أحمد بن قروش

الرابط المفقود بين مجلس الشورى والشعب

الاثنين - 16 مايو 2022

Mon - 16 May 2022

لقد أوصى الله عز وجل رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالشورى حين قال مخاطبا إياه «وشاورهم في الأمر» وقوله في المؤمنين «وأمرهم شورى بينهم»، مما يدلل على أهمية الشورى في النظام الإسلامي ومدى فائدتها الدينية والدنيوية، وهذا المنهج اتبعته الكثير من الدول غير المسلمة وتبنته بل أنه أصبح ثابتا من ثوابتها، الأمر الذي عجز عن فعله عدد من الدول الإسلامية رغم التوجيه الرباني السابق ذكره، وهذا يجعلنا نتساءل لماذا يا ترى تفتقر الكثير من الدول الإسلامية لاتباع هكذا منهج حقيقي لا صوري؟ هل هو الخوف منه ومن دوره؟ أم اقتناعهم بعدم جدواه في ظل ما يعيشونه من متغيرات مستجدة؟ الحقيقة إن الإجابة على هذه الأسئلة لن تكون سوى اجتهادات تحتمل الخطأ والصواب.

وما يشرح الخاطر سعوديا في هذا الإطار أن ولاة الأمر لدينا تنبهوا لضرورة تفعيل هذا النهج الشوري، ولكن يُعاب عليه أن معلومات كثيرة عنه غائبة تماما عن عامة الشعب ورواده، وهذا الغياب الذي فطنت له القيادة لا تزال تنقصه إماطة اللثام فعليا عنه، حيث إن دور مجلس الشورى يكاد يكون غائبا عن الساحة الفكرية والثقافية؛ فمعظم مداولاته مجهولة وكذلك قضاياه إلا النزر اليسير منها الذي يتم تسريبه لوسائل الإعلام، مما يجعل الثقة في دوره الحيوي والتنموي عليه الكثير من علامات الاستفهام، ليس لأنه غير مفعل وإنما لأن معظم شؤونه مغيبة تماما، الأمر الذي أسهم في خلق أرضية خصبة

لتداول الشائعات حوله وحول كفاءة أعضائه.

وأزعم أن هذا الانطباع السلبي عنه يعود لغياب قناة تواصل حقيقية تربط المجلس وقراراته وتوصياته بمن هم خارج المجلس، حتى نتجنب الإشاعات عنه من جهة وحتى نعزز الثقة فيه من جهة أخرى، ولعل أبرز تهمة توجه لمجلس الشورى والتي قد يكذبها وجود قناة التواصل المشار لها أعلاه، أنه مجلس صوري لا يملك لا الأدوات ولا السلطات لتفعيل ما يجمع ويتفق عليه أعضاؤه، وهذه القناعة السلبية بالغة الخطورة وذات مردود غير مثمر إطلاقا على جميع المستويات العليا منها والدنيا.

ولقد تابعت لقاء تلفزيونيا مع أحد أعضاء مجلس الشورى الذي ظل في حالة دفاع مستميتة عن المجلس وعن توضيح دوره وأهمية وجوده، إلا أن الحجج والبراهين على ذلك كانت غائبة، وعندما حاول المذيع استنطاق العضو للحديث عن طبيعة دور المجلس في صنع القرار وفي جعل القيادة تستأنس برأيه، لم يملك ذلك العضو إلا قول أمور (ليته لم يقلها) غاب عنها الإقناع، مما جعل ذلك العضو بعد الضغط عليه أكثر من قبل المذيع يقف حائرا ولا يعلم ماذا يقول، وذلك الضعف في التبرير والتوجيه الذي أظهره ذلك العضو ليس إلا نتيجة متوقعة لعدم وجود وسيلة تواصل فعالة تجعل المجلس يمارس كل

إجراءاته بكل شفافية ووضوح، شفافية ترفع عنه الحرج كمجلس وتجعل المتلقي بالتالي يؤمن بأهمية وجود هذا المجلس وأهمية دوره، ويجعله قادرا أيضا على تفنيد كل التهم التي تنال منه ومن كفاءة أعضائه.

إن أهمية الوضوح والشفافية في أي منشط من مناشط الحياة يعزز الإيمان بإيجابية دور هذا المنشط وخلقه لأدوات نقدية مثمرة تعالج أي قصور قد يطرأ عليه، وغياب تلك الآلية لن ينتج عنه إلا المزيد من الغموض حول دور ذلك المنشط وفعاليته، الأمر الذي تكون نتيجته الطبيعية زيادة الإساءة إليه وعدم الثقة في مخرجاته، وهذا خلل كبير يجب أن يتم علاجه والعمل على تحييده بل والقضاء عليه.

@bingroosh507