري زاده أبو القنبلة النووية الإيرانية

  • حسن صياد خدائي عضو فيلق القدس

  • 10 علماء نوويين وأكثر

  • استهداف المنشآت النووية في نطنز وكرج وطهران