أحمد بن قروش

الدم السوري والدم الأوكراني في عيون الغرب

الخميس - 10 مارس 2022

Thu - 10 Mar 2022

يستعر هذه الأيام لظى حرب قائمة على أشدها شنتها دولة روسيا على جارتها أوكرانيا.

اللافت في هذا الشأن هو ما نلاحظه من وجود اهتمام غربي شديد بالحالة الأوكرانية ومسارعة كافة دوله لتقديم مختلف أشكال أنواع الدعم المعنوي والمادي للأوكرانيين والذي يتدرج من الدعم الإعلامي المكثف وصولا إلى الدعم المباشر بالسلاح الكمي والنوعي.

المفارقة في هذا الدعم المنقطع النظير الذي أفرزه التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا هو الغياب التام له وتجاهل تقديمه من قبل المجتمع الغربي بكافة هيئاته ومؤسساته ودوله نحو تدخل عسكري روسي آخر ومستمر حتى حينه في دولة أخرى لا تختلف عن أوكرانيا إلا في أن شعبها ينتمي لعرق وقومية وديانة مختلفة رغم أن هذا التدخل الروسي إلى جانب تدخل غيره من القوى تسبب في مأساة يعاني منها ذلك البلد (سوريا) حتى الآن طالت هذه الكارثة أغلب مناطقه ومعظم شرائحه المجتمعية مما تسبب ولازال يتسبب في النزيف المستمر للدم السوري وتهجير الكثير ممن بقوا على قيد الحياة من أفراده على النقيض ممّا نراه يحدث مع أوكرانيا ومواطنيها المدافعين منهم والمهاجرين فهل الدم السوري يا ترى أرخص من الدم الأوكراني في عيون الغرب؟

إن ما يؤكده الواقع أن الدم السوري بالفعل أرخص بكثير من الدم الأوكراني في العيون الغربية وعلى رأسها العيون الأمريكية ممّا يؤكد وجود نزعة عنصرية متجذرة في العقل والمنطق الغربي نراها تمثلت في الكثير من الأحداث المصاحبة للحدث الأوكراني كالتداول الإعلامي مثلا الذي يفوح بعضه بنزعات عنصرية بحتة تشير إلى أن المهاجرين الأوكران ليسوا كنظرائهم السوريين فهم بيض البشرة مسيحييّ المعتقد مشتركين في ذلك مع الأوروبيين والأمريكان ممّا يستوجب تعاملا وتعاطيا مختلفا عن نظيره المتعلق بالشأن السوري؛ فانكشفت بمثل هذه المواقف والتصريحات حقيقة النزعة العنصرية الغربية تجاه كل ما هو عربي وإسلامي ووجود هذه الحقيقة يجيب على الكثير من التساؤلات العربية حول السبب وراء الاختلاف الكبير في تعامل الدول الغربية مع الوضع في سوريا مقارنة بنظيره المتعلق بالوضع الأوكراني.

لذا فإن كل ما سبق ذكره من حقائق ومواقف غربية واضحة تظهر فيها ازدواجية المعايير بكل وضوح تستوجب منّا كعرب ومسلمين أخذ العبرة منها فهي تُظهر وبجلاء تام أن جميع الشعارات الغربية التي تلعب على وتر الأخلاق والأعراف الإنسانية مجرد شعارات تكذّبها حقائق الواقع وأحداثه وتتطلب حقيقة هذه المواقف والتصريحات عدم الركون والاعتماد عليها بل على النقيض من ذلك فإنها تتطلب الحذر من التعامل مع أصحابها والحذر من دوافع ترويجهم لها والتي نرى أنه لا يتم تطبيقها من قِبَلِهم إلا حين يكون في تطبيقها خدمة لمصالحهم فقط.

BinGroosh507@