التعليم سياج الأمن الوطني
السبت - 23 أبريل 2022
Sat - 23 Apr 2022
في يوم من الأيام صرخت الولايات المتحدة الأمريكية صرختها التعليمية الشهيرة (أمة في خطر) في تقرير عام 1983م عن ضعف مستوى التعليم والحاجة الماسة إلى تحسين نوعية التعليم والتعلم، وبين التقرير الخطر من هذا الضعف التعليمي على مستوى الوجود والهوية الأمريكية.
ونحن كذلك في المملكة أمة في خطر، نحن في المرتبة الرابعة والخمسين عالميا والسادسة عربيا وفق مؤشر دافوس لجودة التعليم 2021، وترتيبنا السابع عشر بين مجموعة العشرين التي تضم أكبر اقتصادات العالم وأكثرها إنتاجا وقوة شرائية لمواطنيها، ومعظم جامعاتنا لم تدخل التصنيفات العالمية للجامعات والقلة القليلة منها التي دخلت وتقبع في مراكز متأخرة جدا باستثناء ثلاث جامعات، ونأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية في حجم الإنفاق على التعليم بموازنات مليارية سنوية، وكلنا كسعوديين مؤمنون بضعف مستوى التعليم في بلادنا وعدم قدرته على الوفاء بمتطلباتنا التنموية في الوقت الحاضر والمستقبل، ومع كل ذلك لا يتورع البعض عن النقد اللاموضوعي لمنظومة التعليم دون وعي بمخاطر استمرار منظومتنا التعليمية دون تطوير يذكر.
أتفهم أن أي منظومة وطنية تخضع للتقييم والنقد الهادف من المستفيدين من خدماتها دون شك، وهو حق مشروع لكل مواطن في إطار المبادئ والقيم العقلانية المقبولة في المجتمع، ولكن ما لا أتفهمه أن تكون أهم مؤسسة في الدولة وهي وزارة التعليم مستهدفة بتشويه وتعطيل مشروعاتها التطويرية رغم العمل الكبير الذي تقوم به الوزارة في إصلاح منظومة التعليم وتشوهاتها المزمنة بدءا من هياكلها التنظيمية المترهلة ونمط إدارتها التقليدي والهدر في مواردها البشرية والمالية إلى مستوى مخرجاتها المتواضع جدا.
هذا الواقع لا يليق ببلدنا ولا يعكس الرغبة الصادقة في التحول النوعي والتطور الذي ننشده بإعادة اكتشاف مصادر قوتنا الوطنية الرهيبة لنصل إلى المستوى والمكانة التي تليق بالمملكة وبمقوماتها البشرية والاقتصادية والجغرافية، وأهم مشروع وطني لتحقيق هذا التحول النوعي هو تطوير النظام التعليمي بكل مكوناته وإعادة هيكلته وبناءه أو إن صح التعبير ودون مبالغة إعادة هندسته من الصفر إذا ما أردنا أن نكون من الدول القيادية والنموذجية على مستوى العالم.
اليوم نشاهد صورا عديدة من الإسقاطات المؤسفة على منظومة التعليم والمنتسبين إليها، ما يعني وجود خلل تربوي كبير تقع مسؤوليته ليس فقط على مؤسسات التعليم الرسمية، بل يشترك فيها كل مؤسسات المجتمع وأفراده، وإلا كيف يجرؤ طفل مثلا على التهكم بالمسؤول الأول عن التعليم في صورة لا تليق بمنظومة القيم التي يتبناها المجتمع وليس فقط المؤسسات التربوية الرسمية، ويجد هذا الطفل من يحييه على تجاوزه بدلا من أن يأخذ بيده ويوجهه نحو قيمة الاحترام كقيمة تربوية عظيمة حتى مع من نختلف معهم.
