ياسر عمر سندي

العصا السحرية للمعجزة التعليمية

الأربعاء - 08 سبتمبر 2021

Wed - 08 Sep 2021

التعليم لا يعني التلقين من جهة واحدة فقط، ولا يعني كثرة الدروس والكتب، ولا يعني استخدام العصا تخويفا وترهيبا، ولا يعني مهنة من لا مهنة له، ولا يعني الوظيفة لمجرد الحصول على الراتب.

التعليم في معناه العميق رسالة راقية بمحتواها المقنن ومضمونها المتقن، يحملها الإنسان لإنسان لينقله من مرحلة إلى مرحلة بالتأثير الملهم والنموذج المفعم والأسلوب المحترم والانضباط المبرم بين الطالب والمعلم.

فنلندا جمهورية صغيرة شمال أوروبا تعتبر ثامن أكبر بلد أوروبي من حيث المساحة وأقل بلدان الاتحاد الأوروبي من حيث الكثافة السكانية يبلغ سكانها حوالي 5.5 ملايين نسمة حازت على المرتبة الأولى عالميا في التعليم بحسب تصنيف البنك الدولي، وأطلق عليها «المعجزة التعليمية» بسبب ما قدمته وتقدمه من إنجازات فريدة من نوعها تجاه هذه الرسالة العظيمة.

نظام التعليم في فنلندا يعتمد على نظرة فلسفية تربوية أصيلة من توليفة متخصصين وخبراء في مجال التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع والمعرفة والإدارة.

استخدمت فنلندا مبدأ العصا السحرية لاستخراج منظومة العمل المتكامل المرتكز على مخزن الطلاب العقلي وإبداعاتهم المعرفية اللاصفية بأساليب منهجية تستنبط الأفكار ومن ثم رعايتها وتنميتها للتحول إلى واقع ملموس بعدد من الركائز ميزت بذلك فنلندا حتى أصبحت من أقوى دول العالم قاطبة في نظامها التعليمي وهي:

المعلم أولا للمحافظة على قيمته وقامته في المجتمع، حيث يتم عمل عدة مقابلات شخصية تقاس من خلالها النواحي النفسية والإمكانات التخصصية والخلفية المعرفية والمهارات الإبداعية بالإضافة إلى سرد المواقف والخبرات في العمل التطوعي المجتمعي والتي لا يمكن أن يتخطى تلك المقابلات سوى المؤهلين والمتميزين والراغبين فعلا لأداء رسالة المعلم وليس وظيفة الملقن ومن حيث الرواتب يتحصل المعلم على أعلى أجر بالإضافة إلى أقل دوام من الساعات حتى يتم منحه القدر الكافي من الاستعداد للطاقة البدنية والقابلية الفكرية.

الاعتماد على اختبار عام وشامل يطلق عليه «امتحان القبول الوطني لقياس مدى الوعي المرحلي والنضج المعرفي من خلال عدة محاور مثل كيفية تطوير الذات، والنظرة إلى الوظيفة المستقبلية، وأهمية انتقاء الغذاء الصحي، وتنمية الاستعداد السياسي نحو إيجاد حلول للمشاكل والعنف والحروب القائمة وتعزيز الميول الرياضي والأخلاقيات والسلوكيات، والطالب الذي يحصل على الشهادة الأكاديمية يطلق عليه «شخص ناضج» مؤهل ليستكمل دراسته الجامعية.

اللعب ثم اللعب ثم اللعب، حيث تركز المنظومة التعليمية على تنمية المهارات الفكرية والعمليات العقلية العليا كالفهم والإدراك والانتباه والتحليل والتصور وبناء الرأي من خلال ترك المجال للأطفال بحرية اللعب بأوقات أكثر من أوقات الدروس والواجبات والفروض اليومية النظامية التي لا تتجاوز مدة حلها نصف ساعة. بمعدل 80% للعب مقابل الالتزام التعليمي 20%.

مجانية التعلم والتعليم وفتح المجال لجميع الطلاب بمختلف المراحل وعدم إلزامهم بزي موحد وحرية ارتداء الهندام اللائق لحضور المدرسة ودمج مختلف المستويات العقلية مع بعضهم البعض بالإضافة إلى نظام توفير الوجبات والباصات العامة لمن تبعد منازلهم أكثر من 3 كيلومترات عن مدارسهم.

التطوير المبنى على أفكار المستقبل واستشراف الأجمل وعدم التشبث بإنجازات الماضي ونجاحاته البائدة الذي اعتبرته الدكتورة «كريستا لونك» أستاذة علم النفس التربوي من جامعة هلنسكي «اجترارنا لكل نجاحاتنا السابقة سيبقينا في دائرة التخلف المستدام إذا ما تشاركنا معرفيا مع غيرنا حتى وإن أصبحنا نحن في المقدمة».

فلسفة فنلندا «العصا السحرية للوصول إلى المعجزة التعليمية» بالتركيز على إبداعات الأبناء ودعم المعلمين وتنميتهم والانفتاح على تجارب الآخرين وفهمهم.

Yos123Omar@