عبدالله قاسم العنزي

ملامح نظام التكاليف القضائية

الأحد - 05 سبتمبر 2021

Sun - 05 Sep 2021

يعتبر حق اللجوء إلى القضاء من الحريات العامة، فهو حق دستوري مكفول لكل شخص، فلن يكون لاستقلالية القضاء أي معنى إذا لم يستطع المواطن اللجوء إلى القضاء بكل حرية للدفاع عن حقوقه، وكما يقال: لا قانون بلا قاض ولا حق بلا قضاء يفرضه.

إلا أن هذا الحق الدستوري -أي التقاضي- ثبت استعماله في الإضرار بالغير دون وجود مصلحة فيه سوى الكيد واللدد في الخصومة، وعلى ذلك سعت كافة التشريعات للحد من ظاهرة الاعتداء في استخدام حق التقاضي والكيد في الخصومة إلى فرض رسوم قضائية تصفها بعض التشريعات بالرمزية مقابل رفع دعوى أمام المحاكم المختصة.

وقد صدرت موافقة مجلس الوزراء على نظام التكاليف القضائية، والذي يتضمن تسع عشرة مادة تهدف إلى الحد من الدعاوى الكيدية أو الصورية، وتوجيه المتقاضين إلى اتخاذ طريق الصلح لإنهاء نزاعاتهم، إضافة إلى الحث على توثيق التعاملات والعقود.

وعليه فإن التكاليف القضائية تترتب على من هو طرف في الخصومة ويكون قد خسرها، بمعنى أن يكون قد حصل على حكم برفض طلبه إن كان مدعياً أو أن يتم الحكم عليه بالطلبات المعروضة على المحكمة إن كان مدعى عليه.

ولا يزال مبدأ مجانية القضاء نافذا بقوة النظام، ولذلك لا تسري أحكام نظام التكاليف القضائية على الدعوى الجزائية العامة والطلبات المتعلقة بالتنفيذ أو الدعاوى التي تختص بها محاكم الأحوال الشخصية، وأيضا الدعاوى التي تختص بها المحاكم الإدارية، ولم يغفل النظام إعفاء الإنهاءات والطلبات المتعلقة بها. ومحصلة ما سبق أنه تبين بعض الملامح الرئيسية للنظام، ونجملها على النحو التالي:

أولا: إذا قررت المحكمة شطب الدعوى أو حكمت بصرف النظر عنها لعدم تحريرها -مثلا- ورغب المدعي في استمرار النظر في دعواه فتكون تكاليف الرجوع للدعوى معادلة لنسبة (25%) من التكاليف الأصلية لتقديم الدعوى بشرط ألا يتغير موضوعها أو أطراف الخصومة فيها، وتكون خلال سنة من تاريخ الشطب أو الحكم بصرف النظر، وإذا حكم بعدم الاختصاص فلا تستحق تكاليف جديدة لإقامة الدعوى أمام المحكمة المختصة ما لم يتغير موضوع الدعوى.

ثانيا: في طلبات النقض والتماس إعادة النظر والطلبات العارضة وإدخال الخصوم -بمعنى وجود أطراف متعددة في الدعوى- وكذلك طلبات رد القاضي أو طلبات أحد الخصوم بالسير في الدعوى الموقوفة اتفاقا قبل انتهاء المدة المتفق عليها لوقف الخصومة، تفرض رسوم قضائية بمبلغ لا يزيد على عشرة آلاف ريال وفقا للمعايير التي تحددها اللائحة التنفيذية.

ثالثا: تخفض التكاليف القضائية إلى الربع في حالة الصلح أمام المحكمة متى كان الصلح بعد رفع الجلسة الأولى وقبل الحكم فيها بحكم ابتدائي أو مسألة فرعية.

رابعا: ترد التكاليف القضائية المدفوعة متى تبين عدم وجوبها على دافعها مثل طلب تفسير الحكم وتصحيحه إذا قضى بإجابة الطلب أو طلب رد القضاة إذا قبل طلب الرد أو حكم لصالح دافع التكاليف القضائية.

خامسا: يعفى المسجونون والموقوفون وقت استحقاق التكاليف القضائية في قضايا مالية بشرط ألا تنشأ من جريمة في الدعاوى التي تقام منهم أو عليهم.

سادسا: ليس على الدعاوى العمالية تكاليف قضائية بشرط أن يكون الطلب ناشئا عن عقد العمل، بمعنى أن رب العمل إذا رفع دعاوى على العامل في تسريب معلومات أو منافسة في ذات العمل فإنه يكون عليه تكاليف قضائية.

وفي الختام: فإننا بانتظار اللائحة التنفيذية التي ستبين بكل وضوح مقصود المنظم السعودي في فرض أحكام النظام وكيفية تطبيقها على الوقائع القضائية.

expert_55@