الإخوان والفساد معركة تونس لاستعادة عافيتها

السبت - 27 نوفمبر 2021

Sat - 27 Nov 2021

فيما ينتظر التونسيون قرارات شجاعة جديدة من رئيسهم قيس سعيد، للإعلان عن خطته السياسية الكاملة في البلاد، تتجه الأنظار نحو خطواته المتلاحقة للقضاء على نفوذ الإخوان وشبكة الفساد التي صنعتها عبر حركة النهضة خلال السنوات الماضية.

ويرى مراقبون أن محاربة الفساد وملاحقة الإخوان والنهضة الاقتصادية أكبر 3 ملفات يحملها الرئيس التونسي الذي تصدى بشجاعة كبيرة للتنظيم الإرهابي، وعلق البرلمان الذي يسيطر عليه، وحل الحكومة الإخوانية وأطلق في الفترة الماضية حكومة كفاءات جديدة للخروج من العزلة العربية والتصدي للانهيار الاقتصادي الذي شهدته تونس، بسبب فساد الحركة المحسوبة على الإخوان.

وبالتوازي مع قرارات الرئيس الثورية، بدأت وزارة الداخلية التي يقودها توفيق شرف الدين، تطهير البلاد من أذرع الإخوان الذين انتشروا خلال حكومة النهضة، وتشديد الخناق على الجهاز الأمني الموازي الذي شكلوه في السنوات الماضية.

قرارات الرئيس التونسي المرتقبة

  • حل البرلمان نهائيا.

  • الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.

  • إطلاق حوار وطني شامل بين جميع الطوائف.

  • وضع قوانين تمنع عودة تنظيم الإخوان.

  • محاكمة الفاسدين ومنعهم من تولي المناصب.

  • إطلاق مبادرات ومشاريع اقتصادية تنموية.


طرد الإخوان

وعززت وزارة الداخلية التونسية قبضتها في الأيام الماضية، وبدأت طرد عناصر الإخوان من جميع أفرعها، حيث أحالت 20 قياديا أمنيا، ممن تقلدوا مناصب عليا بالوزارة على التقاعد الوجوبي، على خلفية علاقتهم بحركة النهضة الإخوانية، وضمت القائمة أسماء تنتمي إلى ما يعرف بالأمن الموازي إضافة إلى أسماء أخرى.

وشهدت حملة التطهير إحالة كل من مدير عام الأمن الوطني الحالي رفقة فتحي البلدي المعروف بعلاقته بالجهاز السري للنهضة، وقيادي في الأمن الموازي للحركة الإخوانية بمطار تونس قرطاج، والمدير العام للمصالح المختصة (المخابرات) في زمن حكم هشام المشيشي، ومدير عام المصالح المختصة ومدير عام الأمن الوطني زمن الإخواني علي العريض، وإحالة المدير العام للأمن الوطني في عهد حكومة مهدي جمعة، والمتحدث الرسمي السابق باسم الوزارة؛ على التقاعد الوجوبي.

الفساد والإخوان

وتوقع مراقبون أن يعلن الرئيس قيس سعيد في 17 ديسمبر المقبل عن الجدول الزمني للمرحلة المقبلة، ولا سيما فيما يتعلق بالحوار الوطني الذي سيكون بدرجة أولى مع الشباب، وسيعتمد فيه على المنصات الرقمية، بهدف تحديد شكل النظام السياسي المقبل الذي سيعتمد بعد فشل النظام البرلماني المعدل في السنوات الماضية.

وقالت صحيفة «البيان» الإماراتية إن الرئيس يواصل العمل على تطهير مؤسسات الدولة من الأطراف المرتبطة بمشروع الإخوان والمتورطة في الفساد، وأصدر سعيد أمرا رئاسيا بإنهاء تكليف محمد صدقي بو عون بمهام والي لولاية سيدي بو زيد، وإنهاء تكليف منصف شلاغمية، بمهام والي ولاية قبلي. وتم توقيف الواليين احتياطا على ذمة التحقيق معهما في شبهات فساد، وذلك بالتزامن مع فتح عدد من الملفات القضائية في حق مسؤولين آخرين متورطين في قضايا تتعلق بالمحسوبية والاحتكار، ونهب المال العام وتزوير وثائق حكومية وغيرها.

ويشير محللون سياسيون إلى أن الرئيس سعيد بدأ تنفيذ برنامجه السياسي، الذي تمثل الحرب على الفساد والقضاء على مراكز النفوذ الإخواني أبرز أولوياته.