وفي صورة أخرى لا تقل سوءا عن سابقتها استمرار النقد اللامسؤول للمعلم والتقليل من دوره وأهميته وكفاءته التي أدركناها على وجه الخصوص أثناء إغلاق المدارس في جائحة كورونا، وما يقدمه من تضحيات تستحق منا الاحتفاء بجهوده وعطائه المستمر ودعمه ومساندته في أداء رسالته التربوية العظيمة.
وفي صورة ثالثة النقد السطحي لمحتوى ومضمون المشروعات التطويرية المتعلقة بالمناهج وأساليب التعلم والبيئة المدرسية والجامعية، وكأن تلك المشروعات ناتجه عن قرارات شخصية لمسؤولي التعليم دون إدراك بأنها تتم في ضوء خطط ودراسات معمقة من قبل فرق عمل وبيوت خبرة محلية ودولية على مستوى عال من الخبرة التطويرية.
المملكة اليوم ليست كمملكة الأمس، ويجب أن نعي الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لتطوير منظومة التعليم، ونقدر لها استعادة منظومة التعليم بعد أن اختطف لصالح توجه معين لسنوات طويلة كان نتاجها نمط تعليم متخلف عن الأمم المتقدمة بمناهجه وأدواته ومخرجات تقليدية بائسة وفكر منغلق وارتفاع لمعدلات البطالة وتوسع غير مخطط له في مؤسسات التعليم العام والجامعي، وغيرها كثير.
آن لنا كمواطنين أن نعمل على فهم هذه التطورات والتحولات النوعية في التعليم ونسهم في نجاحها، وأن نؤمن بأن التعليم سياجنا للأمن الوطني وليس فقط لتقديم الخدمات التي نحتاجها، ونجاح منظومة التعليم يعني نجاح المشروعات الوطنية التنموية والوصول إلى جودة الحياة التي ننشدها لأبنائنا وتنشدها الدولة لكل مواطن. ووزارة التعليم في هذه المرحلة بالذات بحاجة إلى دعم المجتمع لمشروعاتها الإصلاحية النوعية على مستوى التعليم العام والجامعي، وإعلاء المصالح الوطنية على المصالح المناطقية والشخصية للنهوض بتعليمنا لنجعل منه السياج الأمني الحقيقي لمقدراتنا الوطنية ولمستقبل أجيالنا.
@drAlshreefTalal
ونحن كذلك في المملكة أمة في خطر، نحن في المرتبة الرابعة والخمسين عالميا والسادسة عربيا وفق مؤشر دافوس لجودة التعليم 2021، وترتيبنا السابع عشر بين مجموعة العشرين التي تضم أكبر اقتصادات العالم وأكثرها إنتاجا وقوة شرائية لمواطنيها، ومعظم جامعاتنا لم تدخل التصنيفات العالمية للجامعات والقلة القليلة منها التي دخلت وتقبع في مراكز متأخرة جدا باستثناء ثلاث جامعات، ونأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية في حجم الإنفاق على التعليم بموازنات مليارية سنوية، وكلنا كسعوديين مؤمنون بضعف مستوى التعليم في بلادنا وعدم قدرته على الوفاء بمتطلباتنا التنموية في الوقت الحاضر والمستقبل، ومع كل ذلك لا يتورع البعض عن النقد اللاموضوعي لمنظومة التعليم دون وعي بمخاطر استمرار منظومتنا التعليمية دون تطوير يذكر.
أتفهم أن أي منظومة وطنية تخضع للتقييم والنقد الهادف من المستفيدين من خدماتها دون شك، وهو حق مشروع لكل مواطن في إطار المبادئ والقيم العقلانية المقبولة في المجتمع، ولكن ما لا أتفهمه أن تكون أهم مؤسسة في الدولة وهي وزارة التعليم مستهدفة بتشويه وتعطيل مشروعاتها التطويرية رغم العمل الكبير الذي تقوم به الوزارة في إصلاح منظومة التعليم وتشوهاتها المزمنة بدءا من هياكلها التنظيمية المترهلة ونمط إدارتها التقليدي والهدر في مواردها البشرية والمالية إلى مستوى مخرجاتها المتواضع جدا.
