عبدالرزاق المدني

يوم العزة والشرف العظيم

الخميس - 23 سبتمبر 2021

Thu - 23 Sep 2021

في مثل هذا اليوم منذ واحد تسعين سنة سطر التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة بطولية قادها المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - على مدى 32 عاما بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م يوما لإعلان قيام المملكة العربية السعودية، وتوحيدها بفضل الله ومنته، وهو ما أتفق على تسميته باليوم الوطني.

لقد نجح الملك عبدالعزيز في تأسيس الدولة الحديثة التي واكبت عصرها وخططت لمستقبلها فحقق الإنجازات تلوها النجاحات بخطى سريعة مثل توطين البادية، وتشجيع التعليم، وإرسال البعثات، وإنشاء الوزارات والدوائر الحكومية، وتوسعة الحرمين، وخدمة بيت الله الحرام، واستقدام الشركات للتنقيب عن البترول، وتكريره، وإنشاء شبكات الطرق، وشبكات المواصلات والاتصالات.. وغيرها من المنجزات التاريخية، والحضارية التي تدل على إخلاص الملك المؤسس، وبعد نظره، وصفاء نيته، وقوة عزيمته.

كما حقق الملك عبدالعزيز إنجازات كبيرة في مجال إقرار الأمن والمحافظة على النظام في الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية لتوفير الراحة والاطمئنان للمواطنين والوافدين فضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بالأمن أو الإخلال بالنظام حتى أصبحت هذه البلاد مضرب المثل في جميع الأوساط الدولية على استتباب الأمن والاستقرار.

فقد كانت الحالة الأمنية في شبه الجزيرة العربية قبل الملك عبدالعزيز في أوضاع يرثى لها من التسيب والانفلات، وجاء الملك عبدالعزيز وأعلن تطبيق شريعة الله وهي شريعة الأمن والأمان للمجتمع الإسلامي، وبهذا التطبيق قضى على عصابات اللصوص وقطاع الطرق، واجتث شرورهم من جذورها، ونشر الأمن الشامل في جميع الربوع التي تتألف منها مملكته وصار هذا الأمن مضرب الأمثال في بلاد العالم.

ولكي تعرف الأجيال القادمة الدروس والعبر من قصة النضال والإصرار لموحد هذه البلاد، فمن التاريخ نستلهم الدروس، والعبر التي تفيدنا في بناء حاضرنا ومستقبلنا، وتحفزنا لنبدأ من حيث انتهى أسلافنا ونواصل المسيرة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله-.

حيث كانت الجزيرة العربية تعيش أوضاعا متدنية اقتصاديا، بحكم موقعها الجغرافي، والمناخ السائد في معظم مناطقها، فأنعم الله عليها في عام 1357هـ / 1938 باستخراج النفط بكميات تجارية في أول حقل للبترول (الغوار) بالمنطقة الشرقية، مما ساعد على ازدهارها وتقدمها بسرعة، حيث قامت المشاريع العملاقة في كافة المجالات والانفتاح للعالم بعد أن بدأت العملة السعودية تأخذ مكانها القوي بين عملات الدول الأخرى.

وانتشرت المشاريع الزراعية والصناعية والتجارية وبدأ التطور الحضاري بإنشاء الطرق البرية المسفلتة، وخط سكك حديد يربط الرياض بالدمام، وتم ربط أجزاء البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضع نواة للطيران المدني بإنشاء الخطوط الجوية العربية السعودية عام 1945، ومد خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر الأحمر، وافتتحت الإذاعة السعودية عام 1368 هـ / 1949.

واهتم المؤسس بمحاربة المرض وتوفير الخدمات الصحية، فأنشئت المستشفيات والمراكز الصحية الحديثة في مختلف مدن وقرى المملكة.

وبلا شك فإن المنجز التاريخي والحضاري الذي حققه الملك عبدالعزيز بعد التوحيد وضع خطه شامله، حيث إنه المعلم الأول لانطلاقة أبنائه البررة، وأحفاده الذين ساروا على نهجه وكذلك أبناء شعبه في هذه البلاد، حيث أصبحت في مصاف الدول المتقدمة في جميع المجالات.

فنحن ـ جميعا ـ حكاما ومحكومين ما زلنا نتعلم من مدرسة المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، ونستلهم من شخصيته العظيمة، وكفاحه، ونجاحه أهم الدروس التي تفيدنا في مواصلة مسيرة التقدم والبناء الحضاري والاجتماعي والاقتصادي.

وشهدت بلادنا تطورا ملحوظا في عهد كل ملك من أبناء المؤسس ـ طيب الله ثراه ـ، فهم يتبارون في استلهام مسيرة والدهم -رحمه الله- والسير على خطاه في تنمية البلاد وتطورها، والأخذ بكل جديد -بما لا يتنافى مع مبادئ الشرعية- لتحقيق المزيد من الرخاء والازدهار لشعبها الأبي.

فمنذ عهد الملك سعود، مرورا بعهد الملك فيصل، ثم عهد الملك خالد، وعهد الملك فهد وعهد الملك عبدالله ـ يرحمهم الله جميعا، وصولا إلى عهد قائد مسيرة العزم والحسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهما الله ـ وبلدنا العظيمة تسير في مسار الرقي والتطور والتقدم السريع حيث ينظر إليها العالم، وجعلها ـ بتوفيق من الله ـ في مصاف الدول المؤثرة التي لها حضور قوي في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.

وستظل بلادنا الغالية تستمد قوتها وعزمها من الله عز وجل، ثم من تاريخها العظيم الذي يتجسد في اليوم الوطني وسرعان ما نجدها في الأوائل من الدول العشرين وبحكمة سمو أميرنا ورؤيته الخارقة 2030 نرى تحقق كثير من الأعمال والمشاريع التي سوف تكتمل سعيا لتحقيق الأهداف الرامية للوصول إلى القمة وبهمة شعبها الأبي الذي يسعى لذلك وراء قادتها العظماء حفظهم الله وحفظ بلادنا من كل شر وكل حاسد وحاقد.. دمت لنا ذخرا وعزا ومجدا يا وطني الغالي.