معركة اقتناص موقف لسيارتك؟!
السبت - 25 ديسمبر 2021
Sat - 25 Dec 2021
كنت في زيارة الأسبوع الماضي لمقر إحدى المؤسسات الواقعة في وسط مدينة الرياض.
قبل الذهاب إلى الموقع حملت هم الحصول على موقف لسيارتي أكثر من هم المراجعة نفسها؛ ونصحني أحد الزملاء بالذهاب باستخدام سيارة الأجرة تجنبا لصداع المواقف، حاولت أن أستخدم عقلي وليتني لم أفعل! قمت بحساب التكلفة والعوائد قائلا: سوف يكلفني مشوار الذهاب والعودة قرابة 100 ريال والأفضل توفير هذا المبلغ والذهاب بسيارتي الخاصة.
وصلت إلى الموقع وتحقق ما كنت أخشاه، إذ وجدت مجموعة من المباني متعددة الأدوار تطل على شارع رئيس ومحاطة بشوارع بعرض 20م من ثلاث جهات تقع على مقربة منها مساحات ترابية صغيرة ومواقف بالكاد تكفي لعدد قليل من السيارات جلها مخصصة للشركات أو الموظفين ويمنع دخول المراجعين فيها، المنطقة بأكملها متكدسة بمقار للشركات ومدارس ومراكز أعمال، والحصول على موقف لسيارتك هناك ينسيك هم المراجعة نفسها؛ بل ينسيك هموم يومك.
تساءلت في نفسي قائلا: أين التشريعات العمرانية التي تُلزم هذه الأنشطة الكثيفة بتخصيص مواقف كافية للسيارات؟ أم أنها مجرد
أكواد وقوانين للعرض على أرفف المكتبات!
هالني منظر السيارات المركونة على جانبي الطريق وفوق الأرصفة وفي الثغور وتحت أغصان الأشجار، وأنا بالكاد أستطيع المرور لعلي أجد موقفا لسيارتي، رأيت الجميع وهم يطوفون ضمن تلك الدائرة الصغيرة وحول المباني ذات الكثافات العالية بحثا عن موقف سيارة، جربت الطواف معهم لأكثر من أربع مرات انتظارا لخروج أحد المراجعين واقتناص موقف لسيارتي دون جدوى، حاولت أن أستخدم خبرتي في التخطيط العمراني فعملت مسحا سريعا للمنطقة ووجدت مساحة صغيرة بالقرب من المولد الكهربائي بالكاد تكفي لسيارة صغيرة، ولكني لا أملك المهارة الكافية للدخول إلى هذه الفتحة الضيقة، قمت بتحليل الوضع الراهن وحساب الأبعاد المتاحة ومقارنتها بحجم السيارة، ثم رسمت السيناريوهات المتوقعة مقرونة بجدول حساب التكلفة والعوائد المكتسبة؛ وتوصلت إلى استنتاج مفاده أن الدخول إلى هذه الفتحة الضيقة مغامرة غير محمودة العواقب، لذلك فضلت عدم المجازفة!
وبعد البحث المضني لمدة 15 دقيقة لاح لي خروج أحد المراجعين أخيرا بسيارته الصغيرة فانطلقت سريعا نحوه لاقتناص الموقف، كنت ألهث كلما اقتربت من المكان وشعرت بارتفاع مستوى الأدرينالين في جسمي وأنا أتخذ وضعية الاستعداد لنشوة الانتصار. وعندما وصلت وجدت ثلاث مركبات قد سبقتني إليه وهي تتقاتل باستخدام أسلحة السرعة والمهارة والجرأة والمناورة من أجل الحصول على هذا الموقف! رأيتهم يتقاتلون بكل بسالة وحماس من أجل الظفر بهذا الموقف، وخيّل لي أنه موقف مصنوع من الذهب الخالص عيار 24.
لا أبالغ إن قلت إنها معركة حقيقية تجمع ما بين سرعة البديهة والصبر والحكمة والثبات الانفعالي ومهارة القيادة؛ إذا اجتمعت بك فهنيئا لك النصر والفوز بموقف سيارة من ذهب! انسحبت من المعركة سريعا، إذ لا أمتلك أيا من هذه المهارات وقررت الاستسلام والخضوع لأذهب بسيارتي بعيدا عن منطقة المعركة عفوا أقصد المؤسسة.
أوقفت سيارتي بجانب بقالة صغيرة هناك على بعد حوالي 600م تقريبا ثم مشيت راجلا نحو تلك المؤسسة.
أبشركم كانت الأجواء لطيفة والسماء ملبدة بالغيوم، واستطعت المشي دون أن يتصبب العرق مني.
