نفق التحلية.. هل يستحق كل هذا العناء والخسائر؟
السبت - 30 أكتوبر 2021
Sat - 30 Oct 2021
في كل مرة يقودني حظي العاثر للمرور بشارع التحلية في جدة لشراء غرض من أحد المحال التجارية أو لمراجعة طبيب أسناني، وأشاهد كيف تحول هذا الشارع الحيوي النابض بالحياة إلى آخر فوضوي كئيب خال من المتسوقين؛ بسبب قرار الاستغناء عن إشارة ضوئية واحدة واستبدالها بنفق أرضي منذ 3 سنوات، أشعر برغبة جامحة بالتوقف وسط الطريق، والسجود شكرا لله، بأني لا أقيم بالقرب من هذا الشارع أو لدي مشروع تجاري فيه.
هذا المشروع الذي بدأت أمانة جدة تنفيذه في ديسمبر 2018 بعد أن رصدت له ميزانية تجاوزت الـ240 مليون ريال، وحددت مدة تنفيذه بـ30 شهرا، لا زالت أعمال الإنشاءات جارية فيه حتى اليوم، ولا توجد مؤشرات لانتهائها قريبا، رغم أن تقارير صحفية سابقة ذكرت أن موعد التسليم الجديد سيكون بنهاية سبتمبر 2021.
الأمر الذي جعل عشرات الأسئلة تقفز إلى ذهني حول هذا المشروع ومدى جدواه، وهل يستحق فعلا كل هذا العناء والخسائر التي منيت بها المشاريع والمحال التجارية المطلة على الشارع أو القريبة منه؟ وفيما لو كان يستحق.. هل أُشعر الملاك به وبمدة تنفيذه قبل وقت كاف؛ لاتخاذ قرار البقاء فيه أو مغادرته؟ وبعد أن تجاوز المشروع مدته المقررة أكثر من مرة، هل سيتم تعويض المتضررين عن خسائرهم؟
أطرح هذه الأسئلة؛ لأنه في كل مرة تتسرب أحاديث عن وجود مخطط لإقامة أنفاق وكباري على امتداد طريق الملك عبدالعزيز، أحد أهم شوارع جدة ومنفذها الوحيد للوصول إلى منطقة الكورنيش والبحر، يتملكني الخوف والفزع من تبعات ما سيحدث فيما لو تعثر هذا المشروع، خاصة وأن القاسم المشترك لمعظم مشاريع الأمانة هو عدم الالتزام بالجدول الزمني، وسوء التنفيذ، كما حدث مع أنفاق «الأندلس» و«الملك فهد» و«الأمير ماجد»، وما يصيبها من تداعيات في كل مرة تفرغ الأمطار أحمالها على المدينة، ناهيك عن الخسائر التي منيت بها المشاريع القريبة منها خلال سنوات التنفيذ.
ولو انتقلنا إلى المشاريع الصغيرة داخل الأحياء، كترميم الاسفلت أو صيانة التمديدات الداخلية أو استبدال الأرصفة؛ فالمشكلة أعقد من ذلك بكثير، نتيجة الكثافة السكانية، وكثرة الطرق الفرعية المؤدية منها وإليها، واعتماد الشركات المنفذة حلولا تضمن شللا كاملا للحركة ولأطول فترة ممكنة، وكأن هدفهم الرئيس هو تصعيب مهمة الناس في الوصول لبيوتهم وأعمالهم وليس راحتهم.
الأمر الذي يجعلني أسأل دائما، لماذا قدرنا أن نشعر بكل هذا الألم في كل مرة تقرر الأمانة إنشاء كوبري أو شق نفق أو ترميم رصيف.. ألا توجد حلول بديلة تجنبنا هذا المخاض المتكرر؟!
شخصيا صادفت خلال أسفاري وإقامتي خارج المملكة لسنوات طويلة مواقف شبيهة بما يحدث لدينا، مع فارق بسيط، إنهم يحترمون الجدول الزمني للتنفيذ، ونحن لا، ويعتمدون العمل المرحلي، فيما نُصر على الإنجاز الكلي.
بمعنى، عند وضع تاريخ لانتهاء مشروع ما، فهو لا يُحدد إلا بعد استيفاء كافة الاشتراطات التي تجعل من هذا التاريخ موعدا فعليا للتسليم وليس بعده. وعند مباشرة تنفيذ مشروع كبير، فإنهم لا يغلقون كامل المشروع، بل الجزء الذي سيتم العمل فيه فقط، مع تحرير باقي المواقع، وبعد الانتهاء منه وتحريره، يتم الانتقال لموقع آخر وهكذا حتى اكتمال المشروع.
