عبدالرحمن الزهراني

عزوف الجامعات السعودية عن جائزة الملك عبدالعزيز للجودة.. لماذا؟

الاثنين - 13 ديسمبر 2021

Mon - 13 Dec 2021

تعتبر جائزة الملك عبدالعزيز للجودة الأم والمظلة الرسمية لجميع الجوائز في المملكة العربية السعودية، وتستمد قوتها من عدة محاور ومرتكزات أساسية أهمها اسم الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- مؤسس هذا الكيان العظيم، ثانيا أنها الجائزة الوحيدة الصادرة بمرسوم ملكي رقم 7/ ب/ 18670 في تاريخ 27 ذو القعدة 1420هـ، ثالثا أن لها نموذجا خاصا بها يلبي واقع ومتطلبات المنظمات والجهات الحكومية والأهلية؛ حيث أن لكل بلد ظروفه وثقافته ومتطلباته.

تهدف جائزة الملك عبدالعزيز إلى تحفيز مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية لتطبيق أسس وتقنيات الجودة الشاملة من أجل رفع مستوى الأداء وتفعيل التحسين والتطوير المستمر لعملياتها الداخلية وتحقيق رضا المستفيدين، إضافة إلى تكريم المنشآت ذات الأداء المتميز التي حققت مستويات الجودة بحصولها على التقدير اللائق على المستوى الوطني لما حققته من إنجازات وبلوغها مرتبة متميزة بين أفضل المنشآت المحلية.

على الرغم من الاهتمام المتزايد بتطبيق معايير الجودة من قبل مختلف قطاعات الدولة بشكل عام، والجامعات السعودية بشكل خاص، حيث خصصت كل جامعة وكالة للجودة يتفرع منها عمادات في جميع الكليات والأقسام وفي كل كلية وكيل للجودة، وكل قسم وإدارة منسق للجودة، وذلك من خلال شبكة للجودة شبيهة ببعض مسائل الرياضيات ذات الحل طويل، والقيمة صفر! ورغم وجودة شبكات الجودة في جميع الجامعات السعودية إلا أن مشاركاتها في التقديم والحصول على جائزة الملك عبدالعزيز للجودة التي تعتبر أم الجوائز السعودية لا تتماشى مع الإمكانات المادية للجامعات؛ حيث تحتضن أرض المملكة 29 جامعة حكومية، و14 جامعة أهلية، و12 كلية أهلية والمجموع الكلي 55 جامعة وكلية حكومية وأهلية، ولو نظرنا لمشاركات الجامعات خلال 22 عاما الماضية، وهو عمر جائزة الملك عبدالعزيز للجودة، نجدها فقط 5 جامعات من أصل 55 جامعة أي أن نسبة المشاركة 9%.نستنتج من هذه النسبة أن هناك عزوفا جماعيا من قبل الجامعات السعودية للمشاركة في جائزة الملك عبدالعزيز للجودة، في ظل دخول معظم الجامعات السعودية الناشئة التصنيفات العالمية، ولا نعرف أسباب العزوف التي تحتاج إلى دراسة علمية شبيهة بدراسة البروفيسور محمد اللوقان التي جاءت بعنوان: (جاهزية الجامعات السعودية الناشئة للتميز المؤسسي في ضوء معايير جائزة الملك عبدالعزيز للجودة والتميز) (دراسة حالة على جامعة حائل)، التي تشير إلى أن جاهزية جامعة حائل متوسطة، وأوصت بالعمل على تحسين الأبعاد والمجالات التي كانت لا تشتمل على منهجيات محددة ولا تطبق بانتظام، أو لا تمارس بشكل مستمر، وحصلت على درجة متوسطة، وهنا نود أن نوضح بأن درجة التقييم للجائزة من 100 درجة يتم من خلالها تصنيف التميز المؤسسي لجائزة الملك عبدالعزيز للجودة إلى أربع فئات هي:

- الماسي والدرجة من 650 وما فوق (ولم تحصل علية أي منشأة منذ بداية الجائزة في عام 1420هـ).

- الذهبي والدرجة 500-649

- الفضي والدرجة 400-499

- البرونزي والدرجة 350-399

الغريب في الأمر أن معظم الجامعات الخمس التي شاركت في جائزة الملك عبدالعزيز للجودة في دوراتها السابقة حققت الفئة البرونزية أي أن درجة تقيمها تتراوح ما بين 350 -399 من (1000 درجة التي تعتبر الدرجة الكلية للجائزة)! ومن له خبرة في التحكيم والجودة وجوائز التميز يعرف بأن الفئة البرونزية لا تعني شيئا أبدا فليس من المعقول ولا المقبول أن تحصل جامعة ميزانيتها السنوية تصل إلى مليارين على هذا التقييم، بمعنى أن كفاءة الجامعة تتراوح ما بين 35-39% بينما فقدت من كفاءتها 60% ومع ذلك تحتفل بهذا الإنجاز (الأخرق) وتقدم لها التهاني والتبريكات وتبث لها الأخبار والتقارير، والأدهى والأمر أنه يفترض أن تتقدم هذه الجامعات للجائزة في دورتها اللاحقة من أجل تحسين وتطوير مخرجاتها والاستفادة من مواطن الضعف والخلل التي تم ذكرتها من قبل اللجنة المحكمة في التقرير التعقيبي، ولكن يبدو أنهم يخشون أن يتقدموا مرة أخرى ويخسروا الوسام البرونزي.

قد يرى البعض أن أحد أسباب عزوف الجامعات عن المشاركة في جائزة الملك عبدالعزيز للجودة أن أغلب الجامعات مهتمة فقط بالحصول على الاعتماد الأكاديمي من هيئة تطوير التعليم، كأنها غاية المبتغى، بل إن بعض الجامعات لا زالت تحاول كسب سباق السلحفاة في الحصول على الاعتماد الأكاديمي فيما حصلت بعض الجامعات على الاعتماد المشروط، وهو اعتماد ناقص ما لم تتوفر فيه المتطلبات كافة التي تدل على الجودة المثلى ومع ذلك دخلت ضمن التصنيفات العالمية.

في ظل اهتمام الجامعات السعودية بالتصنيفات العالمية والسعي خلف سراب المنجزات بدءا بتصنيف (QS) ومرورا بتصنيف (شنغهاي) وانتهاء بجوائز (البلاك بورد) التي جميعها تقيس أجزاء ومحاور بسيطة ومحددة لا تعكس الواقع، ولا تسهم في التطوير والتغيير الإيجابي، بينما جائزة الملك عبدالعزيز للجودة تعمل وفق نموذج وطني للجودة يقيس المدخلات والعمليات والمخرجات وتعكس الواقع الحقيقي للجامعات، وتركز على جودة المخرجات التي تعتبر المحك الأساسي للجودة من حيث تميز وتمكن خريجي الجامعة في المجال العلمي والعملي، وتلبية متطلبات سوق العمل وفق أسس علمية ومعايير عالمية، بعيدا عن الاحتفاليات والإعلانات (Propaganda) التي تنتهج أسلوب وطريقة شيلة (ركوني فوق طيارة)!.

DrAlzahrani11@