المدينة النائمة الحضن الدافئ للاجئين السوريين

مقاطعة كيليس استثناء أوروبي يثير الدهشة تجاه الهاربين من الجحيم ملايين اللاجئين يشكون من التذمر الأوروبي والملاحقات المستمرة عائلة تلجأ لمحكمة العدل الدولية لمقاضاة حرس الحدود والسواحل عمدة تركي يحذر من سرعة الاندماج الثقافي وتعطيل الاقتصاد
مقاطعة كيليس استثناء أوروبي يثير الدهشة تجاه الهاربين من الجحيم ملايين اللاجئين يشكون من التذمر الأوروبي والملاحقات المستمرة عائلة تلجأ لمحكمة العدل الدولية لمقاضاة حرس الحدود والسواحل عمدة تركي يحذر من سرعة الاندماج الثقافي وتعطيل الاقتصاد

الخميس - 21 أكتوبر 2021

Thu - 21 Oct 2021

في الوقت الذي يتضجر فيه الأوروبيون بشكل عام والأتراك على وجه الخصوص من وجود اللاجئين السوريين على أرضهم، تمثل مقاطعة «كيليس» التي تسمى بـ»المدينة النائمة» استثناء مثيرا للدهشة، حيث باتت رمزا للوئام العرقي، حيث يتحدث الأتراك والسوريون جيدا عن بعضهما البعض.

تكشف صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قصيرة لافتة لمدينة تعد الحضن الدافئ للاجئين السوريين الذين وصل عددهم إلى 3.6 ملايين شخص في تركيا وحدها، بالتواكب مع النبرة (السامة) المتزايدة التي تلاحق الفارين من بلادهم في كل مكان بأوروبا.

ونقل موقع قناة (الحرة) عن نيويورك تايمز أن النوم وسط بساتين الزيتون والفستق الحلبي في سهل بالقرب من مدينة على الحدود التركية السورية، كان ملجأ هادئا لعقود عديدة، قبل أن يتحول إلى حياة وموطن في ظل الملاحقة التي يعيشها السوريون من نظامهم القمعي.

كفاح البقاء

تقول الصحيفة «منذ بداية النزاع في مارس 2011، بدأ توافد اللاجئين والجرحى من مقاتلي الفصائل إلى درجة تضاعف معها عدد سكان كيليس، وهم رسميا نحو مئة ألف نسمة، «كما أن أعداد السوريين تتجاوز عدد الأتراك»، بحسب ما ذكرت فرانس برس.

وتصف الصحيفة التغيير الذي طرأ على كيليس بأنه «لا يمكن إدراكه»، حيث استقر 3.6 ملايين سوري في تركيا، لكن في الوقت الذي شكل فيه تدفق اللاجئين عبئا ثقيلا على المدينة التركية، جلب اللاجئون السورويون الطاقة إلى المدينة التي كانت «نائمة» سابقا، ولطالما كان مصير مدينة كيليس التركية مرتبطا بشكل وثيق بسوريا؛ فقبل الحرب ازدهرت تجارتها عبر الحدود، أما الآن فهي تكافح من أجل بقائها مزدهرة بفضل «الطاقة» التي منحها اللاجئون لها.

غيروا حياتهم

يقول قادر بيكر، وهو تركي اضطر إلى إعادة بناء شركته الصغيرة بعد انهيارها مع اندلاع الحرب «بعد وصول السوريين، تغيرت حياتنا كثيرا، لقد أفادونا في نواح كثيرة، نحن نعيش معا».

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد قبل المواطنون الأتراك الوافدين الجدد على نطاق واسع، على الأقل في البداية، بعد دعوة من الرئيس رجب طيب إردوغان لمعاملة السوريين الفارين من الحرب كضيوف، لكن هذا الترحيب تضاءل في العديد من المناطق، وأصبح الوجود طويل الأمد للاجئين السوريين قضية خلافية مريرة في الساحة السياسية.

بدأت أحزاب المعارضة تدعو علنا إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وحذر إردوغان مؤخرا من قبول موجة من اللاجئين الأفغان الفارين من سيطرة طالبان، وهذا الصيف، دعا عمدة بلدة صغيرة في وسط تركيا السوريين إلى المغادرة، «متذمرا من عدم قدرتهم على الاندماج ثقافيا وتعطيل الاقتصاد».

