محمد النفاعي

ماذا أقرأ؟

الخميس - 30 سبتمبر 2021

Thu - 30 Sep 2021

تقام سنويا أعراس ثقافية موسمية متمثلة بالمعارض الدولية للكتاب في مختلف الدول العربية، ونحن هنا في المملكة العربية السعودية نستعد لاحتضان معرض الرياض الدولي للكتاب ابتداء من الأول من أكتوبر ولمدة عشرة أيام.

وأيضا أطلقت كثير من المبادرات والمسابقات لتشجيع القراءة بهدف نشر ثقافة القراءة في المجتمع، الهدف من هذا كله هو الإسهام في تمكين وتشجيع القراءة وغرس مفاهيم الاطلاع بوصفها واحدة من أهم وسائل الإثراء المعرفي وتطوير الذات.

هنا يتبادر إلى ذهن زائر المعرض أو من له اهتمام بالقراءة، السؤال المكرر: ماذا يقرأ؟ وهل الأفضل أن يقتني رواية أم كتابا؟ القراءة بحد ذاتها هي المظلة الكبرى التي تندرج تحتها جميع الخيارات المتاحة لنا، وقد قيل «القراءة شجرة ثمارها لا تقدر بثمن».

ما يحدد الأفضلية هنا هو إشباع الرغبة الذاتية لممارسة القراءة أولا ومن ثم لاحقا يتم تحديد نوعية القراءة، أي يجب ألا تشغل نفسك بالإجابة عن هذا السؤال عندما تقرر أن تبدأ بالقراءة، لأنك ستضع الحواجز والعراقيل لنفسك بهذا التصنيف قبل أن تبدأ بقراءة ما يقع تحت يديك؛ فاعلم أن تحقيق الفائدة للقارئ يأتي تراكميا وطبيعيا مع مرور الزمن.

الرواية بأنواعها تجمع المعلومة أحيانا بالتسلية والخيال أما الكتاب فهو يقدم المعلومة بشكل رسمي ومباشر، في حالة وصول القارئ إلى أن يجعل الكتاب وسيلة تسلية فقد وصل إلى مرحلة عالية من العلم في ذلك التخصص.

الرواية متجددة وفيها مستويات مختلفة من الجودة والفائدة، وليس مستغربا أن تقرأ رواية وتعيد قراءتها بعد سنوات وكأنك تقرأها للمرة الأولى، هنا أيضا نتذكر مقولة عباس العقاد «اقرأ كتابا جيدا ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاثة كتب جيدة».

أرى من وجهة نظر شخصية، لكي تحب القراءة يجب أن تبدأ بالرواية، وأقرب مثال هو أن معظم محبي القراءة بدؤوا بقصص الأطفال والناشئة، فهي البذرة الأساسية للانخراط في عالم القراءة الواسع، تأتي الرواية بعد ذلك كتسلسل طبيعي لحب القراءة في تلك الفترة، عند هذه المرحلة العقل يطلب أكثر ولا يرضى بالقليل فيأتي الكتاب المتخصص ليملأ الفجوات ويسمو بالفكر، هنا تأتي مرحلة مفترق الطريق، البعض يتخلى عن الرواية لأنها حسب اعتقاده لا طائل منها فيتجه للكتاب فقط، أما البعض فيستمر بقراءة الرواية ولكن يكون أكثر اختياريا فيها وهدفه الأساس هو التسلية وكأنه يأخذ إجازة من مشاغله اليومية ولتجديد نشاطه الذهني، بل قد يبدأ بالكتابة بأنواعها من مقالات أو روايات أو كتب تخصصية عند مرحلة معينة من العمر.

على أية حال، القراءة بأنواعها وفي جميع مراحل العمر هي لبنة بناء للوصول إلى المعرفة، هذه المعرفة يجب استخدامها في تطوير ذواتنا من خلال التفكر والتأمل ومن ثم استحضار جميع هذه المعارف والمهارات للرقي بالتفكير من تفكير سطحي إلى تفكير ناقد وتوجيهه إلى الاتجاه الصحيح دون المساس بالثوابت الدينية والوطنية والمجتمعية.

ختاما بما أن المملكة العربية السعودية تستقبل معرض الكتاب مرتين في السنة، مرة في الرياض والأخرى في جدة، أتمنى أن تكون هناك استضافة جديدة سنوية لمعرض دولي للكتاب في المنطقة الشرقية قريبا إن شاء الله؛ فالمنطقة التي تحتضن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي الدولي إثراء، ومبادرته الرائعة «اقرأ»، والتي تنمو عاما بعد عام، قادرة بلا ريب على احتضان معرض للكتاب ولو بشكل محدود يقتصر على دور النشر السعودية مثلا كبداية.

msnabq@