بلومبيرج: السعودية محقة في التحذير من انهيار إمدادات البترول

الاثنين - 20 ديسمبر 2021

Mon - 20 Dec 2021

من مقال جوليان لي  (مكة)
من مقال جوليان لي (مكة)
أكد الكاتب الاقتصادي جوليان لي أن السعودية محقة في التحذير من انهيار إمدادات البترول، حيث لن تختفي حاجة العالم إلى بترول بأسعار معقولة قريبا، إذا لم يرتفع الإنتاج، مبينا أن ذلك لا يبشر بالخير لأي أحد منا.

وقال في مقال نشرته وكالة بلومبيرج، إن هذا لن يكسبني أي أصدقاء في اللوبي الأخضر، لكن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان محق في التحذير من أزمة طاقة محتملة ناتجة عن انخفاض الاستثمارات في أنواع الوقود الأحفوري. إليكم السبب.

وأضاف «حذر الأمير عبدالعزيز من أن إنتاج البترول على مستوى العالم قد ينخفض بمقدار 30 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العقد، لأن ما ينفق على استكشاف وتطوير موارد جديدة ليس فيه الكفاية، وهذا يعني إنتاجا أقل من 70 مليون برميل يوميا»، مبينا أن دعوته إلى زيادة الاستثمارات تهدف في الواقع إلى تشجيع التنافس مع المملكة.

وأشار إلى أنه حتى وكالة الطاقة الدولية، التي نقل عنها خطأ، بأنها تدعو إلى إنهاء مشروعات تطوير البترول الجديدة، تتوقع أن يظل الطلب على البترول مقاربا لمستويات ما قبل الجائحة بحلول 2030.

وحتى مع السياسات البيئية التي أعلن عنها قبل مؤتمر التغير المناخي (كوب 26) في نوفمبر، توقعت الوكالة أن يكون الطلب في 2030 أقل من مستويات ما قبل الجائحة بمقدار 500 ألف برميل يوميا، أي أقل بنسبة 0.5%. وأوضح أنه في سيناريو الوكالة «التنمية المستدامة» الذي يرى الاقتصادات المتقدمة تصل الحياد الصفري بحلول 2050، والصين بحلول 2060 تقريبا، وباقي الدول الأخرى بحلول 2070 على أقصى تقدير، فإن الانخفاض بحلول العقد الحالي يتوقع أن يكون 9 ملايين برميل يوميا فقط، أي بنسبة 9%، هذا سيترك العالم بحاجة حوالي 90 مليون برميل يوميا بحلول 2030، أي عجز في الإمداد بمقدار 21 مليون برميل يوميا، وهو أكثر مما استهلكته أمريكا في 2019. وقال: لذلك إذا كان الأمير عبدالعزيز محقا، فنحن مقبلون على وقت عصيب، ولكن هل تأثر المستثمرون بضغوط الناشطين البيئيين إلى الحد الذي يمنعهم من الاستثمار في مشاريع إنتاج البترول الجديدة؟

خطط للزيادة

وتستثمر المملكة التي تملك أكبر احتياطيات البترول في العالم، لرفع إنتاجها، وتخطط لإضافة مليون برميل يوميا في السنوات القليلة المقبلة. وتستثمر دول أخرى في الشرق الأوسط مثل الإمارات والكويت والعراق لرفع طاقتها الإنتاجية أيضا. ولدى روسيا خطط كبيرة في القطب الشمالي المتجمد، لكن ذلك أحد أسوأ الأماكن التي يمكن تخيلها - من ناحية بيئية - للاستثمار في التنقيب عن البترول.

هناك مشاريع كبيرة قيد التطوير في مناطق مثل: كازاخستان وأذربيجان والبرازيل، سترفع من الإنتاج قبل نهاية العقد، لكن مع هبوط الإنتاج من كل الحقول المنتجة حاليا بمتوسط يتراوح بين 4% و8% سنويا، وفقا للتقديرات التي تأخذ بها، فإنك بحاجة إلى استثمار كبير فقط لتبقى مكانك.

نمو بطيء

في الوقت نفسه، الإنتاج في أمريكا الذي كان يرى في وقت سابق على أنه مفسد لنمو إنتاج أوبك المستقبلي، يرتفع ببطء. وما زال متوقعا أن يكون الإنتاج الأمريكي بحلول نهاية العام المقبل أقل من مستويات ما قبل الجائحة بـ760 ألف برميل يوميا. الأيام المبهجة لطفرتي البترول الصخري الأولى والثانية قد ولت.

هبط الإنفاق العالمي على مشاريع البترول والغاز بنسبة 30% ليصل إلى 309 مليارات دولار في 2020 وتعافى بنسبة يسيرة هذا العام. يحتاج أن يعود إلى ما يقارب مستويات ما قبل الجائحة التي كانت 525 مليار دولار سنويا لما تبقى من العقد لتلبية نمو الطلب، وفقا لمركز الأبحاث الذي مقره الرياض منتدى الطاقة الدولي، وشركة IHS Markit الاستشارية.

شركات البترول الغربية الكبرى، مثل «رويال دتش شيل» و»بريتيش بتروليوم» و»توتال إنيرجيز» تركز بتزايد استثماراتها على الغاز الطبيعي وأنواع الطاقة المتجددة على حساب البترول. من المتوقع أن تنتج شركة بريتيش بتروليوم - على سبيل المثال - بترولا في 2022 أكثر من إنتاجها لهذا العام، لكن الإنتاج ما زال متوقعا أن يكون أقل بنسبة 6.5%، من ذروة إنتاجها في 2017.

هذه هي الشركات الأكثر قدرة على الوفاء بالالتزامات البيئية، إن لم تسد هذه الشركات الفجوة بين الطلب المرتفع والإنتاج المنخفض، فمن المرجح أن الشركات الأخرى التي يصعب ضبط أدائها البيئي ستقوم بذلك. «أُفضّل أن أرى شركة شيل تستثمر في حقل كامبو للبترول في بحر الشمال - على سبيل المثال - بدلا من أن أرى شركة روسنفت تدمر غابات التندرا في شبه جزيرة تايميار، لأن من الأسهل محاسبة الأولى».

ثمن مكلف

وأفاد جوليان لي، الأمير عبدالعزيز لم يكن الوحيد في تحذيره، حيث قالت وكالة الطاقة الدولية شيئا مشابها جدا، لكن دون أرقام، في توقعات الطاقة العالمية المنشورة في أكتوبر، إن عدم وجود حاجة إلى حقول البترول والغاز الجديدة في سيناريو الحياد الصفري بحلول 2050 لا يعني أن الحد من الاستثمار في الحقول الجديدة سيؤدي إلى مخرجات تحول الطاقة في هذا السيناريو. إذا ظل الطلب في مستويات أعلى، سينتج عن ذلك ضيق في الإمدادات، مما سيرفع مخاطر زيادة الأسعار وكثرة تقلباتها.