انتهيت من مراجعة المعاملة وحملت أوراقي عائدا وعاقدا العزم على عدم العودة مرة أخرى لهذا المكان؛ متسائلا متى يتم تطوير آليه تلزم ملاك المباني بتنفيذ دراسات التأثير المحيطي للمشاريع، بما فيها تخصيص مواقف كافية وفقا لمعايير الطلب المتوقعة وكجزء من عملية التصميم؟
waleed_zm@
قبل الذهاب إلى الموقع حملت هم الحصول على موقف لسيارتي أكثر من هم المراجعة نفسها؛ ونصحني أحد الزملاء بالذهاب باستخدام سيارة الأجرة تجنبا لصداع المواقف، حاولت أن أستخدم عقلي وليتني لم أفعل! قمت بحساب التكلفة والعوائد قائلا: سوف يكلفني مشوار الذهاب والعودة قرابة 100 ريال والأفضل توفير هذا المبلغ والذهاب بسيارتي الخاصة.
وصلت إلى الموقع وتحقق ما كنت أخشاه، إذ وجدت مجموعة من المباني متعددة الأدوار تطل على شارع رئيس ومحاطة بشوارع بعرض 20م من ثلاث جهات تقع على مقربة منها مساحات ترابية صغيرة ومواقف بالكاد تكفي لعدد قليل من السيارات جلها مخصصة للشركات أو الموظفين ويمنع دخول المراجعين فيها، المنطقة بأكملها متكدسة بمقار للشركات ومدارس ومراكز أعمال، والحصول على موقف لسيارتك هناك ينسيك هم المراجعة نفسها؛ بل ينسيك هموم يومك.
تساءلت في نفسي قائلا: أين التشريعات العمرانية التي تُلزم هذه الأنشطة الكثيفة بتخصيص مواقف كافية للسيارات؟ أم أنها مجرد
أكواد وقوانين للعرض على أرفف المكتبات!
هالني منظر السيارات المركونة على جانبي الطريق وفوق الأرصفة وفي الثغور وتحت أغصان الأشجار، وأنا بالكاد أستطيع المرور لعلي أجد موقفا لسيارتي، رأيت الجميع وهم يطوفون ضمن تلك الدائرة الصغيرة وحول المباني ذات الكثافات العالية بحثا عن موقف سيارة، جربت الطواف معهم لأكثر من أربع مرات انتظارا لخروج أحد المراجعين واقتناص موقف لسيارتي دون جدوى، حاولت أن أستخدم خبرتي في التخطيط العمراني فعملت مسحا سريعا للمنطقة ووجدت مساحة صغيرة بالقرب من المولد الكهربائي بالكاد تكفي لسيارة صغيرة، ولكني لا أملك المهارة الكافية للدخول إلى هذه الفتحة الضيقة، قمت بتحليل الوضع الراهن وحساب الأبعاد المتاحة ومقارنتها بحجم السيارة، ثم رسمت السيناريوهات المتوقعة مقرونة بجدول حساب التكلفة والعوائد المكتسبة؛ وتوصلت إلى استنتاج مفاده أن الدخول إلى هذه الفتحة الضيقة مغامرة غير محمودة العواقب، لذلك فضلت عدم المجازفة!
وبعد البحث المضني لمدة 15 دقيقة لاح لي خروج أحد المراجعين أخيرا بسيارته الصغيرة فانطلقت سريعا نحوه لاقتناص الموقف، كنت ألهث كلما اقتربت من المكان وشعرت بارتفاع مستوى الأدرينالين في جسمي وأنا أتخذ وضعية الاستعداد لنشوة الانتصار. وعندما وصلت وجدت ثلاث مركبات قد سبقتني إليه وهي تتقاتل باستخدام أسلحة السرعة والمهارة والجرأة والمناورة من أجل الحصول على هذا الموقف! رأيتهم يتقاتلون بكل بسالة وحماس من أجل الظفر بهذا الموقف، وخيّل لي أنه موقف مصنوع من الذهب الخالص عيار 24.
لا أبالغ إن قلت إنها معركة حقيقية تجمع ما بين سرعة البديهة والصبر والحكمة والثبات الانفعالي ومهارة القيادة؛ إذا اجتمعت بك فهنيئا لك النصر والفوز بموقف سيارة من ذهب! انسحبت من المعركة سريعا، إذ لا أمتلك أيا من هذه المهارات وقررت الاستسلام والخضوع لأذهب بسيارتي بعيدا عن منطقة المعركة عفوا أقصد المؤسسة.
أوقفت سيارتي بجانب بقالة صغيرة هناك على بعد حوالي 600م تقريبا ثم مشيت راجلا نحو تلك المؤسسة.
أبشركم كانت الأجواء لطيفة والسماء ملبدة بالغيوم، واستطعت المشي دون أن يتصبب العرق مني.
انتهيت من مراجعة المعاملة وحملت أوراقي عائدا وعاقدا العزم على عدم العودة مرة أخرى لهذا المكان؛ متسائلا متى يتم تطوير آليه تلزم ملاك المباني بتنفيذ دراسات التأثير المحيطي للمشاريع، بما فيها تخصيص مواقف كافية وفقا لمعايير الطلب المتوقعة وكجزء من عملية التصميم؟
waleed_zm@
