انتخابات العراق تهدد بإبعاد الكاظمي

هزيمة ساحقة لأنصار طهران والميليشيات الإرهابية في بغداد
هزيمة ساحقة لأنصار طهران والميليشيات الإرهابية في بغداد

الثلاثاء - 12 أكتوبر 2021

Tue - 12 Oct 2021

رغم العمل الكبير الذي قام به رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على مدار الشهور الماضية، إلا أنه بات مرشحا للاختفاء من المشهد السياسي، بعد أن حقق التيار الصدري انتصارا كبيرا يمهد الطريق أمامه لخطف منصب رئاسة الوزراء باعتبارها الكتلة الأكبر في البرلمان.

ويطالب خبراء وسياسيون عراقيون باستمرار الكاظمي كمرشح توافقي لا ينتمي إلى التيارات المتنافسة في الانتخابات، لا سيما أنه نجح في كبح التدخلات الأجنبية في العراق وقلم أظافر الميليشيات الإرهابية الموالية لإيران، وشهدت البلاد خلال فترة إدارته خروج القوات الأمريكية من العراق.

ويرى مراقبون أن الكاظمي سيبقى ضمن أقوى المرشحين التوافقيين حظوظا، لتشكيل الحكومة الجديدة ما بعد الانتخابات سيما وأن الأمر قد يطول لأشهر حتى يتم التوافق بين مختلف الفرقاء كما جرت العادة.

قلب الطاولة

وقلبت نتائج الانتخابات العراقية الطاولة على تحالف فتح الذي يضم معظم القوى الحليفة لإيران بعدما تلقى هزيمة قاسية، في مقابل انتصار ساحق للكتلة الصدرية التي تقدمت في معظم محافظات وسط وجنوب البلاد ذات الغالبية الشيعية، وحصلت على أكثر من 73 مقعدا، الأمر الذي يغير معادلة السلطة رأسا على عقب، ويهدد بإبعاد الكاظمي باعتبارهم (الكتلة الأكبر) في البرلمان، مع تراجع حظوظ منافسيهم التي تؤكد خروجهم بمقاعد ضئيلة.

وحقق ائتلاف (دولة القانون) الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي تقدما ملحوظا بحصوله على نحو 37 مقعدا في مقابل 23 مقعدا في الدورة الماضية، وتعرض تحالف (قوى الدولة) الذي يضم رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إلى خسارة غير متوقعة، فالنتائج الأولية تشير إلى حصوله على نحو 20 مقعدا فقط، فيما كانت تزيد مقاعد الطرفين في الانتخابات السابقة على 35 مقعدا، وخرج إياد علاوي من المعادلة البرلمانية، رغم نشاطه في الترويج لحملة ابنته الانتخابية في بغداد، وكذلك خرج حزب الفضيلة من دائرة التنافس بعد أن كان ضيفا دائما على الدورات البرلمانية السابقة وبرصيد مقاعد تتراوح بين 5 – 9.

تداعيات سياسية

وتعرضت مفوضية الانتخابات إلى انتقادات شديدة رغم إشادة المراقبين بعملها خلال يوم الاقتراع، وجاءت الانتقادات على خلفية إخلالها بموعد الإعلان عن نسب المشاركة، وعن ارتباكها في إعلان نتائج الانتخابات.

وتعرضت لانتقادات أشد بعد إعلانها عن نسبة مشاركة بلغت41 % ويعتقد العضو السابق في مفوضية الانتخابات عادل اللامي أن النسبة لا تتجاوز الـ34 %، إذا ما أخذ في الاعتبار إجمالي عدد من يحق لهم التصويت البالغ أكثر من 26 مليون مواطن، وليس من عدد المسجلين في سجل الناخبين البالغ نحو 22 مليون مواطن مثلما فعلت مفوضية الانتخابات.

ورجج الباحثان خالد الأنصاري وسيلكان هاك أوغلو أن تكون للانتخابات البرلمانية العراقية التي اختتمت أمس الأحد، تداعيات على المستوى الإقليمي في ظل تطلعات العراق إلى دور جديد في المنطقة والإقليم، وسعيه للمشاركة في إعادة البناء.

مواجهة الفساد

وكتب الباحثان، في تقرير لوكالة بلومبيرج الأمريكية، إن الناخبين العراقيين حصلوا على فرصة مبكرة للحكم على أداء الحكومة العراقية، وأولوا الأهمية في اقتراعهم للتوزيع الطائفي، وللغضب من انقطاع التيار الكهربائي المعطل، وللفساد المتأصل، أكثر من رغبتهم في مساعدة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في «تهدئة المصدر الرئيس للتوتر في منطقة الخليج، وإصلاح صناعة النفط في بلاده».

ورغم ذلك، يعتبر الكاتبان أنه ستكون لهذه الانتخابات المبكرة التي جاءت على خلفية احتجاجات شعبية، تداعيات أوسع بكثير من هذه العناوين.

ويدرك الكاظمي أنه غير قادر على ضمان إجماع في السياسة العراقية لمعالجة الأزمات الداخلية، ويعرف أن بغداد في حاجة إلى جميع الأصدقاء الذين يمكنهم المساهمة في التعافي من سنوات الصراع المدمر.

تأجيل الصراع

ويعتبر الجنابي أن الكاظمي استطاع تأجيل الصراع الداخلي وليس حسمه، وقال «نقصد هنا الصراع المؤجل بين الدولة وقوى اللادولة، من ميليشيات وفصائل مسلحة، والصراع فيما بين هذه الأخيرة نفسها، ونتحدث هنا عن طموحات التيار الصدري، وأيضا طموحات الفصائل التي تستخدم هيئة الحشد الشعبي لتمرير سياساتها وفرض هيمنتها، فالحكومة نعم استطاعت تأجيل هذه الصراعات، لكن ليس وفق مصالح ومقتضيات الأمن القومي العراقي، التي تقتضي التعاطي الصارم مع هذه المجموعات المسلحة، وهو إن اعتبر منجزا للكاظمي لكنه مرحلي وليس استراتيجيا».

