ولاء كامل الشيحي

معارك معرض الرياض للكتاب 21

الاحد - 24 أكتوبر 2021

Sun - 24 Oct 2021

المعارك في ميدان الثقافة والأدب لا تقتل لكنها تثري. المعارك الأدبية تفتح أبوابا لزيادة المعرفة والثقافة، ولا يغضب منها إلا أناني، لا يقبل النقد ولا يسعى إلى التطور.

معرض الرياض الدولي للكتاب هو الأضخم عربيا من كل النواحي، وكان في آخر نسخة مبهرا فغسل ما تبقى من أزمة جائحة كورونا ثقافيا، وأعاد فتح الأبواب لعودة الحياة الثقافية مجددا، في ظل مساعي هيئة الأدب والنشر ووزارة الثقافة السعودية إلى بناء صناعة النشر وسوق الثقافة بشكل جديد؛ ليكون ميدانا للاستثمار، ويقدم وجها ثقافيا سعوديا لا يعرف العقبات ولا يؤمن إلا بالنجاح كما هو حال السعودية في كل شؤونها وخطواتها في مسارات رؤية المملكة 2030.

في معرض الرياض الدولي للكتاب لعام 2021 حضرت أكثر من 1000 دار نشر من 28 دولة في أضخم تظاهرة ثقافية تشهدها السعودية في مجال الكتاب وقطاع النشر.

ويقدر استثمار السعودية في قطاع النشر بـ4.5 مليارات ريال سنويا، حصيلة نتاج 500 دار نشر سعودية، وتعد السعودية من الدول الواعدة في مجال النشر الذي شهد نموا متصاعدا خلال العشرين سنة الماضية، كما ذكر موقع «العربية نت».

وكجزء من الحراك الثقافية، تبرز المعارك على هوامش الفعالية، منها ما يكون بين المؤلفين والنقاد، ومنها ما يكون بين المؤلف والقراء، ومنها ما يكون بين الناشرين والجمهور، ومنها ما يكون بين الجمهور نفسه على المنتج، وكلها معارك مفيدة إذا خلت من الشخصنة، فهي تثري ولا تقتل.

جميل أن يكتب النقاد عن المنتج الأدبي، حتى لو كان ذلك يغضب المؤلف، ففيها مراجعة لجودة المنتج، ورفع لسقف طموحات المتلقي، وجميل أيضا أن ينتقد الجمهور نتاج المؤلف حتى لو كان الجمهور غير ملم بأدوات النقد، فهو المعني الأول بالمنتج، وهو هدف المؤلف والناشر بالوصول إليه؛ فلولاه ما أنتج ونشر الكتاب، وفي نقده تفاعل واتصال بين المتلقى والمرسل، وهو نتاج تحقيق الهدف بالوصول إلى يده، وسيرفع ذلك من مستوى الإبداع لدى المؤلف والناشر.

كذلك من حق الجمهور أن ينتقد دور النشر خصوصا في غلاء أسعار الكتاب إلى جانب إهمالها المنتج الأدبي والثقافي الالكتروني في عصر التقنية، حتى لو اعتبرت دور النشر أن الإقبال الكبير والزحام على معرض الرياض الدولي للكتاب علامة نجاح وإشارة استمرار للكتاب الورقي، وليت دور النشر تتعلم من درس «الصحافة الورقية»، وما حل بحالها فجأة بعد إهمال المنتج الالكتروني في عصر ازدهارها.

يبقى الحديث عن معارك الجمهور فيما بينه على المنتج الأدبي والثقافي على صفحات الفضاء الالكتروني في ظل غياب تام للإعلام باستثناء «التغطية والنقل» فقط، بينما الميدان الثقافي لا يحتاج إلى الخبر والنقل بقدر حاجته إلى الرأي والتحليل على صفحات الصحف ومواقعها.

ميزة الثقافة أنها تجمع الكل، المتفقين والمختلفين، فهي تجمع ولا تفرق إلا في الرأي والذوق، وهذه حقوق يتساوى فيها الجميع اختلافا واتفاقا بعيدا عن المجاملة؛ لذلك كل تلك المعارك لم تخلق بغضاء بين المختلفين بقدر ما خلقت ثراء وتنوعا.

نجحت هيئة الأدب والنشر في التسويق لقطاع النشر والتأليف بتنظيم تظاهرة ثقافية بديعة هي معرض الرياض الدولي للكتاب 21، الذي كان مبهرا بكل جوانبه.

ونجحت رواية «تشيلو» للمستشار تركي آل الشيخ في التجديد في صناعة الكتاب بأمرين؛ أولهما السعر المخفض الذي قدم فيه الكتاب وسط غلاء كبير للكتب من دور النشر رغم أن وزارة الثقافة أعفت دور النشر من رسوم معرض الكتاب، وثانيهما تقديم محتوى الكتاب صوتيا في تجديد يحتاجه سوق النشر والتأليف في ظل التطور التقني الحديث، وكل ذلك لا يعني ألا تقوم معارك نقدية على هامش رواية «تشيلو» لاحقا، فكل كتاب يصنع نقدا ينتج معرفة وثقافة أكبر.

@misswalaa986