عبدالرحمن الزهراني

الشراكات البحثية لتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية 2030

السبت - 28 مايو 2022

Sat - 28 May 2022

يحظى مجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص باهتمام الحكومات والجامعات والمؤسسات ومراكز البحوث في جميع أرجاء العالم، بعد أن اتضح بأن التنمية المستدامة للمجتمعات تتطلب حشد وجمع إمكانات المجتمع كافة، لتشارك في تنفيذ المشاريع البحثية، بعد أن واجهت التنظيمات المؤسسية المنفصلة والمستقلة قطاعيا تحديات وصعوبات في تحقيق الأهداف التنموية بالمستويات الطموحة المستهدفة، وهو ما تسعى إليه معظم الدول المتقدمة والنامية على حد سواء إلى تبني التنظيمات التشاركية التي تسهم فيها كافة قطاعات المجتمع في توجيه وإدارة وتشغيل المشاريع والأعمال البحثية وتطويرها لتحقيق التنمية المستدامة على أساس تشارك تعاوني وحكومة وهو ما تدعو إليه رؤية الوطن 2030 التي تطرقت لكافة الجوانب لتكون رؤية شاملة يتشارك الجميع في تحقيقها كل في مجاله ووفق تخصصه في ظل وجود شفافية.

للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في مجال البحث العلمي دور كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال رفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع، الأمر الذي يسهم في تطوير المجتمع وأفراده اقتصاديا وعلميا ومعرفيا وبالتالي تتحقق جودة الحياة، هذا بخلاف دور البحث العلمي في حل المشكلات على كافة المستويات الاقتصادية، والسياسية، والصحية كافة وغيرها، حيث يعتبر وسيلة أكيدة لدراسة الحالات وتشخيصها تشخيصا علميا يضمن نجاح الخطط المستقبلية بجودة وكفاءة عالية، وبالتالي يساهم الجميع في التحول إلى عالم اقتصاديات المعرفة والخروج من مفهوم البحوث والدراسات النظرية إلى حيز التطبيق الواقعي الملموس.

ومن فوائد الشراكات البحثية بين المراكز البحثية في الجامعات والهيئات والمنظمات الحكومية مع القطاع الخاص التخفيف على القطاع العام في مجال التمويل، حيث تحقق هذه الشراكة له فرصة مشاركة القطاع الخاص في تمويل المشروعات والخدمات، وكذلك تحقيق نتائج أفضل مما يمكن للقطاع المنفرد أن يحققها، وذلك من خلال تأثير الشركاء على الأهداف والقيم تجاه بعضهم البعض، وذلك بالسعي والتوصل إلى معايير أفضل، إضافة إلى إمكانية توسيع الموارد المالية، نتيجة تعاون وتكامل الأطراف فيما بينها، إضافة إلى تحقيق حوكمة للعمل المشترك من خلال تعزيز مبادئ وقيم الإفصاح والشفافية والمساءلة في إدارة الموارد، هذا بخلاف العناية والاهتمام بالبعد الاقتصادي بشكل أكبر والاهتمام به بما يحقق المصالح الاقتصادية والاجتماعية معا.

رؤية 2030 تعتبر مبدأ الشركات بين القطاع العام والقطاع الخاص أحد مرتكزاتها الأساسية إيمانا من مؤسس الرؤية الطموحة، سمو لي العهد حفظة الله بهذا الدور المحوري الذي يهدف بشكل عام إلى تطوير القطاعات الحكومية والأهلية وتبادل المنافع في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة التي تعود بالنفع والفائدة على الوطن وابنائه، ولكن الملاحظ أن معظم الجامعات السعودية والبالغ عددها (55) جامعة وكلية حكومية وأهلية أغفلت هذا الجانب في ظل وجود مراكز بحثية في الجامعات ومراكز بحثية ومراكز دراسات استراتيجية أخرى في القطاع الخاص، ولكن لا أحد يعرف عدد هذه المراكز التابعة للجامعات والتابعة للقطاع الخاص إلا الله!! ونعم بالله.. غياب الاحصائيات والأرقام يذكرنا بالجمعيات العلمية السعودية البالغ عددها (187) جمعية علمية والتي ناقشتها في ثمان مقالات سابقة حيث لا يعمل منها وفق أسس علمية وتقدم خدمات علمية وبحثية إلا نسبة بسيطة لا تزيد عن ربع عددها الكلي.

حقيقة أن واقع مراكز البحوث والدراسات في الجامعات السعودية بحاجة إلى مزيد من العناية والاهتمام من قبل مجلس شؤون الجامعات بوزارة التعليم، حيث لا يوجد دليل أو إحصائيات عن هذه المراكز ومهامها وأدوارها والمنجزات التي حققتها منذ إنشائها، ولا يوجد لها تصنيف، او برامج تشجع على التنافسية فيما بينها، هذا بخلاف أن نسبة الشراكات وعقود التشغيل مع القطاع الخاص منخفضة، أو شبه معدومة، الأمر الذي يتطلب مزيدا من التركيز والرعاية من أجل أن تحقق هذه المراكز مهامها وتواكب تطلعات القيادة الرشيدة، فنحن في عصر تتسارع فيه الأيام، وتتنافس فيه الأمم من خلال منجزاتها وتقدمها العلمي، في ظل إنفاق الدولة على الجامعات الحكومية ومراكزها البحثية ومشاريعها والقائمين عليها بسخاء من خلال ميزانيات مليارية بشكل سنوي، فمن البديهي أن يكون حجم الإنجاز يتوافق مع حجم الإنفاق.