ويتابع «ويسجل لحكومة الكاظمي، أنها استطاعت انتهاج سياسة خارجية واضحة وثابتة للمرة الأولى، في انفتاحها وتعبيرها عن المصالح الوطنية العراقية، فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، وهذا انعكس داخليا بطبيعة الحال في مساعدة الكاظمي، الذي استطاع نوعا ما تخفيف الهيمنة الإيرانية المطلقة على العراق، عبر الانفتاح الواسع على العالم العربي، وطمأنة الداخل العراقي بأن هناك فرصا للتخلص من السيطرة الإيرانية عبر البوابة العربية».

مشهد مفتوح

ويقول الأكاديمي العراقي «إن الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها وتوافق الكتل السياسية العراقية على تكليف شخصية لتشكيل الحكومة القادمة، ومعالم رسم سياساتها الداخلية والخارجية، هي كلها تحديات جمة وقضايا شائكة».

وتابع «ووسط كل هذا يراقب صاحب الشرعية وهو الشعب والمنتفضون المشهد الذي ثمة احتمالات تعقد أكبر له وتدهور، إن لم تضع القوى السياسية التقليدية المصالح الوطنية فوق كل اعتبار».

وختم الأكاديمي قوله «للأسف لا بوادر في هذا الاتجاه، وبالتالي فالمشهد مفتوح على احتمالات متعددة، أفضلها استكمال نهج حكومة الكاظمي، مع محاسبة أركان النظام من مرتكبي الجرائم، والتوجه الحقيقي نحو بناء الدولة، وأسوؤها استمرار الارتهان للتجاذبات والتدخلات الإقليمية، والدوران في حلقات المحاصصة المرتهنة للخارج المفرغة».

منافسو الكاظمي

ونجح الكاظمي في 2020، أن يكون مرشح تسوية قادرا على الحصول على دعم رجل الدين الشيعي المؤثر مقتدى الصدر، وبعض المعتدلين السنة والأكراد العراقيين.

ويرى الباحثان خالد الأنصاري وسيلكان هاك أوغلو أن منافس الكاظمي الأكبر على منصب رئاسة الحكومة، هو هادي العامري، الذي تربطه صلات وثيقة بطهران، علما أن تحالفه حل في المرتبة الثانية في الانتخابات السابقة، كما يتنافس أيضا على المنصب، رئيسا الوزراء السابقان نوري المالكي، وحيدر العبادي.

ونقل الباحثان عن عراقي يدعى علي حسين، أن الكاظمي يستحق أن يحظى بفرصة إضافية، لإصلاح بعض مشاكل العراق. لقد وازن بين نفوذ الدول المجاورة، وبذل كل ما في وسعه من أجل الناس»، ويختم حسين بأن «الأمور في العراق ليست بهذه البساطة، قد تتمنى شيئا، لكن التسوية النهائية تأتي بشيء آخر. هكذا هي لعبة السياسة في العراق».

وصممت التغييرات الانتخابات الحالية لتعزيز فرص المستقلين، وخفض قوة الأحزاب القائمة. وكلاهما كان مطلبا مركزيا للمتظاهرين في 2019، لكن المرشحين غير المنتمين إلى المجموعات الرئيسة، كافحوا لإحداث تأثير منذ تقدم الكاظمي، بطلب تقديم موعد الانتخابات التي كانت مقررة في العام المقبل.

المرشحون لمنافسة الكاظمي:

هادي العامري

نوري المالكي

حيدر العبادي

تحديات كبيرة

وعن مستقبل الكاظمي السياسي في العراق، يقول أستاذ العلوم السياسية مهند الجنابي لـ»سكاي نيوز عربية» «من الناحية الدستورية والقانونية وحتى التطبيقية السياسية، نستطيع القول أنه ليس هناك ما يمنع من تكليف رئيس وزراء غير مرشح في الانتخابات، وبالتالي غير منتخب، وهناك سابقة في هذا الصدد، بتكليف رئيس الوزراء السابق عادل عيد المهدي، الذي شكل الحكومة ما قبل الحالية، التي سقطت بفعل مظاهرات تشرين الشعبية». ويضيف «لو أتيحت الفرصة لحكومة الكاظمي، بمعنى لو أن التحديات والقوى السياسية الداخلية كانت أقل حدة ورعونة، لكنا قد شهدنا إنجازات كبيرة تحققت خلال عهده، كانت لديه النوايا الحسنة، لكن التحديات كانت أكبر وأقوى، فحكومة الكاظمي تعهدت مثلا فور إعلانها بإجراء انتخابات مبكرة، وبحصر السلاح بيد الدولة، وبمحاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين، والآن والحكومة في آخر أيامها، لم يتم تحقيق شيء من تلك الوعود، سوى تنظيم الانتخابات المبكرة، وعليها ألف علامة استفهام، لجهة طمأنة الناخب العراقي لنزاهتها، وتبديد هواجسه حولها».

النتائج الأولية للانتخابات

73 مقعدا للتيار الصدري

41 مقعدا لتحالف تقدم

37 مقعدا لتحالف نوري المالكي

32 مقعدا للحزب الديمقراطي الكردستاني

15 مقعدا لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني

14 مقعدا لتحالف عزم

14 مقعدا لتحالف فتح