سالم العنزي

هل فشلت البيتكوين في أن تكون ملاذ الاستثمار الآمن؟

الأحد - 22 مايو 2022

Sun - 22 May 2022

كان الهدف والفكرة الأساسية من إطلاق العملات الرقمية عموما والبيتكوين خصوصا هو خلق أصول جديدة تنافس الأصول التقليدية مثل الذهب في الاستقرار والقوة بعيدا عن التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية، ولكن يبدو أن هذه الفكرة أصبحت موضع شك خلال السنتين الأخيرتين مع أزمات مثل جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية؛ لذلك فقد بدأ العديد من المحللين والمستثمرين في إعادة دراسة وضع العملات الرقمية كذهب رقمي يمكن الاعتماد عليه في حال وجود تقلبات في الأسواق العالمية.

وبعيدا عن العملات الرقمية الأخرى التي تعاني من تقلبات كبيرة، حيث إن بعض العملات الرقمية فقدت 99.99% من قيمتها مثل عملة LUNA وعملات أخرى اختفت وتبخرت من الأسواق الرقمية.

ولا تزال البيتكوين تملك الفرصة لتكون منافسا حقيقيا كأصل مستقر يمكن الاعتماد عليه، إلا أن قدرة البيتكوين على توفير الحماية الكاملة خلال فترات اضطراب السوق لا تزال موضع تساؤل عند العديد من المستثمرين، حيث تحرك سعرها جنبا إلى جنب مع الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم والسندات، بينما لم تكن مستقرة استقرارا كاملا مثل الذهب وبعض المعادن الأخرى.

خلال الأسابيع الأخيرة مرت الأسهم بأوقات صعبة، حيث شهدت المؤشرات الرئيسة انخفاضات كبيرة مع انخفض مؤشر «داو جونز»، وهو مؤشر مرجعي يحتوي على أسهم 30 شركة كبيرة، وقد أثرت هذه الانخفاضات بشكل مباشر على أسواق العملات الرقمية، فقد عانت العملة الرقمية الأبرز في العالم من بعض الخسائر الملحوظة، حيث انخفض سعر البيتكوين مقابل الدولار من 47 دولارا للبيتكوين في نهاية مارس الماضي حتى وصلت إلى 28 دولارا خلال الأسبوع الماضي.

وعند مراقبة أوضاع الأسواق المالية العالمية وأسعار الذهب ومقارنتها بالعملات الرقمية خلال السنتين الماضيتين وخصوصا خلال أوقات الأزمات مثل جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية نلاحظ بشكل واضح وجود علاقة جوهرية بين الأسواق المالية وأسواق العملات الرقمية مع اختلاف بسيط مع أسعار الذهب.

يقول أستاذ المالية والاقتصاد في كلية وارتون للأعمال بجامعة بنسلفانيا إيتاي جولدشتاين: «يعتقد الناس بأن العملات الرقمية لن تتحرك أو تتأثر عند تقلبات السوق المالية التقليدية ولكن ما يحدث عكس ذلك».

ولا بد من الإشارة إلى أن متتبع الأسواق المالية والعملات الرقمية يجد ترابطا واضحا؛ حيث بلغت جميعها القمة خلال 2018 ومن ثم بدأت تعاني من عمليات البيع والانخفاض خلال أزمة كورونا عام 2019، وبعد التعافي من الجائحة عادت جميعها (الأسواق المالية والعملات الرقمية) إلى الصعود مرة أخرى حتى وصلت قمة جديدة قبيل الأزمة الأوكرانية؛ حيث انخفضت الأسعار من جديد، ولكن في الجانب الآخر نلاحظ أن سعر الذهب قد ارتفع بأكثر من 5% خلال الأزمة في أوكرانيا بينما كانت جميع الأصول الأخرى تعاني من انخفاضات وأوقات صعبة.

وهذا لا يعني أن الأصول التقليدية مثل الذهب والفضة تعتبر ملاذات آمنة دائما وفي جميع الأوقات، حيث إنها عانت هي الأخرى من فترات ركود وانخفاض، حيث يقوم بعض المستثمرين بتبديل وتغيير مراكزهم المالية خلال الأزمات وعند الاضطرابات في الأسواق العالمية.

أخيرا، قد يكون هناك شك وتساؤل حول مدى اعتبار الاستثمار في العملات الرقمية والبيتكوين كملاذ استثمار آمن اليوم ولكن بكل تأكيد هي مرشحة لأن تكون كذلك خلال السنوات القادمة؛ حيث إنها تحتاج إلى الكثير من التنظيم والاستقرار مع الزمن.

لكن خلال الوقت الحالي من الواضح أن البيتكوين ليست «الذهب الجديد»، حيث إنها فقدت ما يقرب من نصف قيمتها في يوم تداول واحد خلال أزمة كورونا.

smalanzi@