أعلم يقينا أن بعض الحلول ليست مثالية لكل المشاريع، ولكن أن تكون الأزمة في بعضها خيرا من أن تطالها كلها. أمر آخر، ما لم تشعر جهات التنفيذ، سواء كانت الأمانة أو الشركات المتعاقدة معها، بخطورة عدم التزامهم بالجدول الزمني، وأنهم سيكونون عرضة للمقاضاة ودفع الغرامات لجميع المتضررين؛ فإنهم لن يكترثوا لهموم الناس ومعاناتهم، سواء كانت هذه المعاناة صعوبة في استخدام الطريق أو المرفق، أو فقدان مصدر الرزق وتبدد الأرباح، حيث بعض الخسائر لا تجبرها كل عمليات الترميم.. لنعود لسؤال المقال، هل يستحق نفق التحلية كل هذا العناء والخسائر؟
@alnowaisir
هذا المشروع الذي بدأت أمانة جدة تنفيذه في ديسمبر 2018 بعد أن رصدت له ميزانية تجاوزت الـ240 مليون ريال، وحددت مدة تنفيذه بـ30 شهرا، لا زالت أعمال الإنشاءات جارية فيه حتى اليوم، ولا توجد مؤشرات لانتهائها قريبا، رغم أن تقارير صحفية سابقة ذكرت أن موعد التسليم الجديد سيكون بنهاية سبتمبر 2021.
الأمر الذي جعل عشرات الأسئلة تقفز إلى ذهني حول هذا المشروع ومدى جدواه، وهل يستحق فعلا كل هذا العناء والخسائر التي منيت بها المشاريع والمحال التجارية المطلة على الشارع أو القريبة منه؟ وفيما لو كان يستحق.. هل أُشعر الملاك به وبمدة تنفيذه قبل وقت كاف؛ لاتخاذ قرار البقاء فيه أو مغادرته؟ وبعد أن تجاوز المشروع مدته المقررة أكثر من مرة، هل سيتم تعويض المتضررين عن خسائرهم؟
أطرح هذه الأسئلة؛ لأنه في كل مرة تتسرب أحاديث عن وجود مخطط لإقامة أنفاق وكباري على امتداد طريق الملك عبدالعزيز، أحد أهم شوارع جدة ومنفذها الوحيد للوصول إلى منطقة الكورنيش والبحر، يتملكني الخوف والفزع من تبعات ما سيحدث فيما لو تعثر هذا المشروع، خاصة وأن القاسم المشترك لمعظم مشاريع الأمانة هو عدم الالتزام بالجدول الزمني، وسوء التنفيذ، كما حدث مع أنفاق «الأندلس» و«الملك فهد» و«الأمير ماجد»، وما يصيبها من تداعيات في كل مرة تفرغ الأمطار أحمالها على المدينة، ناهيك عن الخسائر التي منيت بها المشاريع القريبة منها خلال سنوات التنفيذ.
ولو انتقلنا إلى المشاريع الصغيرة داخل الأحياء، كترميم الاسفلت أو صيانة التمديدات الداخلية أو استبدال الأرصفة؛ فالمشكلة أعقد من ذلك بكثير، نتيجة الكثافة السكانية، وكثرة الطرق الفرعية المؤدية منها وإليها، واعتماد الشركات المنفذة حلولا تضمن شللا كاملا للحركة ولأطول فترة ممكنة، وكأن هدفهم الرئيس هو تصعيب مهمة الناس في الوصول لبيوتهم وأعمالهم وليس راحتهم.
الأمر الذي يجعلني أسأل دائما، لماذا قدرنا أن نشعر بكل هذا الألم في كل مرة تقرر الأمانة إنشاء كوبري أو شق نفق أو ترميم رصيف.. ألا توجد حلول بديلة تجنبنا هذا المخاض المتكرر؟!
شخصيا صادفت خلال أسفاري وإقامتي خارج المملكة لسنوات طويلة مواقف شبيهة بما يحدث لدينا، مع فارق بسيط، إنهم يحترمون الجدول الزمني للتنفيذ، ونحن لا، ويعتمدون العمل المرحلي، فيما نُصر على الإنجاز الكلي.
بمعنى، عند وضع تاريخ لانتهاء مشروع ما، فهو لا يُحدد إلا بعد استيفاء كافة الاشتراطات التي تجعل من هذا التاريخ موعدا فعليا للتسليم وليس بعده. وعند مباشرة تنفيذ مشروع كبير، فإنهم لا يغلقون كامل المشروع، بل الجزء الذي سيتم العمل فيه فقط، مع تحرير باقي المواقع، وبعد الانتهاء منه وتحريره، يتم الانتقال لموقع آخر وهكذا حتى اكتمال المشروع.
أعلم يقينا أن بعض الحلول ليست مثالية لكل المشاريع، ولكن أن تكون الأزمة في بعضها خيرا من أن تطالها كلها. أمر آخر، ما لم تشعر جهات التنفيذ، سواء كانت الأمانة أو الشركات المتعاقدة معها، بخطورة عدم التزامهم بالجدول الزمني، وأنهم سيكونون عرضة للمقاضاة ودفع الغرامات لجميع المتضررين؛ فإنهم لن يكترثوا لهموم الناس ومعاناتهم، سواء كانت هذه المعاناة صعوبة في استخدام الطريق أو المرفق، أو فقدان مصدر الرزق وتبدد الأرباح، حيث بعض الخسائر لا تجبرها كل عمليات الترميم.. لنعود لسؤال المقال، هل يستحق نفق التحلية كل هذا العناء والخسائر؟
@alnowaisir