عبدالله محمد الشهراني

المرافق أولى من المريض

الأربعاء - 29 سبتمبر 2021

Wed - 29 Sep 2021

دائما أثناء زيارتنا لمريض في المستشفى، وبسبب الحزن والحرص على صحته ومتابعة وضعه، نلاحظ أو ربما لا نلاحظ - بسبب الازدحام وقت الزيارة- وجود مرافق/ة للمريض. والمرافق شخصية مشغولة طيلة فترة البقاء في المستشفى، بين رعاية واهتمام بالمريض وبين تنظيم الزيارات واستقبال و(تضييف) الزوار، وبين المكالمات والرسائل التي يعدها لطمأنة الأحباب على حالة المريض.

المرافق بطبيعته شخصية مسؤولة مليئة بالقناعة، لا يتمنى إلا العافية لمريضه ولا يطلب إلا الدعاء، لكني أرى أنه هو الأولى بالاهتمام من المريض، فرعاية الأطباء والممرضين بعد رعاية الله منصبة على المريض، لكن ذلك المرافق النائم على الكنبة أو الأرض الباردة، المضطر إلى تناول المعجنات أو الشوكولاته الزائدة أو بقايا وجبة المريض، ذلك المرافق -الإنسان/ة- الذي تجده مجبرا على البقاء بلباس واحد لمدة ثلاثة أيام أو أكثر.

المرافق في العادة لديه ارتباطات عائلية وعملية والتزامات أخرى من مراجعات حكومية وأمور متعلقة بالبيت والسيارة... إلخ، أو قد يكون طالبا، فيعتذر عن فصل دراسي أو يسابق الوقت للحاق بالمحاضرات.

المرافق شخصية بشوشة تحب الناس ويحبها الناس، «رضي» لا يشكو ولا يتذمر، يبدي السعادة أمام الزوار، ويزرع التفاؤل في نفس المريض، له حوارات وعبارات تجمعه بالمريض، ويكاد يكون -المريض- هو الشخص الوحيد الذي يستشعر حقا تعب المرافق ويشفق عليه، يقول له المريض: (تعبت معايا يا فلان/ة)، (يا شيخ لا تقول كذا، متونسين مع بعض)، (بس أنت تارك أهلك وعملك وجالس معي) يقولها والعبرة تخنقه، ويرد المرافق عليه: (أهلي عندهم فلان، والعمل مديري ما قصر، إلا إذا مليت أو طفشت مني).. جابر خواطر، لا يريد أن يشعر المريض بأي شيء (يجي على نفسه).

السؤال وربما هو الهدف من المقال «ما الذي يمكن أن نقدمه للمرافق؟». في الحقيقة يمكننا وبكل سهولة تقديم الكثير، ويكون ذلك عادة على هيئة درجات.. تبدأ بالدعاء والشكر والدعم المعنوي وتنتهي بالأفعال.

من المفترض دائما ونحن نزور المريض أن نضع يدنا على كتف المرافق، ندعمه بالكلمات الطيبة والمحفزة، ندعو له بصوت مسموع ونباهي به أمام المريض، (يا حظك بفلان، لا تنساه من الدعاء)، وعند المغادرة أو قبل الوصول إلى المستشفى نسأل المرافق، (تحتاج شيء؟)، أما الأفعال وهي قمة التعامل مع المرافق، فتتجسد في أن يذهب الشخص إلى بيت المرافق مقدم الخدمة، أو يتواصل مع مديره في العمل ليطلعه على ظروفه، أو يتواصل أيضا مع دكتوره في الجامعة، أو يصطحب أبناء المرافق مع أهله في نزهة، أو يتواصل مع أولاده معبرا لهم عن إعجابه بدور والدهم في مرافقة أبيه أو أخيه.

إن كان يقال عن الممرضين «ملائكة الرحمة» وهم يطلون ساعات على المريض، فالمرافق مرتبته أعلى فهو يقضي الليالي والأيام مع المريض.

ALSHAHRANI_1400@