أحمد بن قروش

تحديات الأسرة في ظل متغيرات العصر

الخميس - 24 مارس 2022

Thu - 24 Mar 2022

تعتبر الأسرة هي النواة الصغرى التي تُبنى على وجودها المجتمعات مما يجعل لها أهمية قصوى تتطلب الحفاظ عليها ورعايتها وخلق الاحترام المتبادل بين أطرافها وحل مشاكلها وزرع الثقة في أنفس الكبير منها والصغير، وجميع هذه المهام يقع واجب تنفيذها على عاتق أولياء الأمر وهما الأب والأم، إلا أن الواقع الحالي في ظل المستجدات الراهنة يجعل عملية التحكم من قبلهم في مسار أفراد الأسرة والسيطرة على وحدة صفها أمر بالغ الصعوبة، وما يزيد الأمر صعوبة عليهم انتشار وسائل التقنية التي يجدون أن عملية مراقبتها ومتابعتها عملية معقدة ومركبة ما يجعل دورهم في حماية الأسرة من التفكك والتشرذم وتبني أفكار وسلوكيات منحرفة دورا سلبيا لا يمكنه تجنيب ذويهم الوقوع في براثن تلك السلوكيات.

ولا يملك الأب والأم في هذا الإطار سوى محاولة تغذية الوازع الديني والمجتمعي عند أبنائهم وبناتهم والسعي لمنحهم الثقة وتعزيزها من خلال السماح لهم بحرية اتخاذ القرارات في ظل ثوابت هذه الأسرة ومرتكزاتها علّها تحد من تعرضهم لمثل هكذا سلبيات بالإضافة إلى مساعدة أبنائهم وبناتهم على سبر أغوار هذه التحديات المستجدة والعمل سويا على حل معضلاتها وحلحلتها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

وإن من أبرز التحديات التي تواجهها الأسر هذه الأيام انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا التي سمحت لشباب وشابات الأسر أن يستخدموها إما استخدام سلبي أو استخدام إيجابي وذلك لأن استخدامها يمنحهم خصوصية تامة وسرية شبه مطلقة ممّا أدى إلى جنوح الكثير من شباب وشابات المجتمع إلى استغلال هذه الخصوصية التي تمنحها لهم وسائل التواصل استغلالا سيئا يصعب اكتشافه من قبل الوالدين والذين عادة لا يعلمان بذلك الاستخدام السيئ في أغلب الأحيان إلا بعد فوات الأوان، الأمر الذي يتسبب في حدوث عواقب غاية في السلبية تصل في بعض الأحيان إلى درجة تفكك الأسرة وتشرذمها وتشويه سمعة أفرادها وعلى رأسهم أولياء أمرها الذين يبادر القريبين منهم إلى اتهامهم بالتقصير والإهمال وبأن كامل المسؤولية عما فعله ذويهم تقع على عاتقهم هم بالدرجة الأولى غافلين هؤلاء المنتقدين بأن بعض جوانب هذه السلبيات قد يكون ذويهم هم أنفسهم ممن يرتكبونها دون علمهم.

وهنا أتوقف لأطرح تساؤل يتعلق بهوية من يمكن له أن يمارس دورا فعالا في علاج الكثير من هذه السلبيات بجرة قلم؛ فلا أجد سوى القيادة وصناع القرار الذين هم أولياء أمر الجميع وهم المسؤولون عن سلامة الجميع ما يجعل تدخلهم تدخلا حتميا ومطلوبا وهذا التدخل من الممكن له أن يأخذ عدة أوجه أولها وأهمها إرساء قرارات حازمة تحمل في طيّاتها عقوبات صارمة علّها تحد من انتشار ما أشرت له من سلبيات، وكذلك يجب على المسؤولين تكثيف الدور التوعوي في جميع المناشط الرسمية والشخصية ولا يكتفى بالمحاولات الخجولة السارية حاليا والتي تجعل الكثير من شباب وشابات هذا الوطن يرون أن من السهل عليهم تحمل تبعاتها فلا يشعرون بالتردد أو الخوف من التعرض لها.

ختاما إن التحديات الحالية التي استجدت علينا لا يمكننا مواجهتها فرادى وإنما تتطلب تكاتف الجميع بدءا من القيادة وصولا إلى نواة المجتمع الأولى وهي الأسرة، والتوقف عن لوم بعضنا بعض على وجود هذه السلبيات واتهام بعضنا بعض بالتسبب فيها لأن من شأن هذا الحال أن «يزيد الطين بلّه» وبالتالي يجعل معالجتها تصبح شبه مستحيلة؛ فالكل مسؤول والكل محاسب ولن يختص الله بالمحاسبة طرف دون طرف. حفظ الله بلدنا وحمى الله شبابنا وشاباتنا من شر أنفسهم ونزواتها.

@BinGroosh507