أم الدوم أسطورة العشق والجمال
السبت - 20 نوفمبر 2021
Sat - 20 Nov 2021
ما أجمل الحكايات في تراثنا الشفاهي، ولا سيما حكايات العشق والجمال، تلك التي تتماهى في حناياها أعذب الكلمات، لتصيغ روحا مكتنزة بكل معاني الحب الطاهر، وجلال العشق العذري الآسر لتلك القلوب المتيمة بصدق وطهر، لتطير حبا واشتياقا لبلوغ طيف حبيبها بغرام العارفين، ولوعة المحبين، وتيه العاشقين، وكم هم أولئك الذين تاهوا في دروب العشق والجمال، وطارت أرواحهم هائمة في عوالم الحب العذبة لعلها تستكين إلى محبوبها فيهدأ روعها، وتستكين نفسها آمنة مطمئنة، وما أجمله من إحساس وأعظمه من شعور تعجز الكلمات عن وصف بعض سماته.
إنه الحب الصادق الذي تتكسر أمامه أعتى القلوب وأشدها، فترنو صاغرة أمام من تحب، وتستكين خاشعة في حضرة محبوبها، تتقرب (إليه وإليها) بكل قول عذب، ولمسة حانية، وحياة وردية ساحرة، فسبحان من تستكين له الأفئدة من قبل ومن بعد، وسبحان من له تتودد القلوب أولا وأخيرا.
وهو العشق الطاهر الذي تعدى بقوة تأثيره الناعم البشر إلى الحجر، فتراه يتزلزل من هول ما يعتريه من حب، وكأن الحب الطاهر، والعشق العذري، هو السبيل الوحيد القادر على اختراق كل الحجب الصلدة، وكان ذلك هو ما روته أسطورة العشق والجمال عن مقلع «الطمية» السياحي البارز في بلدة أم الدوم بمحافظة الطائف، حيث تشير الأسطورة إلى قصة حب خالدة في تبتلها بين جبل «الطمية» التي عشقت في كوامن ذاتها جبلا آخر بعيدا عنها وهو جبل «قطن» في وسط الجزيرة العربية بمنطقة القصيم، وكان من عذوبة ما بلغته من مشاعر أن باتت «الطمية» غير قادرة على أن تعيش بعيدا عن حبيبها «قطن»، فما كان منها إلى أن احتملت كيانها طائرة في ملكوت الله الطاهر لعلها تقترب من حبيبها، فترتوي برؤيته، وتستكين بجواره، وتستمتع برحيق شذاه، فكان لها ذلك، وتحقق لها المراد لتهبط بالجوار في الطريق الرابط بين حبيبها جبل «قطن» في أرض القصيم، وأزكى البقاع الطاهرة، حيث جبل أحد الذي أخبرنا الصادق الصدوق سيدنا محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه يحبنا وأننا نحبه، وكان من جراء ذلك أن تركت «الطمية» أثرها خاويا ينتظرها لعلها تعود، وما أظنها ستعود وقد تملكها الحب الصادق، ذلك الذي استحكم بعراه على عديد من البشر، وما انفكوا من عذبه وعذاباته، وكانت «الطمية» منهم وإليهم، حتى قال قائلها:
الهوى قُدامنا طيَّر «طمية»
ضلعة من كِشَب حالت يم أبان
فلله در العاشقين المتيمين الذين استكانت أرواحهم في فضاءات من الجمال والنور والضياء، فتاهت أبصارهم، وحلقت قلوبهم تقبل ذا الجدار وذا الجدار.
ذلك هو البعد الأسطوري لحكاية مقلع «الطمية» ببلدة أم الدوم الذي يقول الخبراء بأنه من تأثير نيزك وقع عليه في غابر الزمن السحيق، ولعل ذلك صحيح علميا، لكن روحي قد استكانت إلى ما روته الأسطورة من حكاية عشق هي متجسدة في ثنايا وجداننا العربي الأصيل، وهو ما يصنعه الفضاء الساحر في المكان، حيث تستكين النفس مجبرة وتدخل في حالة ماتعة من التأمل المستمر.
ولا غرابة في ذلك فهو ما استشعرته حال زيارتي ومجموعة من الأصدقاء المهتمين برصد التراث بدعوة من متحف مدينة الطيبات بجدة إلى متحف «أم الدوم» التراثي للشيخ علي بن جهز الذيابي، ذلك الشيخ الوقور، والجبل الأشم، الذي يبهرك فور نظرك إليه، لتتلمس في ثنايا قامته السامقة، وتفاصيل وجهه العربي الصبوح، عمق التجربة وأصالة الماضي، وما أحوجنا اليوم إلى تلمس ذلك حتى لا نتوه ونظل طريقنا في درب فضاء العولمة الجارف، وكم أرجو أن يجد أولادنا طريقهم للتخييم في هذه الفضاءات الساحرة، والاختلاط بأولئك الرجال، ليتوثق ارتباطهم بعرى موروثهم الثقافي، وتستكين أرواحهم برهة من الزمن في أحضان أرضنا المباركة التي تمثل عمق الحضارة الإنسانية.