علاقات قديمة

وترجع أحد أسباب دفء الترحيب في كيليس إلى الجغرافيا، حيث تبعد خمسة كلم عن الحدود السورية على و48كم عن شمال مدينة حلب، وكثير من مواطني كيليس كانت لهم علاقات مع السوريين قبل الحرب.

وتشير نيويورك تايمز إلى تاريخ كيليس في التنوع العرقي والاضطراب، الأمر الذي قد يكون سببا في تعزيز الانفتاح على اللاجئين. وأضافت «بها عدد كبير من الأكراد الذين تم قمع ثقافتهم وتطلعاتهم السياسية منذ فترة طويلة في تركيا». وكانت أغلبية السكان المحليين في كيليس من اليهود والأرمن، حتى تسببت الاضطرابات في القرن العشرين إلى نزوح جماعي للفئتين، بحسب بعض السكان الأكبر سنا.

يذكر أن الصراع في سوريا أدى إلى مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين.

مقاضاة السواحل

وفيما يناضل السوريون من أجل البقاء في أوروبا، رفعت عائلة سورية قضية لدى محكمة العدل الأوروبية بعد خمس سنوات من ترحيلها إلى تركيا على الرغم من وصولها إلى اليونان وتقديمها طلبا لجوء وفقا للقوانين الأوروبية.

ونقلت صحيفة «الجارديان «إنه في خطوة غير مسبوقة، قررت شركة المحاماة الهولندية «براكن دي أوليفيرا»، رفع دعوى قضائية ضد «فرونتيكس»، الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل، التي أشرفت على الرحلة، نيابة عن الأسرة سعيا للحصول على تعويضات.

ونقلت الصحيفة عن ليزا ماري كومب، إحدى المحاميات الممثلات للعائلة «إن فرونتيكس اعترفت بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان، وأقرت بأن الأسرة لم تحصل على فرصة البت في طلب لجوئها»، وأضافت المحامية أنه من الضروري محاسبة الوكالة التى يمولها الاتحاد الأوروبي.

تذمر أوروبي

ويعتبر الكثيرون القضية فرصة لوقف الأوروبيين عن التذمر من اللاجئين السوريين، وتقول الصحيفة «يسلط هذا الإجراء، وهو الأول من نوعه أمام محكمة لوكسمبورغ، الضوء على الممارسة غير القانونية المتمثلة في عمليات الطرد على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وفقا لنشطاء صعدوا من دعواتهم لوضع حد للانتهاكات ضد اللاجئين».

وأشارت الصحيفة إلى أن فرونتيكس واجهت اتهامات بخرق المبادئ الأساسية التي بني عليها الاتحاد الأوروبي من خلال المشاركة في عمليات الطرد.

واعترفت الوكالة، التي تضم 660 ضابطا يعملون جنبا إلى جنب مع نظرائهم اليونانيين على الحدود البحرية والبرية والجوية لليونان، بأن الزوجين السوريين وأطفالهما الأربعة كانوا من بين 18 راكبا على متن الرحلة من كوس إلى مدينة أضنة جنوب تركيا، في 20 أكتوبر 2016.

وتقول العائلة، التي لم يذكر اسم أي من أفرادها في الدعوى القانونية لأسباب أمنية، إن مسؤولي الاتحاد الأوروبي واليونان «خدعوها» بعدما أخبروها أنها ستنقل جوا إلى أثينا بعد بدء طلبات اللجوء في اليونان.

انتهاكات علنية

ووصل أكثر من مليون سوري إلى اليونان في محاولتهم للوصول إلى بلدان أخرى في أوروبا في ذروة تدفق اللاجئين هربا من الحرب السورية.

ومنذ أكثر من عشر سنوات، تشهد سوريا نزاعا داميا تسبب بمقتل نحو نصف مليون شخص، ودفع أكثر من نصف السكان إلى النزوح داخل سوريا أو التشرد خارجها. واستنزفت الحرب الاقتصاد ودمرت البنى التحتية والمرافق الخدمية. وتشهد البلاد راهنا أزمة اقتصادية خانقة تفاقمها العقوبات الغربية.

وقبل أيام، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها، «إن عشرات اللاجئين السوريين الذين فروا من بلادهم هربا من الاضطهاد يتعرضون، بعد عودتهم، للانتهاكات العلنية على أيدي السلطات أو الجماعات المسلحة الموالية للحكومة».