هذا الواقع لا يليق ببلدنا ولا يعكس الرغبة الصادقة في التحول النوعي والتطور الذي ننشده بإعادة اكتشاف مصادر قوتنا الوطنية الرهيبة لنصل إلى المستوى والمكانة التي تليق بالمملكة وبمقوماتها البشرية والاقتصادية والجغرافية، وأهم مشروع وطني لتحقيق هذا التحول النوعي هو تطوير النظام التعليمي بكل مكوناته وإعادة هيكلته وبناءه أو إن صح التعبير ودون مبالغة إعادة هندسته من الصفر إذا ما أردنا أن نكون من الدول القيادية والنموذجية على مستوى العالم.
اليوم نشاهد صورا عديدة من الإسقاطات المؤسفة على منظومة التعليم والمنتسبين إليها، ما يعني وجود خلل تربوي كبير تقع مسؤوليته ليس فقط على مؤسسات التعليم الرسمية، بل يشترك فيها كل مؤسسات المجتمع وأفراده، وإلا كيف يجرؤ طفل مثلا على التهكم بالمسؤول الأول عن التعليم في صورة لا تليق بمنظومة القيم التي يتبناها المجتمع وليس فقط المؤسسات التربوية الرسمية، ويجد هذا الطفل من يحييه على تجاوزه بدلا من أن يأخذ بيده ويوجهه نحو قيمة الاحترام كقيمة تربوية عظيمة حتى مع من نختلف معهم.
وفي صورة أخرى لا تقل سوءا عن سابقتها استمرار النقد اللامسؤول للمعلم والتقليل من دوره وأهميته وكفاءته التي أدركناها على وجه الخصوص أثناء إغلاق المدارس في جائحة كورونا، وما يقدمه من تضحيات تستحق منا الاحتفاء بجهوده وعطائه المستمر ودعمه ومساندته في أداء رسالته التربوية العظيمة.
وفي صورة ثالثة النقد السطحي لمحتوى ومضمون المشروعات التطويرية المتعلقة بالمناهج وأساليب التعلم والبيئة المدرسية والجامعية، وكأن تلك المشروعات ناتجه عن قرارات شخصية لمسؤولي التعليم دون إدراك بأنها تتم في ضوء خطط ودراسات معمقة من قبل فرق عمل وبيوت خبرة محلية ودولية على مستوى عال من الخبرة التطويرية.
المملكة اليوم ليست كمملكة الأمس، ويجب أن نعي الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لتطوير منظومة التعليم، ونقدر لها استعادة منظومة التعليم بعد أن اختطف لصالح توجه معين لسنوات طويلة كان نتاجها نمط تعليم متخلف عن الأمم المتقدمة بمناهجه وأدواته ومخرجات تقليدية بائسة وفكر منغلق وارتفاع لمعدلات البطالة وتوسع غير مخطط له في مؤسسات التعليم العام والجامعي، وغيرها كثير.
آن لنا كمواطنين أن نعمل على فهم هذه التطورات والتحولات النوعية في التعليم ونسهم في نجاحها، وأن نؤمن بأن التعليم سياجنا للأمن الوطني وليس فقط لتقديم الخدمات التي نحتاجها، ونجاح منظومة التعليم يعني نجاح المشروعات الوطنية التنموية والوصول إلى جودة الحياة التي ننشدها لأبنائنا وتنشدها الدولة لكل مواطن. ووزارة التعليم في هذه المرحلة بالذات بحاجة إلى دعم المجتمع لمشروعاتها الإصلاحية النوعية على مستوى التعليم العام والجامعي، وإعلاء المصالح الوطنية على المصالح المناطقية والشخصية للنهوض بتعليمنا لنجعل منه السياج الأمني الحقيقي لمقدراتنا الوطنية ولمستقبل أجيالنا.
@drAlshreefTalal