أشير ختاما إلى أني قد استلهمت حكاية أسطورة العشق والجمال لموقع جبل «الطمية» من أحد أبناء ذلك المكان الساحر، وهو «أبوزيد» الذي عكست لي بساطته وجمال روحه الشفيفة بساطة وجمال شخصية المكان. فلله دره، ولله در ذلك المكان الساحر.
zash113@
إنه الحب الصادق الذي تتكسر أمامه أعتى القلوب وأشدها، فترنو صاغرة أمام من تحب، وتستكين خاشعة في حضرة محبوبها، تتقرب (إليه وإليها) بكل قول عذب، ولمسة حانية، وحياة وردية ساحرة، فسبحان من تستكين له الأفئدة من قبل ومن بعد، وسبحان من له تتودد القلوب أولا وأخيرا.
وهو العشق الطاهر الذي تعدى بقوة تأثيره الناعم البشر إلى الحجر، فتراه يتزلزل من هول ما يعتريه من حب، وكأن الحب الطاهر، والعشق العذري، هو السبيل الوحيد القادر على اختراق كل الحجب الصلدة، وكان ذلك هو ما روته أسطورة العشق والجمال عن مقلع «الطمية» السياحي البارز في بلدة أم الدوم بمحافظة الطائف، حيث تشير الأسطورة إلى قصة حب خالدة في تبتلها بين جبل «الطمية» التي عشقت في كوامن ذاتها جبلا آخر بعيدا عنها وهو جبل «قطن» في وسط الجزيرة العربية بمنطقة القصيم، وكان من عذوبة ما بلغته من مشاعر أن باتت «الطمية» غير قادرة على أن تعيش بعيدا عن حبيبها «قطن»، فما كان منها إلى أن احتملت كيانها طائرة في ملكوت الله الطاهر لعلها تقترب من حبيبها، فترتوي برؤيته، وتستكين بجواره، وتستمتع برحيق شذاه، فكان لها ذلك، وتحقق لها المراد لتهبط بالجوار في الطريق الرابط بين حبيبها جبل «قطن» في أرض القصيم، وأزكى البقاع الطاهرة، حيث جبل أحد الذي أخبرنا الصادق الصدوق سيدنا محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه يحبنا وأننا نحبه، وكان من جراء ذلك أن تركت «الطمية» أثرها خاويا ينتظرها لعلها تعود، وما أظنها ستعود وقد تملكها الحب الصادق، ذلك الذي استحكم بعراه على عديد من البشر، وما انفكوا من عذبه وعذاباته، وكانت «الطمية» منهم وإليهم، حتى قال قائلها:
الهوى قُدامنا طيَّر «طمية»
ضلعة من كِشَب حالت يم أبان
فلله در العاشقين المتيمين الذين استكانت أرواحهم في فضاءات من الجمال والنور والضياء، فتاهت أبصارهم، وحلقت قلوبهم تقبل ذا الجدار وذا الجدار.
ذلك هو البعد الأسطوري لحكاية مقلع «الطمية» ببلدة أم الدوم الذي يقول الخبراء بأنه من تأثير نيزك وقع عليه في غابر الزمن السحيق، ولعل ذلك صحيح علميا، لكن روحي قد استكانت إلى ما روته الأسطورة من حكاية عشق هي متجسدة في ثنايا وجداننا العربي الأصيل، وهو ما يصنعه الفضاء الساحر في المكان، حيث تستكين النفس مجبرة وتدخل في حالة ماتعة من التأمل المستمر.
ولا غرابة في ذلك فهو ما استشعرته حال زيارتي ومجموعة من الأصدقاء المهتمين برصد التراث بدعوة من متحف مدينة الطيبات بجدة إلى متحف «أم الدوم» التراثي للشيخ علي بن جهز الذيابي، ذلك الشيخ الوقور، والجبل الأشم، الذي يبهرك فور نظرك إليه، لتتلمس في ثنايا قامته السامقة، وتفاصيل وجهه العربي الصبوح، عمق التجربة وأصالة الماضي، وما أحوجنا اليوم إلى تلمس ذلك حتى لا نتوه ونظل طريقنا في درب فضاء العولمة الجارف، وكم أرجو أن يجد أولادنا طريقهم للتخييم في هذه الفضاءات الساحرة، والاختلاط بأولئك الرجال، ليتوثق ارتباطهم بعرى موروثهم الثقافي، وتستكين أرواحهم برهة من الزمن في أحضان أرضنا المباركة التي تمثل عمق الحضارة الإنسانية.
أشير ختاما إلى أني قد استلهمت حكاية أسطورة العشق والجمال لموقع جبل «الطمية» من أحد أبناء ذلك المكان الساحر، وهو «أبوزيد» الذي عكست لي بساطته وجمال روحه الشفيفة بساطة وجمال شخصية المكان. فلله دره، ولله در ذلك المكان الساحر.
zash113@