فيصل الشمري

الفرق بين النظام الجمهوري والديمقراطي الخالص الولايات المتحدة الأمريكية نموذج

الاثنين - 11 أكتوبر 2021

Mon - 11 Oct 2021

كان المؤتمر الدستوري الأول في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة فيلادلفيا عام 1789 بعد الاجتماع بين المندوبين عن الولايات الأولى سألت سيدة بنجامين فرانكلين وهو أحد المؤسسين لهذه الدولة الوليدة «ما نوع الحكومة التي اتفق عليها المندوبون؟» أجاب فرانكلين: جمهورية، سيدتي، إذا استطعنا الحفاظ عليها.

لماذا لم يقل ديمقراطية؟ لماذا قال جمهورية؟ أليس الولايات المتحدة الأمريكية ديمقراطية؟ أغلب العموم سوف تقول نعم هي ديمقراطية.

بعد هذه التساؤلات إذا لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية ديمقراطية وليست دكتاتورية أو تحكمها مجموعة صغيرة من النخب فما هي؟

في أمريكا الشعب هو المسؤول هذا هو بالضبط ما تعنيه الديمقراطية في اليونانية الأصلية «حكم الشعب» (ديموس).

لكن لماذا مؤسسي أمريكا لم يستخدموا مصطلح ديمقراطية لماذا استخدموا مصطلح جمهورية؟ لماذا رفضها المندوبون في فيلادلفيا؟

حكومة أمريكا الأولى تأسست وفق ميثاق وطني وهو الدستور. أمريكا تحكم وبالمؤسسات ووفقا للقواعد والمبادئ، التي تم إنشاؤها واعتمدناها عندما صادق المؤسسون على تلك الوثيقة الدستورية.

هل هذه المؤسسات تتحدث بشكل صحيح عن الديمقراطية؟ المؤسسون في الدستور أنشؤوا دولة مؤسسات لتصبح جمهورية أكثر منها ديمقراطية خالصة وفق المصطلح الديمقراطي اليوناني وأقرب لفكرة الجمهورية الرمانية (الإمبراطورية الرومانية).

الواقع، على الرغم من أن المؤسسين يؤمنون بـ «حكوم الشعب، من قبل الشعب، من أجل الشعب» كما قالها أبراهام لنكولن في خطاب جيتيسبيرغ، إلا أنهم لم يؤمنوا بالديمقراطية الخالصة غير المقيدة، لقد كانوا يخشون أن الديمقراطية، بالمعنى الدقيق للكلمة، تحتكم إلى حكم الغوغاء، خنق الحرية المدنية سيطرة الأغلبية على حقوق الأقليات، أخافتهم الديمقراطية النقية.

لذلك، بينما قاموا بتضمين عناصر ديمقراطية مهمة في الدستور، قاموا أيضا ببناء ميزات غير ديمقراطية لحماية الحرية ومنع الاستبداد، لم يكن الأمر ببساطة أنهم فضلوا حكومة ممثلين على الديمقراطية المباشرة رفضوا فكرة أن «فوز الأغلبية» ليصبح عند الأكثرية نتيجة عادلة وعند الأقلية غير عادلة.

جيمس ماديسون أحد المؤسسين وهو اليوم الشخص الموجودة صورته على عملة عشرة دولارات قال على وجه التحديد في التمييز بين الديمقراطية، التي لم يحبذها، والجمهورية وهو ما حبذه ودعمه أشار إلى أن هناك ميزة حاسمة للجمهورية هو «تنقيح وجهات النظر العامة من خلال تمريرها عبر وسطاء ممثلين ومنتخبين من المواطنين، والذين يمكن لحكمتهم أن تميز المصالح للبلد».

لهذا الحكومة تمثيلية منتخبة هيئات تشريعية ذات مجلسين (أي من مستويين) مجلس شيوخ أقل ديمقراطية ومجلس نواب ديمقراطي للغاية، كاليفورنيا بتعدادها السكاني الهائل لديها 52 ممثلا في مجلس النواب، وايومنغ لديها واحد، ومع ذلك، يوجد في وايومنغ عضوان في مجلس الشيوخ، نفس عدد ولاية كاليفورنيا وكل ولاية أخرى لها عدد متساو من الممثلين في مجلس الشيوخ اثنان عن كل ولاية. قد يقول داعم الديموقراطية الخالصة «هذا غير عادل!» يتمتع كل مواطن في وايومنغ بسلطة أكبر بكثير من كل سكان كاليفورنيا؛ لكن الداعم للدولة الجمهورية سوف يرد، نحن لسنا ولا ينبغي أن نكون ديمقراطية نقية. إذا كنا في ولايات ذات كثافة سكانية كبيرة مثل كاليفورنيا؛ فستطغى على احتياجات ومصالح الولايات ذات الكثافة السكانية الصغيرة مثل وايومنغ. هذا هو سبب تسميتها بالولايات المتحدة الأمريكية، كل ولاية لها هوية منفصلة خاصة بها؛ تجري انتخابات منفصلة خاصة بها، مثلما لا نريد أن يسيطر شخص واحد أو مجموعة صغيرة من الناس على الحكومة الفدرالية فنحن لا تسيطر ولاية واحدة أو مجموعة من الولايات القليلة على الحكومة الفدرالية.

نفس الشيء في الإجراءات الدستورية لاختيار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، كان الأرجح هو التصويت الشعبي العام المباشر. قرر المؤسسون بحكمة ضد هذا الخيار، بدلا من ذلك، أنشؤوا هيئة انتخابية لحماية مصالح الولايات الأقل كثافة سكانية وجعلها تنضم للاتحاد.

من شأن التصويت الشعبي المباشر على المستوى الوطني أن يحفز الحملات للتركيز بشكل حصري تقريبا على المناطق المكتظة بالسكان، يحفز الحملة الانتخابية للمرشحين للاهتمام فقط في الولايات الكبرى مثل كاليفورنيا ونيويرك وتكساس على حساب نيوهامشر ووايومنغ وغيرها من الولايات الصغيرة مما يجعل الانتخابات الرئاسية غير شاملة تطغى الولايات الكبرى على خيارات الولايات الصغرى؛ لهذا اختار مؤسسو الولايات المتحدة النظام الجمهوري على النظام الديمقراطي الخالص، بالطبع العناصر الديمقراطية في الدستور قوية جدا لكن أمريكا لم يتم إنشاؤها لتكون ديمقراطية خالصة لأسباب قوية للغاية.

«المزيد من الديمقراطية» لا يعني بالضرورة الأفضل لا يعني ذلك بالضرورة المزيد من العدل؛ لقد فهم المؤسسون ذلك جيدا.

mr_alshammeri@