برجس حمود البرجس

ميزانية الخير 2022

الثلاثاء - 21 ديسمبر 2021

Tue - 21 Dec 2021

أُعلنت ميزانية المملكة العربية السعودية المتوقعة لعام 2022م وللعام الذي شارف على الانتهاء 2021م، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين ومتابعة من ولي العهد حفظهما الله، الميزانية تسير حسب الخطة والتوجه الذي رسمه ولي العهد المنبثقة من رؤية المملكة 2030.

أرقام الميزانية تدل على اتجاهات إيجابية تدار من قيادتنا الحكيمة في ظل متابعة وتوجيه من ولي العهد حفظه الله، فالإيرادات متوقع ارتفاعها بـ 115 مليار ريال عام 2022م مقارنة بإيرادات عام 2021م، حيث ستتخطى العام المقبل التريليون ريال لتصل إلى 1045 مليار ريال.

بينما متوقع انخفاض النفقات العام القادم بمقدار 60 مليار ريال، لتنخفض دون التريليون ريال لتصل إلى 955 مليار ريال.

بذلك سيتحول فارق النفقات والإيرادات من العجز بمقدار 85 مليار ريال، إلى فائض بمقدار 90 مليار ريال. هذا يدل على حسن إدارة لميزانية المملكة، ولكن مع الأسف هناك الكثير لا يرى من مفاهيم العجز إلا العجز، ولا يرى من مفاهيم الدين العام إلا «القروض»، ولذلك سأوضح مفاهيم أخرى ومسببات للعجز والدين العام في هذا المقال.

حديث ولي العهد يختصر مسيرة النمو والبناء، حيث قال بأن رحلة التحول الاقتصادي التي تتبناها حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وجاءت الميزانية تأكيدا للنتائج المتحققة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهادفة إلى تعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة المالية معا نحو مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.

«عجز الميزانية» يحدث عندما تكون الإيرادات أقل من النفقات، فعندما يحدث هذا العجز، يكون أمام الدولة خياران، إما خفض النفقات وعادة يكون بإلغاء وتأجيل بعض المشاريع التنموية، أو المضي قدما وتحمّل العجز وتغطيته إما من الدين العام أو السحب من الاحتياطيات.

هذا غالبا يحدث في الدول القوية اقتصاديا وحتى عند الشركات القوية، أما الدول الضعيفة وحتى الشركات الضعيفة، فغالبا يتم إلغاء المشاريع وهذا سبب رئيسي لتعطيل التنمية. وكما ذكرنا أعلاه فالعجز للعام 2021م 85 مليار ريال، بينما في عام 2022م متوقع أن لا يكون هناك عجز بل متوقع أن يكون هناك فائض في الميزانية.

بالنسبة للمملكة فسياسة البناء الاقتصادي لا تؤجل ولا تلغي مشاريع بناء المدارس والمستشفيات والمصروفات الأخرى، ولا تلغي بناء المشاريع التنموية، المملكة تسير بخطى ثابتة وماضية قدما في خططها والنهضة التنموية وبناء اقتصاد حسب التطلعات والرؤية.

تعمد كثير من الدول المتقدمة اقتصاديا إلى «الدين العام» أو الاستدانة عندما تحتاج مبالغ لسد العجز أو لتمويل مشاريع تنموية عملاقة، فهو الخيار الأفضل، حيث إن نسبة الفوائد عادة تكون قليلة جدا (حوالي 3%) وتبقي احتياطاتها المستثمرة في قطاعات مختلفة محليا وعالميا، والتي تأتي بفوائد حوالي (10%). هذا خيار أفضل، والاستدانة تعتبر استغلالا للقوة الائتمانية والثقة التي وضعتها جهات التقييم الائتمانية العالمية، وبذلك تتسابق عليك البنوك المحلية والعالمية.

وصل «الدين العام» للمملكة 938 مليار ريال في نهاية عام 2021م، ومتوقع أن يبقى نفس الرقم في نهاية 2022م، وهذا يمثل بين 25% و29% من حجم اقتصاد المملكة -الناتج المحلي الإجمالي-. المملكة اختارت أن تستغل رصيدها الائتماني، وهذا لا يعني أنها «مديونة»، حيث إن حجم أصولها واستثماراتها تفوق تريليون و700 مليار ريال، فلم يكن منطقيا السحب من استثماراتها التي تدر فوائد مجدية والتي أيضا تدعم العملة، خصوصا أن خيار الدين العام فوائده منخفضة جدا مقارنة بفوائد استثماراتها.

«الدين العام» للدول المقتدرة على السداد ومقتدرة على توازن الميزانية يعتبر استفادة من الرصيد الائتماني لتستثمر وتبقى مشاريعها التنموية ضمن خططها. في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا الدين العام تخطى 100%، وفي اليابان تخطى 250%، والصين وصل 50%، والسعودية 29%، والإمارات 39%، وقطر 71%، والكويت11%.

ولكي أبسط الموضوع أكثر للبعض، فعلى المستوى الشخصي والأفراد، غالبية الديون الشخصية لتغطية متطلبات الحياة ولكن مع الأسف لا يتم حساب تأثير الاستقطاع الشهري وتبعاته، ولذلك يكون «الدين» متعبا؛ وهذا مكمن مخاوف الناس ومفاهيمها للدين، ولكن أتذكر زميلا اقترض واشترى قطعة أرض سكنية، وسدد القرض من راتبه، اليوم قيمة الأرض خمسة أضعاف قيمة شرائها. هنا تكمن فكرة الاقتراض من أجل الاستثمار وعكسها الاقتراض للرفاهية أو لقضاء حاجة، وربما عدم القدرة على السداد.

Barjasbh@