اختراق إخواني

وقال محللون إن الرئيس التونسي بادر إلى إلغاء وزارة الحكم المحلي وإلحاق المحليات بوزارة الداخلية بعدما كشف الاختراق الإخواني الموجود بها، الأمر الذي أغضب حركة النهضة التي كانت تراهن على هذه الوزارة من أجل الاستمرار في خطتها لاختراق المجتمع تحت مظلة المجالس المنتخبة. ونجحت حركة النهضة في الفوز بإدارة بلديات كبرى، مثل تونس العاصمة وصفاقس، ووضعت يدها على المشاريع التي تمس المواطن من قريب، كما أنها صارت تتحكم في ميزانية عدد كبير من البلديات، ولا يعرف في أي مجال صرفت تلك الأموال ولا الطريقة التي صرفت بها، خاصة في ظل ضعف الرقابة المالية في الجهات كما في الإدارات المركزية.

ويشير المراقبون إلى أن فوز الحزب المنظم الذي يمتلك عناصر قوة مثل الأموال، فتح أمامه الباب لدخول البلديات والتواصل مع الناس، والسيطرة على الخدمات التي تقدم لهم بشكل مباشر، وهو ما يتيح له فرصا للاستقطاب المريح وزيادة عدد الأنصار والتهيؤ لتحقيق مكاسب في أي انتخابات قادمة، واختراق مختلف المؤسسات المحلية والجهوية.

وسبق أن أطلقت حركة النهضة تحذيرات من لجوء الرئيس قيس سعيد إلى هذه الخطوة، وسعت لتحشيد ردود فعل بقية الأحزاب، مما يظهر الأهمية التي توليها للمؤسسات المحلية.

صراع المحليات

وحذرت شخصيات تونسية، سياسية أو من المجتمع المدني، من خطورة سيطرة حزب واحد على المجالس المحلية وتوجيهها لخدمة أجنداته الحزبية، معتبرة أن الفراغ السياسي على المستوى المحلي يمكن أن يتيح له سيطرة تامة على حياة الناس ومصالحهم، ويوفر له ذلك فرصة لشراء الولاءات الشخصية أو العشائرية التي عادت إلى الواجهة بعد الانتخابات الأخيرة ونجحت حركة النهضة في توظيفها لفائدتها.

ولاحظ متابعون للشأن التونسي أن تسييس المجالس المحلية قد حولها إلى ملعب للصراع الحزبي وأنساها دورها الرئيسي وهو تقديم الخدمات للناس، وتمثيل الدولة وتنفيذ برامجها. وقاد الصراع إلى حل أكثر من 30 مجلسا بلديا وفرض إعادة الانتخابات في أكثر من منطقة، مما حمل الحكومة أعباء إضافية.

دستور هجين

ووصف الكاتب والمحلل عبدالرحمن شلقم الرئيس التونسي قيس سعيد بـ(الحصان الأسود) الذي يسير بسرعة كبيرة في تصحيح المسار السياسي، حيث أكد أنه لن يتحاور مع الفاسدين والمفسدين، وتساءل «هل يعمل الرئيس قيس سعيد على تعديل الدستور ويعيد النظام الرئاسي مثلما كان قبل سنة 2011، أم سيكون أقرب إلى دستور سنة 2014 الذي شارك هو شخصيا في صياغته كخبير دستوري؟». وأوضح أن أغلب التونسيين يتفقون على أن الدستور الحالي الذي وزع السلطات بين رئيس الدولة والبرلمان ورئيس الحكومة، هو دستور هجين كان السبب في إرباك الحياة السياسية، وقاد إلى وهن في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

الأحزاب السياسية التي تجاوز عددها 200 حزب، وفي غياب قانون انتخابي عملي يجعل البرلمان كيانا قادرا على إنتاج حكومة بحزام سياسي قوي، كان مشكلة مضافة إلى ما عانته البلاد في السنوات الأخيرة من أزمات. وأشار إلى أن تونس تواجه مأزقا اقتصاديا، وتتطلع إلى صندوق الدولي ليساعدها على تجاوز عتبة الاختناق المالي الكبير، وتسعى إلى الحصول على وجبة مالية كاملة الدسم من صندوق النقد الدولي بقيمة 6 مليارات دولار، وهو العجز في ميزانية العام المقبل، لكن أمام هذا المسعى عثرات وحواجز عالية، لأن الصندوق يطالب بإصلاحات مالية، تزيد الأزمة تعقيدا ولا يقدر المواطن التونسي الكادح على تحملها.